علم النفس > الصحة النفسية
كيف تعلم أنّ ابنك المراهق يعاني من مشاكل نفسيّة؟
على الرغم من كلِّ المشاكل العقلية والعاطفية التي تصيب شبابنا، كيف يمكن للآباء الانتباه لأطفالهم فيما إذا كانوا يعانون من اضطراباتٍ نفسيّة؟
في الخطوة الأولى، يجب على الوالدين أن يكونا حذرين من المبالغة بردود أفعالهم أو من عدم الاكتراث بمشاكل أولادهم المراهقين.
إنّ قيام الوالدين بتشخيص المشكلة التي يعاني منها ابنهم المراهق هو بمثابة تحدٍّ كبير خلال سنوات المراهقة لدى أطفالهم...
حيث لا يريد الأهل المبالغة في ردود أفعالهم وتقديم افتراضات خاطئة على بعض التغييرات الطبيعية في نموّهم، فالمراهق غير قادر على الوثوق بأهله بقدر اعتياده على الوثوق بمدرسته الابتدائية، فعندما نقوم بسؤاله مجرّد سؤالٍ بسيط يصبح كتوماً ربما لأنه يخفي شيئاً ما وقد يكون هذا الشيء خاطئ، أو ربما ليصبح أكثر خصوصيةً زعماً منه أنه يحقق المزيد من استقلاليته.
على الرغم من تلك التصرفات؛ لا يرغب المراهقون بالتفاعل معهم والتعامل مع سلوكياتهم والاضطرابات غير الصحية التي يمرون بها اعتقاداً منهم بأنها مرحلة عابرة. يبدأ المراهق بالكذب أكثر وأكثر، وتبدأ المراهقة بطلب كميات كبيرة من المال لمواكبة أقرانهم، أو ربما يبدأ المراهقون في منتصف مرحلة المراهقة بتجربة تعاطي المخدرات، والابتعاد عن الحياة الواقعية.
على العموم؛ ونظراً للخيارات المتاحة: الخطأ رقم واحد هو الانفعال بحدّة (المبالغة في ردّة الفعل) والخطأ رقم اثنين عدم الاكتراث بهم؛ فإنّ الخيار الأول هو الأكثر أماناً من الثاني. عندما تكون المبالغة في ردّة الفعل ممكنة؛ فإنّه من الممكن تصحيحها من قِبل المراهق الذي يقدم معلومات تتعارض مع قلقه، أو أنها على الأقل تقدّم فرصةً للمراهق لتحمّل مسؤولياته والاهتمام بشؤونه وحماية نفسه من الوقوع بضررٍ ما. ففي حال تجاهلهم وعدم إعطائهم توجيهات مساعدة لهم، فإن الأمور ستزداد سوءاً بشكل خطير.
ولكن، كيف يمكن للوالدين تحديد المشاكل النفسيّة المهمة التي يمر بها أولادهم المراهقون؟
ومتى تكون المساعدة الخارجية مفيدة ليتم الاعتماد عليها؟
إليك 8 أسئلة وأجوبة موثوقة وصريحة يجب أخذها بعين الاعتبار، لعلّها تنبّه الوالدين إلى ضرورة تقديم الدعم النفسي والمساعدة النفسية الخارجية:
1- لأيّ درجة قد يكون سلوك المراهق مثيراً للانتباه؟ هل من الممكن أن يتناقض مع السلوك الطبيعي المتعارف عليه؟
على سبيل المثال؛ قد يحدث أن يواجه الشاب الهادئ تبدّلات في المزاج ونوبات الغضب كما لم يواجهها من قبل.
2- إلى متى قد يستمر الشعور بالقلق؟ هل من الممكن أن يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر رغم محاولة معالجته في المنزل؟
فعلى سبيل المثال؛ يصبح الشاب الاجتماعي والتقليدي أكثر عزلةً، محاولاً الخروج من إطار الحلقة الاجتماعية والأصدقاء.
3- لأيّ درجةٍ يستطيع المراهقون أن يتحلّوا بالصراحة والشفافية؟ ياترى هل كان الشاب غير قادرٍ أو غير راغبٍ في الحديث عمّا يجري له؟
مثلاً، هي تُصرّ على أنها بخيرٍ وعلى ما يرام ولكنّ سلوكها يوحي بأنها مضطربةٌ بعض الشيء.
4- كيف تضطرب حياة المراهق وهل من الممكن أن يؤثر ذلك على حالته الصحية؟|
على سبيل المثال؛ عدم القدرة على النوم يسبّب الخمول والتعب للمراهق في المدرسة خلال النهار.
5- كيف يمكن أن يبدو سلوك المراهق في حالة التألم العاطفي؟ هل يشعرون باستياء حيال مراقبة والديهم لهم بشكلٍ منتظم؟
كأن ننتبه إليهم، هل يعانون من توتّر واضح أو قلق في الصباح قبل الذهاب إلى المدرسة.
