الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء
تستخدمُ التماسيح الأدوات في صيد فرائسها!
نعلم جميعاً أن البشر أبرع الكائنات في صنع الأدوات وتطويرها واستخدامها لمختلف الأغراض، وقد بدأت رحلة الإنسان مع الأدوات منذ العصر الحجري، ويتَّضح ذلك في الأدوات التي استعملها للصيد، ثم وصلنا إلى عصر الروبوتات الذكية التي تعدُّ بدورها أدوات طوَّرناها وسخَّرناها.
تَستخدم بعض الرئيسيات القريبة من الإنسان مثل الشمبانزي بعضَ الأدوات البسيطة استخداماً محدوداً، أمَّا بقية الحيوانات الأقلَّ ذكاء فتعتمد على سرعتها أو قوَّتها أو التمويه لتلتقط فرائسها، لكنَّ الخبر المفاجئ أن التماسيح أيضاً تمتلك عدَّة للصيد!
تابعوا معنا هذا الخبر المميَّز.
مقال اليوم يتحدَّث عن اكتشاف جديد ونادر عن التماسيح؛ فقد أظهرت أبحاث جديدة أن التماسيح Crocodiles والقواطير Alligators تستخدم الأعواد أو الأخشاب الصغيرة لجذب الطيور الباحثة عن مواد لبناء أعشاشها، وعند اقتراب الطيور إلى مسافةٍ كافية من التمساح تتحوَّل إلى وجبة شهية، وقد لُوحظ هذا السلوك مؤخَّراً عند القواطير (التماسيح الأمريكية) في ولاية لويزيانا، والأمر نفسه لُوحظ عند التماسيح النهرية أو المُسمَّاة Marsh Crocodiles في الهند.
ويقول عالم البيئة السلوكية "فلاديمير دينيتس" Vladimir Dinets من جامعة تينيسي أن التماسيح تؤدَّي هذه الحيلة في فصل التزاوج وفي أماكن وجود الطيور التي تبني أعشاشها؛ إذ غالباً ما يحدث نقصٌ في توفُّر الأعواد الخشبية في فصل التعشيش في المستنقعات حيث تعيش الطيور والزواحف جنباً إلى جنب، وفي بعض الأحيان قد تتقاتل الطيور فيما بينها للحصول على الأعواد اللازمة للتعشيش.
أشارت الدراسة التي شارك فيها العالم "دينيتس" - والتي نُشرت أواخر نوفمبر 2013 في مجلة علم السلوك والبيئة والتطوُّر - إلى عدم وجود تفسير لهذا السلوك عند التماسيح، لكنَّها تستخدم هذه الأعواد كأداة لصيد الفرائس.
يقول "غوردون بورغارت" Gordon Burghardt عالم السلوكيات وعلم النفس المقارن والمختصِّ بالزواحف من جامعة نوكسفيل Knoxville: "ما يثير الاهتمام حقاً أن التماسيح لا تستخدم الحيلة فحسب بل تحدِّد أيضاً التوقيتَ الذي تبدأ فيه الطيور بالبحث عن العصي بهدف التعشيش، وتقيِّم تلك الطيور". ويتابع بورغارت بأنَّ هذا يعدُّ الدليل الأول على استخدام أدوات الصيد لدى أي نوع من الزواحف.
ويقول "دينيتس" أن الأدلَّة الجديدة تخبرنا أنَّ الزواحف أذكى بكثير ممَّا هو معروف عنها، وأضاف: "إن أيّ شخصٍ قد درس هذه الحيوانات يستطيع أن يشهد بذكائها؛ فهي تمتلك أنظمة تواصلٍ معقَّدة وتمارس الصيّد الجماعيّ بتنسيقٍ وتعاون لنصب الكمائن للفريسة، وكذلك فإنَّ الأب والأم يتعاونان معاً لتربية الصغار".
ونسبياً؛ لا يُعرَف الكثير عن التماسيح مقارنة بحيوانات أخرى؛ بسبب صعوبة دراستها عن كثبٍ في المختبرات بما أنها مفترسات كبيرة الحجم وضارية.
تعشِّش بعض أنواع الطيور كالبلشون الثلجيِّ Snowy Egrets في الجزر المشجرة بالقرب من مناطق تكثر فيها التماسيح كـ فلوريدا على سبيل المثال، ويعتقد العلماء أن الطيور تعشِّش بالقرب من أعداء لها لأنَّ التماسيح تبقيها في مأمنٍ من حيوانات مفترسة أُخرى مثل الأفاعي، ويبدو أنَّ فقدان بعض الطيور البالغة إلى أفواه التماسيح الجائعة أو سقوط بعض المواليد الصغيرة في المياه يعدُّ أقلَّ خطراً من تعرُّضها لمخاطر مفترسات أخرى.