البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
علماء يخططون لدراسة جينوم ليوناردو دا فنشي!
أملاً في فك أسرار هذه الشخصية العظيمة، يتعاون علماء وراثة، نسّابون، آثاريون، مؤرخوا فنون، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات البارزة حول العالم؛ مثل بيل غيتس (مؤسس شركة مايكروسوفت)، وحتى الملكة إليزابيث الثانية، لتحديد تسلسل جينوم دا فنشي، في مشروعٍ علمي كبير أُطلق عليه (مشروع ليوناردو The Leonardo Project)، حيث يلتقي العلم والتاريخ والثقافة سويةً لتسليط الضوء على أحد أعظم العقول في التاريخ
.
وقد يبدو هذا المشروع -للوهلةِ الأولى- أقرب إلى حبكات (دان براون)* الروائية من كونه مشروعاً علمياً، ولكنه بالمحصلة يمثل آمال العلماء بأن يُلقوا الضوء على أسلوب حياة ومأكل ومظهر دا فنشي بالإضافةِ إلى جينومه، وقد يكشف هذا المشروع أيضاً عمّا إذا كان هناك أية خواصٍ بيولوجية جعلت من دا فنشي ذلك المفكر والمبدع الفذ، وربما العثور على بعض الجينات التي قد يتشاركها عظماء المفكرين!
قد يتبادرُ إلى ذهنك -عزيزي القارئ- السؤال عن كيفية تحديد تسلسل جينوم المرء بعد وفاته، أليس كذلك؟ حسناً، قبل عقد من الزمن كان هذا الأمر ضرباً من الخيال (أو قُل الجنون!)، ولكن مع التطور السريع لتقنيات تحديد تسلسلات الجينوم، بات من المعروفِ أن الـ (DNA) يمكن أن يبقى محفوظاً لفترات أطول مما كان يُعتقد سابقاً. فخلال السنوات الخمس الماضية فقط، تمكَّنَ العلماء من دراسة جينوم شخصيات تاريخية، منها (الملك ريتشارد الثالث) و (ميغول دي سيرفانتس، مؤلف رواية دون كيشوت)، علاوةً على بقايا متحجرة لإنسان يعود لـ 430.000 سنة.
أما الجزء الأكثر تعقيداً في هذا المشروع، فيتمثل بإمكانية الحصول على عينات الـ (DNA) من الأشياء التي كان دا فنشي بتماس معها أثناء حياتهِ، ويجري بالفعل تطوير تقنيات لحل هذا التعقيد، إذ تقول (روندا روبي Rhonda Roby)، وهي أخصائية وراثة من معهد J. Craig Venter بكاليفورنيا، وأحد المشاركين في هذا المشروع: ”أعتقدُ أن هناك احتمال لوجود مواد بيولوجية في اللوحات .. والتحدي هنا هو كيفية الحصول على تلك المواد دون إحداث أي ضررٍ بالعمل الفني".
والتعقيد الآخر يتمثل في أن العديد من ممتلكات دا فنشي القديمة تعود الآن للأشخاص الأكثر ثراءاً وسلطة في العالم، منهم بيل غيتس والملكة إليزابيث الثانية، حيث يمتلكان مخطوطات بخط يد دا فنشي، ولهذا فعلى الفريق أن يحصل على هذه الممتلكات بشكل مؤقت لغرض الفحص.
ويعتزم القائمون على المشروع أيضاً، أن يحددوا سلالة دا فنشي من الأحياء، ورسم شجرة عائلتهِ لإلقاء نظرة عن كثب على تركيبه الوراثي وأي صفات فريدة محتملة كان يتمتع بها. إضافةً إلى البحث عن بقايا رفاته التي بقيت سر إلى يومنا هذا والتي يُعتقد أنها مدفونة في مُصلّى القديس هيوبرت في فرنسا والتي لا يعرف أحداً على وجه اليقين إن كانت مدفونة هناك. وإذا تمكن العلماء من استخلاص الـ (DNA) مما يُعتقد أنها بقايا رفاته، ومقارنتها مع سلالته من الأحياء فإنهم يأملون أن يعرفوا كيف انتهت حياة دا فنشي.
وبغض النظر عن كون المشروع علمياً، فأقل ما سنعرفه هو معلومات شخصية عن دا فنشي، مثل، لون شعره وعينيه وطوله واستعداده الوراثي للمرض. وينوي الفريق نشر نتائج المشروع في ذكرى رحيل دا فنشي الـ 500، في التاسع عشر من أيار عام 2019. دعونا ننتظر النتائج، وسنشارككم إياها بالتأكيد.
* دان براون: كاتب غموض وخيال أمريكي، أشهر أعماله هي رواية «شيفرة دا فنشي» عام 2003.
المصدر:
صفحة المشروع: هنا