الرياضيات > الرياضيات
الرياضيات والنشاط الدماغي
طريقةٌ رياضيَّةٌ طُوِّرَت حديثاً تستطيعُ كشْفَ بُنى هندسيّةٍ في النَّشاطِ العَّصبيِّ في الدِّماغ. هذه الطَّريقة والَّتي تُدعى بـ clique topology تمَّ تطويرَها من قِبَلِ فريقٍ من الباحثينَ متعددي التَّخصُصَاتِ من جامعة Penn state ، وجامعة بنسلفانيا، ومعهد هوارد هيوز الطُّبيِّ وجامعة نبراسكا-لينكولن. حيث قال فلاديمير ايتسكوف، الأستاذُ المساعدُ في قسمِ الرِّياضيَّاتِ في جامعة Penn state ، أنَّه في السَّابقِ كانَ العلماءُ بحاجةٍ لربطِ النَّشاطِ العصبيِّ للدِّماغِ بمحفزٍ خارجيٍ مُعينٍ من أجلِ دراسةِ هذه البُنى. بينما الطَّريقة الَّتي اتَّبعوها هي الأولى القادرةُ على كشفِ هذه البُنى من دونِ الحاجةِ لِمعرفةِ المُحَفِّزاتِ الخارجيَّةِ مُسبقاً. وهكذا فإنَّهم أظهروا أنَّه من خلالِ هذه الطَّريقةِ الجديدةِ سيُصبحُ بإمكاننا استكشافُ الهيكيليَّةِ التَّنظيميَّةِ للعُصبونات من دونِ الحاجةِ لمعرفة ماهيَّة عمل هذه العُصبوناتِ مُسبقاً.
كما قالت كارينا كيرتو،الأستاذةُ المساعدةُ في قسمِ الرِّياضيات في جامعة Penn state أنَّ الطُّرقَ التَّقليديَّةَ المُستخدَمَةَ من قبلِ الباحثينَ لتحليلِ العلاقةِ بين النَّشاطاتِ العُصبونيَّةِ كانت مستوحاة من الفيزياءِ. ولكنَّ بياناتِ علمِ الأعصابِ لا تتبع بالضَّرورةِ نفسَ القواعدِ الخاصةِ بالفيزياء، لذلك نحن بحاجةٍ لأدواتٍ جديدةٍ. والمنهجيَّةُ الَّتي اتَّبعوها هي الخطوةُ الأولى نحو تطويرِ مجموعةِ أدواتٍ رياضيَّةٍ جديدةٍ للكشفِ عن هيكليَّةِ الدَّاراتِ العُصبونيَّةِ مجهولةِ الوظيفة في الدِّماغ.
هذا وقد أوضحت كيرتو أنَّهم قد قاموا بتبني منهجيَّاتٍ من حقلِ الطبولوجيا الجبريَّة التي تمَّ استخدامُها سابقاً بشكلٍ رئيسيٍّ في مجال الرِّياضيات البحتةِ حيث قاموا بتطبيقها على المُعطَيَاتِ التَّجريبيَّةِ لنشاطِ الخلايا المكانية (الخلايا المكانيَّة هي عُصبوناتٌ مُتَخصِّصًةٌ موجودةٌ في الجُزءِ من الدِّماغِ المَدعو بالحصين والَّتي تَسْتَشعِرُ موقعَ الحيوانِ في بيئته.)
قاسَ هؤلاء الباحثونَ نشاطَ الخلايا المكانيَّة في أدمغةِ الفئرانِ في ثلاثِ ظروفٍ تجريبيَّةٍ مختلفةٍ. قاموا بعدَها بتحليلِ الارتباطاتِ الزَّوجيَّة لهذا النَّشاطِ، أي كيف أنَّ قدحَ (استثارة) كلِ عُصبونٍ كانَ مرتبطاً بقدحِ كلٍّ من العُصبونات الأخرى.
في أولِ تجربةٍ، كان مسموحٌ للفئرانِ بالتِّجْوالِ كما تريدُ في بيئتِها، وهو سلوكٌ يكونُ فيهِ نشاطُ الخلايا المكانيَّةِ مُرتبطٌ بشكلٍ مباشرٍ بموقعِ الحيوانِ في بيئتِهِ. بَعدَ البحثِ في البياناتِ وَجَدَ العلماءُ عِدَّةَ مجموعاتٍ من العُصبُوناتِ حيثُ يكون نشاطُ كلِّ عنصرٍ من عناصر المجموعة مرتبطٌ بنشاطِ العناصرِ الأخرى. تحليلهم لهذه المجموعات، باستخدام منهجيَّاتٍ من الطبولوجيا الجَّبريَّة، كَشَفَ عن بُنيةٍ هندسيَّةٍ منتظمَةٍ. وبشكل مفاجئ وجدَ الباحثونَ بُنيةً مشابهةً في أنشطةِ الخلايا المكانيَّةِ في التَّجربَتين الأُخرَتَينِ اللَّتين أجروهما، وهما على الفئران في حالتيّ الجرْي على العجلةِ والنَّوم، حيث أنَّهُ منَ المُتَوَقَّع من الخلايا المكانيَّةِ في هذه الحالاتِ ألَّا تحصلَ على بُنيةٍ هندسيَّةٍ.
وقد قالَ إيتسكوف أنَّ حُصولَهم على بنيةٍ متشابهةٍ في التَّجاربِ الثَّلاثة قد يعني أنَّهم تمكَّنوا منَ التَّوصُّلِ للهيكليَّةِ الأساسيَّةِ للخلايا المكانيَّة في الحُصين.
المصادر: