العمارة والتشييد > المدارس المعمارية
العمارة الإغريقية (الجزء الثاني)
في الجزء الأول تعرفنا على سمات العمارة الإغريقية وبناء المعابد الذي اشتهرت به. الآن حان الوقت لنكمل رحلتنا في عالم الإغريق العريق ونتابع نِتاج هذه الحضارة العظيمة.
الأغورا Agora أو الأسواق
تتألف الأغورا من ساحة واسعة مربعة الشكل محاطة بالـ ستوا Stoa من جميع الجهات. (الستوا عبارة عن نوع آخر من التصاميم السائد غالباً في تصميم المعابد، يعتمد على صف من الأعمدة المسقوفة الذي يدعمها من الخلف جدار بسيط. وُضعت الستوا في معظم الحالات في المعابد على الجهة اليمينة لتأمين فراغات مسقوفة يمكن استعمالها كمستودعاتٍ وأماكنَ للقاء.) تُعتبر الـستوا المُشيدة في مستعمرة صقلية مثالاً غير عاديٍّ. حيث شُيِّدَتْ بين الـ 580 والـ 570 ق.م.على شكل شبه منحرف. من أكثر الأشياء إثارةً للاهتمام، هو حيازةُ كافة المحلات التجارية المتجاورة على نفس الواجهة على الرغم من اختلاف تجاراتها ومنتجاتها. هذا دليل على سيادة نوع من التفكير التخطيطي الذي يضمن انسجام الهندسة المعمارية مع الفضاءات والأماكن العامة المهمة.
المسارح
مساهمة إغريقية مميزة في الثقافة العالمية، حيث يعود أقدم دليل أثري لوجود المسارح إلى القرن الـ 6 ق.م.. كما يُعتقد أنّ المواقع المينوية في جزيرة كريت مثل فايستوس التي كان لها مساحاتٌ مدرّجةٌ ضخمة قد اُستخدمَت للعروض الدينية ولعروض مصارعة الثيران.
مع نهاية القرن الـ 6 ق.م. وُجِدَ المسرح مستطيل الشكل مثل ثوريكوس في أتيكا وعُرِضَت عليه أعمالٌ دراميةٌ متنوعة. بحلول القرن الـ 5 ق.م. أخذت المسارح -غير المسقوفة- شكلها المميز، فأصبح لها مسقط قريب من نصف الدائرة ليؤمن التوزيع الصوتي الأمثل بين صفوف المقاعد المنتشرة ضمنها والتي تدعى ثياترون Theatron. المنصة Orchestra أيضاً دائرية الشكل تقف عليها الفِرق الراقصة والشعراء أثناء إلقائهم القصائدَ وكافةُ المقدمين والمتحدثين أثناء انعقاد الندوات والاجتماعات ...إلخ. ويقوم تحتها نظام ممرات محفورة في الحجر يساعد الممثلين في حركاتهم. تحد الأوركسترا من الخلف الـ اسكيني Skene وهي بدايةُ ما يُعرف حالياً بالديكور كما يوجد مدخلان على جانبي المنصة مزوَّدان بأقواسٍ حجريةٍ ضخمةٍ.
من أكثر المسارح الذي حافظ على بنيته هو مسرح إيبيدوروس الذي يحتضن ليومنا هذا كل صيف عروضاً دراميةً كبرى.
الملاعب
مساهمةٌ إغريقية أُخرى في العمارة العالمية ،سُميت ستاديوم Stadium نسبةً لمسافةِ سباق الجري الـ 180 م التي احتضنتها في البداية. كان الملعب من الناحية الإنشائية عبارةً عن صفوفٍ حجريةٍ أو رخاميةٍ للجلوس مقسمةً وفقاً لسهولة الحركة حول مسارات الجري، لاحقاً تم إحداثُ ممراتِ دخولٍ دراميةٍ للاعبين والحكام. كانت الملاعب تتسع لأعداد كبيرة من الجماهير مثل ملعب نيميا الذي اتسع لـ 30 ألف مشاهد و داليمبيا لـ 45 ألف.
Panorama Panathenaic Stadium
ستاد ايبيدوروس عام 4 ق.م.
السكن
تشير الرُّقُم الفخارية المكتَشفة إلى أنَّ المنازل كانت عادة مبنية من الطوب (الطين المحروق) وأنّ أرضيتها مرصوفة بالحجارة. يتكون المنزل عادة من طابقٍ أو طابقين ولا يوجد تصميمٌ خاص موحّد لها. في القرن الـ 5 ق.م. بُنيت المنازل الحجرية جدرانُها الخارجية مكسية بالجص والداخلية عليها لوحاتٌ جصية زخرفية. وضمن المنازل توجد بشكل عام مصادر –آبار- لتأمين مياه الشرب. لم يظهر أي نوع من أنواع التخطيط العمراني ضمن المدن الإغريقية بما فيهم أثينا، فانتشرت البيوت على شكل غير مدروس وظهرت الأرصفة والممرات الضيقة العشوائية بينها.
بالنهاية نؤكد أن العمارة الغربية الحديثة بالأخص والعالمية بشكل عام، تدين بالكثير للعمارة الإغريقية التي قدمت للتاريخ مبانٍ رائعة صمدت أمام اختبار الزمن واستمرت بتقديم الإلهام و وزرع الإعجاب والرهبة لدى مختلف الشعوب والحضارات.
المصدر: