الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية
نسيج حي قادر على التنفس من أجل تحسين أداء الرياضيين
تخيَّل وأنت تقوم بممارسة رياضتك المُفضلة وقد أصابك التعبُ من حرِّ الشمس ورطوبة الجو، لدرجة أنك لم تعد تحتملُ ثيابك من كثرة التعرُّق. فإذا بثيابك الرياضية تفتحُ بعضَ مساماتِها لتمرير الهواء الذي يقوم بإنعاشك. هذا ليس ضرباً من الخيال إنها تقنيةٌ جديدة، لباسٌ جديد يُساعد في تحسين أداءِ الرياضيين. تعالوا معنا لنُتابع هذا المقال:
قامَ باحثون في معهدِ ماساتشوستس للتكنولوجيا باختراعِ نوعٍ جديد كُلِّياً من النسيج، الذي يجمعُ بين هندسة الموادِّ الحيوية والتصاميمِ النسيجية. [1]
حيث تُعتَبَر هندسة الموادِّ الحيوية إحدى التخصُّصات التي تدرس كيفيةَ تفاعلِ المواد مع الكائنات الحية، مثلَ الأجهزة التي تُزْرَع في الجسم والأنسجة الطبية، وتأخذُ بعين الاعتبار الكيمياءَ المُعقَّدةَ والميكانيك والوظائفَ الكهربائية. ويُطبِّق مهندسو هذا الاختصاص معارفَهم الهندسية وعلمَ الأحياء لاختبار وتطوير المنتجات والنُّظُمِ الصحية. [2]
تُعتبَر الصناعات النسيجية من الصناعاتِ الرائدةِ، والتي عادةً ما تكون في المقدمة في مجال الابتكارات الجديدة المُصَّنعة، إذا ما عُدْنا إلى أيامِ التحسينات التقنية منذُ فجرِ الثورة الصناعية إلى أيامنا هذه، وتطوُّرِ الإلكترونيات وصناعةِ الأقمشة من قِبَل مُصمِّمين مثل Joanna Berzowska، والتي قامت بتصميمِ الأقمشة الذكية باستعمالِ آخرِ التقنياتِ الحاسوبية.
قام الفريق الذي يُطلَق عليه اسم BioLogic باختراع هذا النوع الجديد من النسيج، ويعملون أيضاً على محاولةِ إنتاجِ محرِّكاتٍ ميكانيكية حيَّة وجلدٍ عضويٍّ يُمكنه الاستجابةُ والتفاعل. حيث يقول أحد أعضاء الفريق: "نحن نتخيَّلُ عالَماً نتمكَّن فيه من جعلِ هذه المُحركاتِ وأجهزةِ الاستشعار قابلةً للنموِّ عِوضاً عن تصنيعِها، تكونُ مُستمَدَّةً من الطبيعة عِوضاً عن هندستِها في المختبرات والمعامل".
اعتمد الفريق على توجيهات البروفيسور Hiroshi Ishii، واكتشفوا سلوكاً جديداً لنوعٍ قديم من البكتيريا اسمها Bacillus subtilis natto، حيث تمتلك خلايا هذه البكتيريا القدرةَ على التوسُّع والانكماش متأثِّرةً بنسبة الرطوبة في الغلاف الجوي المحيط، واستطاعَ الفريق دمجَ هذه البكتريا مع النسيج لتهويةِ الملابسِ عند التعرُّق. قاموا بحصدِ هذه الخلايا الحيةِ في مختبرٍ بيولوجي، وتمَّ جمعُها من خلالِ نظامِ طباعةٍ ذو دقَّةٍ ميكرويةٍ وتحويلُها إلى ملابسَ تفاعليةٍ، أو ما أطلقوا عليه اسمَ الجلد الثاني. هذا الجلد الحيويُّ الاصطناعي له ردَّةُ فعلٍ للحرارة والتعرُّق، ما يؤدي الى توسُعِ الشرائح أو الألواح التي يحتويها حول منطقة الحرارة، فتُمكِّن العرقَ من التبخُّرِ وتبريدِ الجسم عن طريق تدفُّقِ المواد العضوية.