6- كيف يكون سلوك القلق مسيطراً عليهم؟ أيعقل أن يشغل القلق انتباههم ويدفعهم إلى استقصاء بعض الأمور على حساب أمور حياتية أخرى مهمة؟
فعلى سبيل المثال كل الشباب يفكرون بتناول كميةٍ قليلةٍ من الطعام كي يحافظوا على رشاقتهم ويبقوا على قيد الحياة/ ويبدون بخير.
7- هل سلوك المجازفة وتعريض أنفسهم للخطر نابعٌ عن شعورهم بالقلق؟ هل خلق المخاطر أو التشجيع على ارتكابها ناتجٌ عن نمط ضار نفسياً أو اجتماعياً؟
فمثلاً كخلق بعض النفوذ وكسر القواعد واتخاذ قرراتٍ متهوّرة.
8- كيف يبدو القلق بشكل ملحوظ؟ هل أفصح الآخرون ممّن لديهم المعرفة بسلوك الشباب مثل المعلّم أو المرشد الاجتماعي أو المدير عن مخاوفهم للآباء والأمهات بشأن التغييرات المثيرة للقلق التي يمر بها ابنهم المراهق.
فعلي سبيل المثال: عند حضور مناسبة اجتماعية قد تُلاحظ حساسيته العالية من أقرانه، ولو كانت على أشياء صغيرة، قد تقوده فيما بعد إلى البكاء.
قاعدة للآباء والأمهات؛ إذا كانت إجابتك عن هذه الأسئلة مدعاة للقلق، وفي حال الشك؛ حاول الحصول على المشاورة والتحقق من ذلك.
الأبوة والأمومة هي المهمة الوحيدة من بين المسؤوليات التي تتطلّب أن تكون فيها خبيراً أولياً لتحديد ومعرفة فيما إذا كان ابنك المراهق يواجه صعوبات ومشاكل نفسية تجعله يطلب منك المساعدة والتدخل في حلّها، وتحديد نوع المساعدة التي يتوجّبُ عليكَ القيام بها، وتحديد فيما إذا كانت النصيحة مناسبة أم لا لتقديمها لابنك المراهق.
في مجتمع يقوم باستبعاد الأدوية (الحبوب) لمعالجة أمراض الإنسان؛ فإن من أحد الخيارات الشائعة هوالشروع باستخدام الأدوية النفسية (تبديل المزاج والعقلية)، التي قد ينصح المرشد النفسي بها‘ ففي هذا الحالة يكون الوالدان أمام قرارٍ صعب ومعقد.
معظم الأدوية النفسيّة تمَّ تصميمها لعلاج الآلام والمشاكل النفسية التي تواجه الشباب؛ كالاكتئاب، والقلق، والتهوّر (الاندفاع)، والشرود الذهني (التشتت) هي أدوية مسكّنة (مهدئة) أكثر من كونها علاجيّةً. فالهدف منها تخفيف أعراض مزعجة قد تسبب لهم الاضطراب، من دون علاج. ولكن لاننسى أن لهذه الأدوية مجموعة من التأثيرات الجانبية السلبية على المراهق؛ كأن تصبح معتادةً لهم في حال طال أمد استخدامها، إضافةً إلى خلق الفرص للاعتماد على المركبات الكيميائية، وهذا بحد ذاته مشكلة لاتحمد عقباها نظراً لإمكانية حدوث عواقب غير مقصودة.
لذلك، نحن كآباء وأمهات يجب علينا تطوير استراتيجياتنا للتعامل مع الحياة وإيجاد سبل لتحسين أداء الشخصية، لمعرفة التعامل مع المراهق ومساعدته على تخطي الضغط النفسي عن طريق تعليمه وتوعيته على تخطي المشكلة، ليس فقط عن طريق الأدوية.
بالطبع؛ لايرغب أحد من الوالدين أن يعاني ابنهم المراهق من مشاكل نفسية، ولكن من الطبيعي جداً أن يمر المراهق بهذه الصعوبات والمشاكل لتتسنّى له الفرصة في التعرّف على ذاته بشكل أعمق، ويتعلّم كيف يكون أكثر حكمةً في إدارة نفسه. فتقوية الشاب ودعمه نفسياً أمرٌ لا بدّ منه لمواجهة مِحن الحياة ومشاكلها في السنوات المقبلة.
نصيحتنا للآباء والأمهات: التعليم الذاتي وتقديم النصيحة المناسبة في الوقت المناسب، واستخدام الأدوية النفسية (وقت الضرورة) كلها طرق مفيدة للتعامل مع أبنائكم المراهقين، كونوا بالقُرب منهم دائماً، اهتموا بهم واستمعوا إليهم، لاتبالغوا بردود أفعالكم، وشاركوهم جميع لحظاتهم فلا شيء أهم منهم وأجمل من وجودهم في حياتكم..
المصدر: