الطبيعة والعلوم البيئية > عمارة وأرض
احتفالية المكان والحياة - الجامع الكبير في جينية
قبل ما فوت بالموضوغ لح اذكر قصة صغيرة
بيت عم أبي كان بريف دمشق بحارة فيا خمس بيوت, البيوت الخمسة كانت مسؤولة عن صيانة الحارة وتنضيفا, وكان الشغل بدون تقسيم مهمات و تعهدات. الحارة كان فيها زريعة وياسمينتين ومصطبة للقعدة بالصيف وللافطار برمضان, والعلاقة بين العيل الخمسة كانت قوية لدرجة انو كانو يعرفو قصصون و ولاد بعض واحيانا كانوا يساعدوا بعض ماديا اذا حدا اجتاج. الجيل اللي بعد عم ابي اتفقوا يتوازعوا أدوار التنضيف, الحارة ضلت نضيفة بس فقدت عنصر كتير مهم فيها وهو الجمعات اللي كانت تصير فيها وقصّو ياسمينة لانها طبعا (عم تزبّل), جيلنا للأسف ترك الحارة كلها وصفيت طريق معبا كياس شيبس و علب بسكوت الحلوين. هللأ بالاخير هدوا الحارة وطلعو ببناية اربع طوابق فيا خمس بيوت مسكونين ماحدا فيون بيعرف جارو غير لما يجي جابي الكهربا.
قديش علاقة المكان مع الانسان بتأثر على علاقة الانسان مع الانسان؟
احتفالية المكان والحياة
الجامع الكبير في جينية
يتربع المسجد الكبير لمدينة جينيه في مالي مسيطرا على المشهد العام للمدينة باعتباره أعظم مثال للعمارة في الرقعة الافريقية المعروفة باسم بلاد السودان والساحل. كما يعتبر أكبر مبني طيني في العالم يعود تاريخه القديم للقرن الثالث عشر. هدم في عام 1843 ليعاد بناءه في بداية القرن العشرين.
وعلى قيمة هذا البناء، لن نقوم بتحليله معماريا بقدر ما سنحاول شرح دور هذا المبنى في احياء الحياة المجتمعة لمدينة جينه، فالمسجد الذي يتعرض سنويا لعوامل جغرافية قاسية من مطر وجفاف متوالي، بحاجة دائمة للصيانة الدورية من التشققات والأعراض التي تصيب شكله وهيكله معا. الرائع في حياة هذا المسجد أن عملية الصيانة تقع على عاتق كل سكان جينيه، وذلك بتقليد تاريخي على قيامهم باحتفاليه Crepissage لإعادة اكساء المبنى بالطين ترافقهم الأغاني الطعام والرقص احيانا.
في بداية الربيع وقبل أسابيع من بداية المهرجان، يقوم السكان بتخصير الطين مع قش الأرز في حفر طبيعية حتى ينضج. مهمة تحريك الطين وعجنه بشكل دوري ليست صعبة، فيكفي ان يسمحوا لأطفالهم اللعب في هذه الحفر حتى موعد المهرجان الذي يعلنه امام المسجد بعد موافقة رئيس رابطة البنائين المشرفة على المهرجان.
في الليلة التي تسبق المهرجان تملأ الموسيقا والغناء شوارع جينيه حتى بدايات الصباح، وتبدأ عملية الصيانة رسميا بثلاث صافرات تنتهي بصيحات حماسية لأهالي القرية الذين يعرفون مسبقا أدوارهم فقسم يحضر الطين من الحفر إلى مكان العمل ضمن مسابقة (أسرع رجل). واخرون يصعدون السلالم الطويلة لإكساء المبنى بأيديهم متعلقين بالنتوءات الخشبية الظاهرة من جدران المسجد، بينما تنقل النساء والصبايا الماء من أقرب مورد إلى مكان المسجد بأوعية على رؤوسهم ويكتفي الأطفال باللعب والتعلم. يتم العمل بإشراف البنائين الثمانين ويقوم كبار القرية بالجلوس على منصة لمشاهدة المهرجان.
يعتبر هذا اليوم من اهم أيام مدينة جينيه ومن أكثر المهرجانات تفردا و التصاقا بالأرض لما فيه من علاقة عميقة بين الانسان وبيئته، يعرف سكان جينيه جيدا أن (تراثهم هو نفطهم) ويقومون بالمحافظة عليه باستطاعتهم. رغم ذاك فان مهرجان اكساء جامع جينيه الكبير في خطر بسبب عزول الجيل الجديد عن المشاركة والهجرة من المدينة.
تعقيب: صحيح المكان ما بيفرض علاقاته مع حدا بس بيشجع عليها, وبتبقى المسؤولية على الانسان ليفهم هالمبادرة المكانية ويستفيد منها. بحياة كل واحد منا أنا متأكد انو في تجربة شبيهة باللي انحكت ولو انو كانت تعتبر تفصيل غير مهم بوقتها, بس هللأ وبظل الظروف الصعبة اللي كلنا عم نمر فيا, ضروري نتذكر ونكتب. اذا متذكر شي اكتبو هون, صدقني لح يكون مهم أكتر مانك متخيل!
مصادر
مقطع من فيلم BBC Human Planet