الغذاء والتغذية > منوعات غذائية
ساعتك البيولوجية تخبرك بالموعد الأمثل لتناول الطعام
غالباً ما يُنصَحُ بتناولِ وجبةِ الفطور لأنَّ المعدة الخاوية لا تُسعِفك بأن تقوم بعملك خلال النهار، من جهةٍ أخرى فإن الإكثار من الطّعام يُصيب الإنسان بالخمول والكسل، كما أنّ تناول الوجباتِ الدّسمة مساءً يسبّب اضطراباتٍ في النّوم، إذن لابدّ من اتّباع نظامٍ معيّن لنحافظ على سلامة وتنظيم السّاعة البيولوجيّة في أجسامنا.
وفي هذا السياق، وجدت إحدى الدّراسات المتعلّقة بالسّاعة البيولوجيّة بأنَّ الأشخاص الّذين يسهرون لوقتٍ متأخّر، بغضّ النّظر عن أساليب حياتهم، هم أكثر عرضةً للإصابةِ بالعديد من الأمراض المزمنة كداء السّكّري، وارتفاع دهون البطن، إلى جانب انخفاض الكتلةِ العضليةِ لديهم مقارنةً بالأشخاص الذين يسهرون قليلاً أو بشكل معتدل.
كذلك وجدت دراسةٌ أخرى أنّ التحكمَ بالمتقدّرات (أو الميتوكوندريا Mitochondria) يتمّ عبر السّاعة البيولوجيّة للجسم أو السّاعة اليوميّة بشكل شديد الدقّة، حيث تعتبر المتقدّراتُ مصانعَ صغيرةً لتوليد الطاقة في الخلايا عبر حرق المواد الغذائية كالسكريات مثلاً. وإنّ ارتباطَ عملها بالسّاعة البيولوجيّة يعني أن هناك وقتاً محدداً خلال اليوم يكون فيه حرق السّكّر بأَوجِهِ، الأمرُ الذي يجعلُ من هذا الوقتِ الأنسبَ لتناول المواد الحاوية على السكريات بغيةَ تحقيق الاستفادةِ القصوى منها وتحويلها إلى طاقة يستغلّها الجسم في وظائفهِ اليومية.
وبحسب الباحثينَ المشاركينَ بهذه الدّراسة فإنّ هذه الاكتشافات يمكن أن تفسّر ارتفاع خطر الإصابة بزيادة الوزن والبدانة والأمراض المزمنة (كالسّكري، ومتلازمة الاستقلاب) لدى الأشخاص الّذين يأكلون وينامون بشكل غيرِ منظّم.
أُجرِيَ البحثُ على مجموعةٍ من فئرانِ التجارب، حيث تمكّن الباحثون من التعرّف على مئاتِ البروتينات الموجودة في المتقدّرات، وقاموا بقياس مستوياتِ هذه البروتينات في أوقاتٍ مختلفةٍ من النّهار والّليل، ووجدوا أنّ 40% من هذه البروتينات تبلغ قمّةَ نشاطها مرّةً واحدة في اليوم، دون أن يكون ذلك في نفس الوقت لجميع البروتينات المدروسة.
كما تمكّن الفريق من التعرّف على مجموعةٍ البروتينات المكوّنة للساعة البيولوجية في هذه المتقدّرات، ولاحظوا أن معظم هذه البرتينات تبلغُ قمّةَ نشاطها خلال 4 ساعات من بدء دورة النّهار (علماً أن الفئران تنشط في الليل). كما توصّل الفريق إلى تحديد الإنزيم الأهم في هذه العملية، وهو المسؤول عن حرق السكر وتحويله إلى طاقة، ووُجد أيضاً أنه يبلغ قمّةَ نشاطه خلال 4 ساعات من بدء دورة النّهار، وعليه تمّ تحديد الوقت الأمثل لاستهلاك السكر في هذا الوقت من اليوم، حيث يترافق هذا الوقت مع ارتفاع معدّل التنفس وتوفير الأوكسجين اللازم لاستقلاب السكر بكفاءة عالية.
يُذكر أن فريق الباحثين قام أيضاً بتحديد دورة حرق الدهون والوقت الأمثل لتناولها بنفس الطريقة المتّبعة للدورة السكريات، ولوحظَ أيضاً أن أعلى كفاءة لحرق الدهون كانت مترافقةً بأعلى قمة لنشاط البروتينات المسؤولة عن نقل الدهون إلى داخل مراكز الطاقة (المتقدّرات). كما أُجريت نفس التجربة على فئران معدّلة وراثياً بحيث تكون ساعتها البيولوجية منخفضة الكفاءة، ووُجد أن بروتينات المتقدّرات لم تبدِ أي ارتفاعٍ أو انخفاضٍ في نمط عملها، مما يشير إلى ثباتِ معدّل استقلاب السكريات والدهون خلال الليل والنهار على حدّ سواء.
بعبارةٍ أخرى، نستطيع القولَ أنّ النّتيجة لا تعتمد على ما نأكلهُ من طعامٍ فحسب، بل أيضاً على موعد تناوله خلال اليوم أيضاً، فإذا استطعنا أن نكون متيقّظين لنشاطاتنا الخلويّة، سنكون قادرين على تحقيق الاستفادة القصوى من المكوّنات الغذائيّة المختلفة بطريقةٍ صحيّةٍ أفضل.
المصدر: هنا
الدراسة الأصلية:
Circadian control of oscillations in mitochondrial rate-limiting enzymes and nutrient utilization by PERIOD proteins, Adi Neufeld-Cohen et al., Proceedings of the National Academy of Sciences, doi:10.1073/p>