الفيزياء والفلك > علم الفلك
كيف نحسب الجاذبية على كلّ كوكب من كواكب مجموعتنا الشمسية؟
لعلَّ من أشهر قصص التاريخ العلمي شيوعًا قصة نيوتن والتفاحة التي ألهمته في وضع قانون الجاذبية، الذي جعل منه واحدًا من أشهر علماء الفيزياء في التاريخ.
ولكن ماذا لو كان نيوتن جالسًا في كوكبٍ آخر هل كانت ستختلف القصة؟ الجاذبيةُ واحدةٌ من القوى الأساسية في الفيزياء، ولا يمكن تخيل الحياة دونها، حيث أن الحياة تطورت خلال مليارات السنين على سطح الأرض متآلفةً مع جاذبيةٍ تشدُّ بمقدارٍ يبلغ g1 أو 9.8 m/s2. لكن بالنسبة للذين زاروا الفضاء أو وطئوا بأقدامهم القمرَ فالجاذبية أمرها مختلف.
تتحدَّد قوة الجاذبية بشكلٍ أساسي بالكتلة، فكل الأشياء في هذا الكون من نجومٍ وكواكبَ ومجراتٍ وحتى الجسيمات دون الذرية والضوء تنجذب لبعضها البعض. وتختلف شدَّة قوة الشدُّ الثقالي (أو مقدار قوة الجاذبية) بحسب حجم الجسم، وكتلته، وكثافته. وبالنظر إلى كواكب المجموعة الشمسية المتنوعةِ الحجم والكتلة والكثافة فإن تباين شدة قوة الجاذبية على أسطحها أمرٌ طبيعي.
فعلى سبيل المثال فإن جاذبية الأرض التي تحدثنا عنها تساوي 9.8 m/s² وهذا يعني أنه إذا تركنا جسمًا ليسقط سقوطًا حرًا حتى يصل إلى سطح الأرض فإن سرعته ستزداد بمقدار 9.8 m/s في كل ثانيةٍ من زمن السقوط الحر.
وسوف نتخذ هذا المقدار واحدةً لقياس الجاذبية على أسطح الكواكب الأخرى، وسنرمز له بالرمز g.
ينصُّ قانون الجذب العام الذي وضعه العالم إسحاق نيوتن بأن قوة التجاذب بين جسمين يمكن تحديدها بالعلاقة الرياضية:
حيث m هي كتلة الجسم و r البعد بين مركزي كتلتي الجسمين، و G ثابت التجاذب العام ويساوي
وفيمَ يلي ترتيب الكواكب بحسب جاذبيتها مقارنةً مع جاذبية الأرض.
الجاذبية على عطارد: يبلغ متوسط طول نصف قطره 2440 km وكتلته تساوي
الجاذبية على الزهرة: كوكب الزهرة هو الكوكب التوأم للأرض، حيث يتشابه الكوكبان بنواحيَ عديدةٍ. وبمتوسط نصفِ قطرٍ قدره
الجاذبية على القمر: القمر هو الجرم الفضائي الوحيد الذي تمكن البشر من اختبار آثار الجاذبية الضعيفة على سطحه بشكل ملموس. فمع متوسط نصف قطر يبلغ 1737 km وكتلة قدرها
الجاذبية على المريخ: المريخ هو الكوكب الثاني الكبيرُ الشبهِ بالأرض من نواحي مهمة عديدة. لكن عند الحديث عن الحجم والكتلة فإن المريخ كوكبٌ صغيرٌ نوعًا ما. إذ يبلغ متوسط قطره 3389 km وهو ما يُعادل حوالي 0.53 من نصف قطر الأرض. أما كتلة المريخ التي تبلغ
الجاذبية على المشتري: المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية من حيث الحجم والكتلة، وبمتوسط نصف قطر قدره 6± 69911 km يكون حجمه 10.97 ضعف حجم الأرض، وبكتلةٍ قدرها
الجاذبية على زحل: كما هو حال المشتري فإن زحلَ عملاقٌ غازيٌ أكبرُ حجمًا وكتلةً من الأرض بكثير، ولكنه ذو كثافةٍ أقل بكثير من كثافة الأرض. يساوي متوسط نصف قطره إلى 6± 58232 km أي ما يُعادل 9.13 ضعف نصف قطر الأرض، وكتلته البالغة
الجاذبية على أورانوس: يقدَّر متوسط نصف قطر أورانوس بحوالي 25360 كم ويصل حجمه إلى 4 أضعاف حجم الأرض وكتلته تساوي
ولكن لكونه عملاقًا غازيًا فكثافته منخفضة وتساوي 1.27 g/cm3 وبذلك فان جاذبيته عند أعالي غيومه أضعف بقليل من جاذبية الأرض وتساوي 8.69 m/s2 أو 0.886 g.
الجاذبية على نبتون: يحتل نبتون المرتبة الرابعة بين كواكب المجموعة الشمسية من حيث الضخامة، إذ يبلغ متوسط نصف قطره 19 ±24622 km وتصل كتلته إلى
ولكن لكونه عملاقًا غازيًا فكثافته منخفضةٌ وتساوي 1.638 g/cm3 وبذلك تكون جاذبية نبتون من أعالي غيومه تساوي 11.15 m/s2 أو 1.14 g.
وإذا أردنا تلخيص ما سبق لقلنا أن قوة جذب كواكب المجموعة الشمسية تتبع سلسلة تتدرج قيمها من قيمٍ صغيرةٍ تساوي تقريبًا 0.38 g في كلٍ من عطارد والمريخ إلى قيم الجاذبية الكبيرة التي تبلغ 2.528 g عند أعالي غيوم المشتري. ولا ننسى أيضًا القمر الذي زاره روّاد الفضاء وتمكنوا من القيام بتجارب ممتعة في حدود قريبةٍ من انعدام الوزن بجاذبية قدرها 0.1654 g.
يعد فهمنا لتأثير الجاذبية على جسم الإنسان أمرًا أساسيًا للسفر في الفضاء وخصوصًا للرحلات طويلة الأمد في المدار أو في محطة الفضاء الدولية.
ولكن في العقود القادمة سيكون في مقدورنا فهم هذه الآثار خصوصًا عند إرسال رواد الفضاء في مهمات إلى الفضاء العميق.
وكذلك فإن معرفة شدَّة قوة الجاذبية على الكواكب الأخرى سيكون أمرًا جوهريًا للمهمات البشرية إليها أو حتى الاستيطان هناك. فبما أن البشرية نشأت في بيئةٍ تخضع لقوة جاذبية مقدارها 1 g فمعرفة تأثير جاذبية كواكب تساوي جزءًا من الجاذبية الأرضية على الإنسان سيكون أمرًا أساسيًا، وقد يشكّل الفارق بين الحياة والموت.
المصدر: هنا