سنعيد كتابة العلم بأبجدية عربية

  • الرئيسية
  • الفئات
  • الباحثون السوريون TV
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • About Us
x
جارِ تحميل الفئات

علماءُ اللّغةِ غيرُ متحمّسينَ لأزرارِ فيسبوكْ التّفاعليةِ الجديدة!

اللغويات >>>> اللغويات


تم حفظ حجم الخط المختار

Image: http://www.wired.com/wp-content/uploads/2016/02/Reactions11-1024x768.jpg

يمكنك الاستماع للمقالة عوضاً عن القراءة

عندَما يغضبُ طفلٌ في سنِّ الأربعةِ أشهرَ يتبدّلُ لونُ وجههِ إلى الأحمرِ القانِي، بينَما يغرغرُ بالضّحكِ عندما يقابلُ شيئاً مضحكاً، ويقولُ "آآآه" عندما يتفاجئُ بشيءٍ ما، وهذه كما تعلمون كأزرارِ الفيسبوك التعبيريّة مؤخراً، ولكن ما رأيُ علماءِ اللّغةِ بحزمةِ الأزرارِ التَّفاعليَّة الجديدةِ تلك والّتي أطلقَها موقعُ فيسبوك مؤخراً؟ فلنتابعِ الإجابةَ في مقالنا التَّالي.

كَما نعرفُ جميعاً قامَ موقعُ التّواصلِ الإجتماعيِّ الفيسبوك مؤخّراً بإطلاقِ حزمةِ رموزٍ تفاعليّةٍ تعبيريّةٍ مرتبطةٍ بمشاعرِ المستخدم، وأرادَ الموقعُ أن يقومَ النّاسُ بالقيام بأكثرَ منَ "الإعجاب" بمنشورِ أحدهمْ، حيثُ تعبِّر الرّموزُ المولودةُ حديثاً بالإضافة إلى الإعجاب عن الحبِّ والسعادةِ والحزنِ والغضبِ والدّهشةِ (Wow) والضحك (Haha) ، ولا يوجدُ في واقعِ الأمرِ أيّةَ قواسمَ مشتركةٍ بينَ هذه الكلماتِ، وهذا ما قدْ يكونُ مزعجاً لبعضِ "أصوليّي اللغةِ" أمثالُ جيوف بولوم -وهو أحدُ علماءِ اللغّة في جامعة إيدينبيرغ- حيثُ يقولُ بأنّ "تقعُ هذهِ الكلماتُ ضمنَ فئاتٍ مختلفةٍ جذريّاً، فيبدو أنه تمَّ التخلُّص من النّحو واستبدالهِ بصخبٍ أشبَه بذلك الذي يصدرُ عادةً عن الحيواناتِ أثناء تواصُلها".

وتملُكُ كلماتِ ردّاتِ الفعلِ الخاصّةِ بالفيسبوك استخداماتٍ قواعديّةً مختلفةً في اللّغة الإنكليزية فكلمةُ "حب" (love) مثلاً يمكنُ أن تكونَ إمّا إسماً أو فعلاً وفقاً للمعنى المقصودِ من قبلِ المستخدمِ، أمّا كلمتَي "الحزن"(Sad) و "الغضب" (Angry) فهمَا صفاتٌ في اللّغة الإنكليزيّة، وبالنّسبة لتعبيرِ "الدّهشة" (Wow) فينتمي إلى فئةِ تعابيرِ التّعجبِ بالإضافة إلى تعبير "الضحك" (Haha) ، بينما تعتبرهُ سوزان هيرينغ صوتاً لاكلامياً وهي عالمةُ اللّغة في جامعة إنديانا والمهتمّة بدراسة اللّغة المستخدمة ضمنَ وسائلِ التواصل الاجتماعي.

ويتّفقُ بولوم وهيرينغ على أنّ التركيبةَ اللّغويةَ لرموزِ الفيسبوك الجديدةِ غيرُ مفهومةٍ، فعندما يطلبُ منك الفيسبوك الاستجابةَ لتحديث الحالةِ مستخدماً مجموعةَ الكلماتِ الستَّةِ تلك فإنّهم يطلُبونَ من دماغِك القيامَ بشيءٍ معقّدٍ نوعاً ما، حيثُ يتمثّلُ ذلك بملئِ جملةٍ ضمنيةٍ أو إلى "إسنادِ" فاعلها بتكملةٍ، وهذا ما يسمّيه علماءُ البرمجةِ اللّغويةِ "الاستخلاصُ"، فتكمنُ المشكلةُ في عدم انتماء هذه التعابيرِ إلى فئةِ الكلامِ نفسها مما يتطلّبُ إسناداً مختلفاً لكلٍّ منها.

فعندمَا تقومُ بالضّغط على رمزِ "الحب" (love) مثلاً لابدَّ لدماغكَ من الإكمالِ التّلقائيِّ للعبارةِ الضِّمنية "أنا أحب هذا"، وهذا لا يبدو سيئاً حتّى الآن، ولكنَّ الأمورَ تصبحُ غيرَ مألوفةٍ عند استخدامكَ لأحدِ الصّفات، فاختيارك لرمز "السّعادة" (Happy) أو "الحزن" (Sad) فذلك لا يعني "أنا أحبّ هذا" أو "أنا حزينٌ لهذا" بَل "هذا يجعلني سعيداً" أو "هذا يجعلني حزيناً" فيبدو هذا منطقياً، ولكنّ الجهدَ العقليَّ المبذولَ لتطويعِ السياقاتِ المرتبطةِ باستخدامِ هذه التعابيرِ ليس بيسيرٍ، فتختلفُ مشكلةُ رمزِ "الدهشة" (Wow) و"الضحك" (Haha) بحيث يتموضَع هذانِ الإثنانِ بشكلٍ طبيعيٍّ خارجَ نطاقِ الجُملة، لذا فإنَّ دماغكَ ليس بحاجةٍ أنْ يستخلصَ أيَّة تكملةٍ لهذين التعبيرين على الإطلاق ، ويبدو هذا أمراً جيّداً ولكنّه في الوقت ذاته متناقضٌ للغاية.

تقولُ هيرينغ "إنه لأمرٌ مربكٌ قليلاً كونُ هذه التّعابيرِ لا تنتمي لفئة الكلام نفسِها"، لذا فقد قامتْ هيرينغ بتجربةٍ لعقلنةِ ردّاتِ الفعل التعبيريَّة هذه، فقامت أولاً بتحويلها جميعاً إلى أفعالٍ، فلم يجدِ ذلك نفعاً مع تعبيرِ "الغضب" حيثُ لم يكنْ من الممكنِ القولُ "أنا غضب" (I anger*) خاصةً أنّ تعبيرَ الفيسبوك لا يتيحُ لهذا الفعلِ الارتباطَ بمفعولٍ به، فحاولتْ هيرينغ ثانيةً الافتراضَ بأنّ جميعَ تلك التعابير صفاتٌ، ولمْ يجدِ ذلك نفعاً مرةً أخرى حيثُ من الممكنِ القولُ "أنا حزين" (I am sad) أو "أنا غاضب" (I am angry) بينما للتّعبير عن "الحب" يجبُ أن تقول (I am pleased) أو (I am delighted) مما يعطي معنىً مختلفاً ولا ينطبقُ على الرّمز التعبيريّ التّفاعليّ نفسه.

ويبدو أن معاملةَ جميعِ التعابير كأسماءٍ قد يجدي نفعاً، ويذكِّرنا هذا بعُرفِ الإنترنت بتحويلِ الأفعالِ إلى وجوهٍ تعبيريّةٍ أو "إيموتيكونز" تعبّر عن تلك الأفعال، فيمكن على سبيلِ المثالِ تحويلُ الحزنِ إلى "وجهٍ حزين" والغضب إلى "وجهٍ عبوس"، بينما تتحول الضحكة (Haha) إلى "وجهٍ ضاحك" وعلى هذا المِنوال.

ويقرّبنا هذا أكثرُ ممّا يعتقدُ بولوم أنَّه الجوهرُ الحقيقيُّ لردَّاتِ فعل الفيسبوك التّعبيريَّةِ الجديدةِ حيثُ يقولُ بأنَّ "يشبهُ الوجهُ السّعيد صرخةَ ابتهاجٍ، ويشبهُ الوجهُ الحزين صوتَ عدم الرّضا، بينَما يشبهُ وجه الدَّهشة (wow) فتحَ العينين والفم، أما الضحك (Haha) فيشبه القهقهةَ ضحكاً"، ويضيف قائلا "تمثّل هذه الرموزُ بديلاً لصياحٍ وإيماءاتٍ للتعبيرِ عن حالاتٍ داخليَّة، ولكنَّ هذا يفتقرُ إلى القواعد اللُّغوية والمعنى اللَّذين يميزانِنا كبشرٍ عن الحيواناتِ والمخلوقاتِ الأخرى".

وهناكَ مشكلةٌ أخرى تكمُنُ في تعيين الفيسبوك لكلمةٍ لكلٍّ من التَّعابيرِ التَّفاعليّة الجديدةِ مستبعداً بذلك الغموضَ المثيرَ الذي يميِّز الرموزَ التَّعبيريّة التقليدية "الإيموتيكونز"، فلو لمْ يقمْ الفيسبوك بهذا لكانَ من المُمكن استخدامُ الرّمزِ التّفاعلي ذِي الفمِ المفتوح للتّعبير عن الخوفِ أو الصّدمة على حدٍّ سواء، ولكنْ يتمُّ تقييدُ هذه الرموزُ نحوياً ما إنْ تُعيّنَ بنصٍ مسبقٍ لكلٍّ منها- وفقاً لهيرينغ - هذا وقدْ رفض ممثلو فيسبوك التّعليق.

