كتاب الكون لكارل ساغان... كل ما في الكون ببساطة
كتاب >>>> الكتب العلمية
ربّـما أوّل ما قد يدفعك لقراءة كتاب الكون هو حكايته التي اُخـتُـتِـمَـت بظهور هذا الكتاب إلى العالم الخارجي. تبدأ الحكاية من العام 1976، عندما قام «كارل ساغان» مع فريق مركبة "fighting" الفضائـيّـة برحلتهم، والتي كانت أولى الرحلات إلى كوكب المريخ، والنّـتـائج الـمُـذهلة التي عادوا بها.
لم يُـعِـر الإعلام هذه الرحلة الناجحة أيّ اهتمام، وذلك بحسب ما قال كارل في مقدّمة كتابِـه لأنّ مجموعة من الصّـحفيّـيـن مِـمّن يروّجون لفكرة أنّ كوكب المريخ هو أكثر الكواكب مشابهةً لكوكب الأرض، وأنّـه ربّـما سيتمكّن البشر من العيش على سطحه قريبًا، خافوا فقدان متابعة النّـاس لهم إذا انتشرت النتائج التي عاد بها كارل والتي تقول بأنّ كوكب المريخ لا يشابه الأرض وحتّـى أنّ سماءه ذات لون أصفر يميل للورديّ.
بالطّـبـع فإنّ رجلًا مثل ساغان لن يَـتـوقّـف هنا، فاتّـفَـقَ مع أحد المسؤولين عن المركبة على أن يقوموا بإنتاج مسلسلٍ تلفزيونيّ أسماهُ «الكون» من ثلاث عشرة حلـقـةً تمتدّ الواحدة منها لساعةٍ كاملة. ولم يكتفِ بذلك بل قام بتأليف كتابٍ يحملُ اسم البرنامج نفسه ويتناول الموضوعات نفسها، مكوّن من ثلاثة عشر فصلًا، كلّ فصلٍ فيه يوازي حلقة من البرنامج.
يقسم هذا الكتاب إلى عشرة فصول تتحدث عن كوننا العظيم بأسلوب بسيط يمكن للقارئ العادي أن يفهمه ، وهذه الفصول على الترتيب: شواطئ المحيط الكوني، صوت واحد في الترنيمة الكونية، الجنة والجحيم، أغان حزينة للكوكب الأحمر، قصص المسافرين، السفر في الزمان والمكان، حياة النجوم، حافة الأبدية، موسوعة المجرات، ومن يتكلم باسم الأرض؟
الفصل الأول (شواطئ المحيط الكوني): "إن سطح الكرة الأرضية هو شاطئ المحيط الكوني ومنه تعلمنا أغلب مانعرفه، ومؤخراً نزلنا قليلا إلى البحر وبما يكفي لتبليل أصابع أقدامنا فقط، أو ربما وصلت الماء إلى رسغ القدم. ولكن الماء يبدو جذابا، والمحيط يدعونا إليه وثمة جزء من كياننا يدرك أننا جئنا من هذا المكان ونحن نشتاق إلى العودة".
يوضّح هذا الاقتباس سبب تسمية هذا الفصل باسمه، وفي هذا الفصل يقدم كارل لمحة سريعة عن المجرّات، النجوم والكواكب التي تسبح في فضاء الكون، بالإضافة إلى تاريخ العلم ومحاولات الجنس البشري منذ القدم اكتشاف الكون.
الفصل الثاني (صوتٌ واحدٌ في الترنيمة الكونية): يتحدّث سيغن في هذا الفصل عن تاريخ الحياة على سطح الأرض، تلك الحياة التي بدأت بأبسط أشكالها في البحار وصقلها التطور إلى أن أصبحت بالأشكال شديدة التعقيد التي نعرفها في يومنا الحالي، ويتساءل: هل موسيقا الحياة التي نعرفها هي الصوت الوحيد في تلك المسافات التي يقطعها الضوء في آلاف السنين أم ثمّة أنواع أخرى من الأصوات الكونية ذات الألحان العادية، المغايرة، المتنافرة، المنسجمة والمشكّلة
مليارات الألحان التي تعزف موسيقا الحياة في المجرة؟
الفصل الثالث (الجنة والجحيم): في هذا الفصل نتعرف على المذنبات و النيازك وعن أفكار الإنسان عنها على مر العصور، كما نتعرف على كوكب الزهرة الذي اعتُقد سابقاً أنّه مشابه لكوكبنا بسبب عدم توافر المعطيات الكافية، ولكن تبين لاحقاً أنه أشبه بالجحيم مقارنة بجنة كوكبنا الأزرق، وسنقرأ عن تجربة سيغن وتنبؤاته والاكتشافات بما يخص كوكب الزهرة.
الفصل الرابع (أغان حزينة للكوكب الأحمر): نقرأ في هذا الفصل كيف جعل بعض العلماء والناس من المريخ مسرحاً لتوقعاتهم بوجود حياة أخرى على سطح كوكب آخر، ونعرف أن بعض الأسباب التي دفعتهم لذلك، إلّا أنه مع تطور العلم وإرسال المركبات الفضائية إلى المريخ والتعرف على بنية ومناخ الكوكب الأحمر، خُيّبت جميع تلك الآمال والتوقعات، وظهرت آمال جديدة بتحويل هذا الكوكب إلى كوكب مشابه للأرض واستيطانه.
الفصل الخامس (قصص المسافرين): يخبرنا هذا الفصل كيف تطورت وسائل السفر خلال القرون السابقة حتى وصلنا إلى زمن السفر في محيطات الفضاء الكوني، كما يخبرنا عن هولندا القرن السابع عشر التي شهدت ازدهاراً سياسياً و اقتصادياً وعلمياً وانفتاحاً فكرياً، فاستقطبت الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين ممّا جعلها خطوة مهمة لجنسنا البشري نحو الفضاء، ثم نقرأ عن القصص التي وصلتنا من مركبتي فوياجير عن كوكبي المشتري وزحل وأقمارهما.
الفصل السادس (السفر في المكان و الزمان): يطلعنا هذا الفصل في بدايته على النجوم وسلوكها، فالنجم يولد والنجم ينمو والنجم يموت، ثم يحدّثنا بشكل مبسّط عن النسبية وعن مدى إمكانية السفر نحو النوم بسرعة الضوء، وعن مدى إمكانية السفر إلى المستقبل والماضي.
الفصل السابع (حياة النجوم): يتعمق هذا الفصل في حياة النجوم من البداية إلى النهاية، ويوضّح كيف أن ذرات جميع العناصر التي نعرفها ولدت في النجوم، كما يعطي فكرة بسيطة عن الثقوب السوداء.
الفصل الثامن (حافة الأبدية): يتحدث هذا الفصل عن الانفجار الكبير وتوسّع الكون، وكيفية الاستدلال على ذلك، كما يقدّم عدة فرضيات موجودة عن مستقبل الكون.
الفصل التاسع (موسوعة المجرات): يناقش هذا الفصل احتمالية وجود حضارات أخرى مشابه لحضارة جنسنا البشري أو مختلفة عنها في مجرتنا، كما يناقش فكرة التواصل بيننا وبين هذه الحضارت إن وُجدت، ومحاولاتنا في هذا المجال.
الفصل العاشر (من يتكلم باسم الأرض؟): يتحدث هذا الفصل عن الكوارث التي سيُلحقها نشوء حرب عالمية نووية بالجنس البشري، وعن دورها في إفنائه، فإن حرباً مثل هذه لن تكون مستحيلة بوجود الأسلحة النووية الحالية كمّاً ونوعاً، كما يناقش فكرة نزع السلاح النووي وتحويل مبالغ المال الهائلة التي تُصرف على الأسلحة والحروب إلى رحلات الاستكشاف الفضائي التي تعاني من الافتقار إلى التمويل الكافي رغم أهميتها الكبيرة في حياة الجنس البشري، ويختم هذا الفصل الكتاب بالعبارات التالية "فنحن إنما نكون تجسيداً محلياً لهذا الكون نما إلى مرحلة الوعي الذاتي. و نحن لم نبدأ إلّا الآن باكتشاف منشئنا. ومانحن إلا حفنة من مادة النجوم تتأمل في النجوم ذاتها، أي أننا عبارة عن بلايين البلايين من الذرات المنتظمة التي تفكر في تطور الذرات، وتتابع مراحل الرحلة الطويلة التي نشأ فيها الوعي في موقعنا نحن على الأقل. و بالطبع فإن ولاءاتنا تنتمي إلى الأنواع التي تعيش على كوكبنا. أي أننا نتحدث باسم كوكب الأرض. أما واجبنا في الاستمرار والبقاء فنحن ندين به لا لأنفسنا فحسب، و إنما لهذا الكون الرحب و السحيق في المدى الذي انبثقنا عنه ".
يُـلَـبّـي سيغن في كتابه الكون شغف الإنسان تجاه اكتشاف الكون والفضاء بعمق وبأسلوبٍ مُـحَـبّـب. وقد ترغبُ في قراءتِـه أكثـرَ من مرّة أو أن تُـسَـجّـل ملاحظاتٍ حول المعلومات الواردةِ في الكتاب كما كان الكتاب بمثابة ملاحظات حول الكون.
المؤلف : كارل سيغن
المترجم : نافع أيوب لبّس
الناشر: عالم المعرفة
تاريخ النشر :1978
عدد الصفحات : 292