الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء
نظامٌ غذائيٌّ لتَقليلِ آثارِ التَّسمُّمِ بالرَّصاصِ
قليلاً ما يتمّ ذِكرُ موضوعِ التّسمُّم بالرصاص في الأخبار، ومُعظم الناسِ لا يُدركون ماهيتَه أو أسبابه بالضّبط، لذلك دعونا نكتشفها بالتفصيل..
يعتبرُ عنصر الرصاص Pb سمّاً عَصبيّاً يبدأ مفعولُهُ فورَ دخولهِ الجسمَ مع الطعامِ أو الماء، ونظراً لطبيعة تأثيرهِ على الأعصاب فإنه يُسبب مشاكلَ معرفيّةً وسلوكيّةً لدى المصابين وخاصةً الأطفال الذين هم في عمرِ النمو، حيث يُمكن أن تصلَ آثارُه إلى التسببِ بتلفِ الدماغ والذي قد يُفضي بدوره إلى الموت. وعليه فإن التسمّم بالرصاص مصدرُ قلقٍ كبيرٍ على الصَّحةِ العامّةِ وخاصّةً الأطفال الذين تقُلُّ أعمارُهم عن 6 سنواتٍ، حيث لا يمكن لأي مقدارٍ من الرصاص أن يكون آمناً على جسم الطفل مهما كان ضئيلاً.
ويمكنكم التعرف على بعض الخطوات الأساسية التي يمكن اتّباعها لحماية غذائنا من التلوث بالرصاص في مقالنا السابق هنا
أما عن الناحيةِ التغذوية، فتُشجعُ وكالةُ حمايةِ البيئةِ (EPA) المصابينَ - وخاصّةً الأطفال - الذينَ يُعانونَ من مُستوياتٍ مُرتفعةٍ مِن الرصاصِ على الحِفاظِ على معدتِهِم مُمتلئَةً بشكل شبه دائم وذلك بغرض ِمَنعِ امتصاصِ الرصاصِ بسهولةٍ من قِبلِ الجسمِ. وتُشيرُ هذهِ التَّوصياتُ إلى أنَّ التَغذيةَ تَلعَبُ دوراً هاماً أثناءَ إجراءاتِ التَّسمم بالرصاصِ. ولدى البحثِ والتقصّي وراءَ العناصرِ الغذائيةِ الضروريةِ في هذه الحالةِ من التسممات، يُلاحظُ أنَّ وكالةِ حمايةِ البيئةِ تُدرِجُ المنتجاتِ الحيوانيةَ في جميعِ الوصفاتِ التي من شأنِها مُكافحَةُ التسمُّمِ بالرصاص عبرَ الغذاءِ الصحيح. وبشكلٍ عام، تلاحظُ ضرورةُ إطعامِ أطفالهِم أطعمةً غنيَّةً بالكالسيوم والزنكِ والحديدِ، وذلك للمُساعدةِ على إبقاءِ الرصاصِ خارجَ الجسمِ وخَفضِ مُستوياتِه إلى حدودٍ مقبولة.
ونتيجة الاهتمامِ المتزايدِ باتباعِ طرائقَ أَكثرَ صِحيةٍ للحُصولِ على الموادّ الغذائيةِ اللازمة، وارتفاعِ عددِ الأدلّةِ العلميةِ التي تؤكّدُ الآثارَ الضّارّةَ للبروتيناتِ الحيوانيِة مُقارنةً مَعَ البروتيناتِ النباتيّةِ. ولتحديدِ فعاليّةِ الأغذيةِ النباتيةِ في الوقاية من آثارِ التسممِ بالرصاص، أُجريت دراسةٌ نُشِرَتْ نتائِجُها في المجلةِ الأمريكيةِ للتغذيةِ السّريريةِ American Journal of Clinical Nutrition، وقد بيّنَت هذهِ النتائجُ أن الانتقالَ من نظامٍ غذائيّ لاحِمٍ Omnivorous إلى نظامٍ أكثرَ غنىً بالمغذّيات النباتية قد خَفّضَ تَركيزَ الرَّصاصِ الذي تعرضَ لهُ الجِسمُ بشكلٍ مَلحوظ، علماً أنَّ النّظامَ الغذائيَّ المُكونَ مِن الأغذيةِ النباتيّةِ يَرتبِطُ عادةً بالتَّعرُضِ للعديدِ من المُلوثاتِ البيئيةِ، بما في ذلكَ الرصاص.
كما وُجد في دراسةٍ أُخرى نَشرتها مجلةُ العالَم العِلميّ Scientific World Journal، أنَّ العديدَ مِنَ المُركّباتِ النباتيّةِ أثبَتت قدرتها على الحَدّ منَ امتصاصِ المَعادنِ السَّامةِ بما فيها الرصاص، وقد شَمَلت هذه المركّباتُ النباتيّة الأليافَ الغذائيّةَ مِنَ الحُبوبِ، والفواكهِ، والثّومِ، والقُرنبيطِ الأخضرِ (البروكولي)، والكِزبرةِ الخضراء.
وفيما يلي أهم المصادِرِ النباتيّة التي تلعب دوراً في تأمين العناصرِ التي تكافِحُ التسمُّمِ بالرصاصِ:
• الحديدُ Fe: ويتواجدُ في الفاصولياءِ، والخُضرواتِ الخضراء الدَّاكنِة، والفواكِهِ المُجفَّفة، والمُكسَّراتِ، والبُذورِ، والحُبوبِ الكامِلة.
• الكالسيوم Ca: في الخُضارِ الوَرقيَّةِ الخَضراء، والبقولياتِ، وعَصيرِ البُرتقالِ أو التُّفاحِ المُدعَّمَين بالكالسيوم.
• فيتامين C: في القُرنبيطِ، والخُضارِ ذاتِ الأوراقِ الخضراءِ الدَّاكنةِ، والجريب فروت، والفُلفلِ الأحمرِ الحلو.
• الزنك Zn: في التّوفو (وهو نوعٌ من الأجبانِ المَصنوعةِ من حليبِ الصُّويا)، والتِمبِه (وهي نوعٌ من معجناتِ الصُّويا)، والبقولياتِ، والمكسراتِ، والبذورِ، ودقيقِ الشوفانِ.
أخيراً، فإنّ الحدَّ والتخفيفَ مِن التعرُّضِ لمصادرِ الرصاصِ المحتملة هوَ أعظَمُ وسيلةٍ للوِقايةِ من هذا التسمم.
المصدر: هنا