اللُّغــَـــــــاتُ تســيرُ قُدُمــَـاً:
يوافقُ هيرينغ وبولوم على أنّ مشكلةَ "الإسنادِ" أو "الإكمالِ اللّغوي" للرموزِ التَّعبيريّة لن يمثّل أيّةَ مشكلةٍ للستمئة مليونِ مستخدمٍ لموقع فيسبوك، وأنَّ معظمَ الأشخاصِ لنْ يفكِّروا بالجملةِ الكاملةِ حينَما يضغطونَ على أحدِ أزرار التّفاعل تلك، وسرعانَ ما ستَّتخذُ ردَّات الفعلِ هذه معانٍ جديدةٍ لتتناسبَ مع احتياجاتهم، فمثلاً يجبُ أن نتذكَّر أن زرّ (like) تحول من فعلٍ إلى اسمٍ كما في "ما عدد اللايكات التي حصل عليها هذا المنشور؟" (How many likes did this post get?).

على صعيدٍ آخرَ، يمكنُ لهذه الرُّموزِ التّعبيريّة أن تقلِّلَ من ردّاتِ الفعلِ العاطفيّةِ الحقيقيّة التي من الممكن أن يشعر بها روادُ الفيسبوك، فقد يُخبرك علماءُ اللّغة الحتميونَ بأنّ الأشخاصَ يستطيعونَ التَّفكيرَ بأفكارٍ مرتبطةٍ بكلماتٍ قادرةٍ على التعبير عنْها وحسب، وهنا يبدُو أنّ رموزَ الفيسبوك التعبيريةِ التفاعليةِ الجديدةِ تحاول أن تُقزّمَ سلسلةَ المشاعرِ البشريّة ككلٍ إلى ستّةِ مشاعرَ محتملةٍ فقط، فمثلاً يمكن أنْ تصادفَ تحديثَ حالةٍ ذاتِ صلةٍ بالجدل المرتبطِ بحقِّ الإنسان في تقريرِ موتِه فتشعرَ بأنّك "متضاربٌ" عاطفياً ولكنْ على الأرجحِ ستحوّل ذلك لاحقاً للشُّعور بالحزن فقط كونَه الأقربَ نسبياً من الرّموز الستّة المتاحة لِما تشعر به.

وما قد ينالُ إعجابَ المعلنينَ والعاملينَ في مجالِ الدِّعاية بشكلٍ عامّ هو أنَّ تحليلَ البياناتِ الوُجدانيّة المرتبطةِ بالعواطفِ والتي يمكنُ استخلاصُها من تعابيرِ الفيسبوك التفاعليّة الجديدةِ يعدُّ أمراً أسهلَ بكثيرٍ من تحليل الكلمات الفعليّة.

وفي نهايةِ المطافِ لا بدَّ لنا من التَّأقلمِ الدائمِ مع متغيّرات فيسبوك اللّامتناهيةِ، والّتي على الرّغم من تلقّيها لبعضِ الرّدود السلبيّة هنا وهناكَ في بداية الأمر، إلّا أنّنا سرعانَ ما نتماشى معها لتُصبحَ أحد أهمِّ أسباب ارتباطنا بالموقع الأزرق.

المصدر:
هنا

مواضيع مرتبطة إضافية

المزيد >


شارك

تفاصيل

01-03-2016
3262
البوست

المساهمون في الإعداد

ترجمة: Alaa W. Youzbashi
تدقيق لغوي: Abdorrahman Matouk
صوت: Susan Deeb
تعديل الصورة: Abdulrazzak M. Al-Ali
نشر: Souhayla Saab

تابعنا على الإنستاغرام


من أعد المقال؟

Alaa W. Youzbashi
Abdorrahman Matouk
Susan Deeb
Abdulrazzak M. Al-Ali
Souhayla Saab

مواضيع مرتبطة

اللّغة التركية: ملامحٌ عامة

هل هناكَ علاقةٌ بين السِّبابِ والعواطف؟

ما علاقةُ الدردشةِ الالكترونيةِ بلغةٍ أجنبيةٍ في تحسينِ مستوى اللغة؟

ليثولوجيكا.. ظاهرة طرف اللسان

صعوبات التَعلّم ... أُنموذج صعوبات تَعلّم اللغة

لمَ لا يُمكنكَ تعلمُ لغةٍ أُخرى كما تعلّمتَ لُغتكَ الأولى؟

هل بإمكان التلفزيون تغيير لهجتك؟

الدماغ و تداخل القواعد النحوية عند تعلم لغة أجنبية

كيف يقرأ المكفوفون ويكتبون: نظام بريل للمكفوفين بين الأمس واليوم

ما هيَ علاقةُ التستوستيرون بلغةِ النساءِ والرّجال؟

شركاؤنا

روابط هامة

  • الشركاء التعليميون
  • حقوق الملكية
  • أسئلة مكررة
  • ميثاق الشرف
  • سياسة الكوكيز
  • شركاؤنا
  • دليل الشراكة
جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "الباحثون السوريون" - 2016