تهدف هذه التكنولوجيا إلى صناعةِ ملابسَ رياضيةٍ قادرةٍ على تنظيمِ درجةِ حرارة أجسام الرياضيين وبالتالي تحسين أدائِهم. تقول صاحبةُ هذه الفكرة وهذا التصميم التفاعلي Lining Yao موضِحةً: "نحن نحاول استكشاف كيف يُمكنُ للبيئةِ والموادِّ الفيزيائية أن تكون أكثر ذكائاً وتكيُّفاً وتصبحَ جُزءاً منا. هذه الملابس سوف تَشعرُ بك عندما تتعرق، وسوف تتوسَّع وتساعدُك على التخلُّصِ من عرقِك، بعدها ستُغلِق لتحافظَ على دفءِ جَسدك، سوف تصبح هذه الملابس واجهةً للتواصل مع جسمك، والسببُ الذي دفعَنا لاستكشاف هذه البكتريا هو معرفتُنا المسبقة بأن الطبيعةَ تحوي ضِمنها موادَّ ذكيةً حساسةً بطبيعتها، إنها حساسةُ لأيِّ تغيُّرٍ بسيطٍ في حرارة جسدك، لذلك رأينا أن هذا النوع من الأنسجة سيكون تطبيقاً مثيراً للاهتمام".
قَدَّم المعهد منحةً للفريق كي يستدعيَ مصمِّمي أزياءٍ من الكُلِّيةِ الملكيةِ للفنون، ليُظْهِروا هذا المُنتَج بأحدثِ صيحات الموضة وبمستوًى فنيٍّ جديد، وقد أبدى أحدُ المصمِّمين قلقَه من تركيز الفريق على تطبيقِ أحدثِ الأفكار التقنية والفنية وحتى التخيُّلية، تاركينَ بعض الأمور المُقلقة مثلَ الغسيل والعناية بالملابس المصنوعةِ من هذه الأنسجة، والتي سيتمُّ التعامل معها من قِبل المُصمِّمين المُنتجين والمستخدمين لها. أثارَ المُنتَج اهتمامَ الكثيرِ من المُصمِّمين الذين يرون عدداً من الاستخدامات الأُخرى الممكنةِ له، كصناعةِ ملابسَ للنساءِ الكورياتِ المُهتمات بصيد الأسماك، أو استخدامِ هذه التقنيةِ لاكتشافِ أنواعٍ أخرى من الملابس.[1[
في حين يَظهر هذا المشروع بأنه مُوجَّهٌ لمُصمِّمي الأزياء والرياضيين، تُركِّز المجموعةُ الإعلامية التي تعمل ضمن الفريق Tangible على تنوُّعِ المواد المُنتَجة: "هذا المثال واحدٌ ومُحدَّد، نحن لسنا مُهتمِّين بأمورِ الموضة والتصميم أو حتى ملابسِ الرقص فحسب، لكننا قُمنا بتجارِبَ خاصةٍ لهذا المشروع، فنحن مُهتمُّون بموضوعٍ أكثرَ أهميةً وعُمْقاً ألا وهو موضوعُ الذرَّاتِ الجَذرية radical atoms. في الواقع نحن مهتمُّونَ بالموادِّ التي قد يستخدمُها المصمِّمون والفنانونَ للتعبير عن أفكارِهم، فعلى سبيل المثال يستخدم مُصمِّمٌ ما المعدِنَ أو الزجاج أو البلاستك من أجل تصميمٍ مُعيَّن، وقد يستخدم مُبرمجُ الكمبيوتر البكسلات على شاشةِ جهازه. الموادُّ الفيزيائيةُ رائعةٌ لكنها جامدةٌ وميتة، لذلك نحن مُهتمون بجعلِ المادِ تتحوَّل بشكلٍ حيويٍّ وديناميكي وهذا ما يُطلَق عليه اسم الـ radical atoms".
وأخيراً تقولُ المُصمِّمة Lining Yao: "يتماشى هذا المشروع تماماً مع رؤيتنا لتفاعُل الإنسان مع الموادِّ الحيوية المُستقبلية. الفكرةُ بأكملها ليست فقط كيف تستوحي أفكاراً من الطبيعة، بل أيضاً كيف تستطيع أن تتعاون معها".[1]
المصادر:
[1]هنا
[2] هنا