الطب > موسوعة الأمراض الشائعة
الحيوانات الأليفة في المنزل. مصدر للأمراض أم للوقاية منها؟ الجزء الثاني
شهدت أعدادُ القططِ الأليفةِ التي يقتنيها الناسُ في الولايات المتّحدة زيادةً ملحوظة بلغت قرابة 50% بين عامي 1989 و 2006، في حين زادت أعدادُ الكلاب التي تعيشُ في البيوت بنسبة 38% فقط خلالَ الأعوام نفسها. وفي عام 2012 وصلَ عدد القطط التي يقتنيها الناس في بيوتهم 86.4 مليون قطة.
فهل تشكّل تربية القطط خطراً كبيراً على صحّة الإنسان عموماً؟ ومن هم الأشخاص المعرّضون للإصابة بالأمراض المنقولة عبر القطط أكثر من غيرهم؟
تدعم الأدلّة العلميّة الموجودة حاليّاً حقيقة أنّ هذه الحيوانات الأليفة تؤدّي إلى القليل من المخاطر الصحّية فقط. فالقطط التي تتربّى في المنازل تكون معرّضةً لعددٍ أقلّ من الأمراضِ مقارنة بتلك التي تنشأ وتعيش في الشوارع. غير أنَّ خطرَ إصابة البشر بأمراض أو مشاكلَ صحيّة معيّنة عن طريق القطط يزداد بشكلٍ كبير لدى الفئات التالية:
- الأشخاص ذوي المناعة المنقوصة (الضعيفة).
- مرضى الإيدز.
- المرضى الخاضعون للمعالجة الكيميائية.
- الأشخاص المسنّين.
- الأشخاص الذين وُلدوا مصابين بأمراض العَوز المناعي الخِلقِيّة.
- النساءِ الحوامل (حيث لا يكون الجهاز المناعي للجنين تامَّ التطوّر بعد).
- المرضى الذين أجريت لهم عمليات غرس أعضاء أو نقل نقِيّ العَظم (فمناعتهم تكون ضعيفة نظراً لتناولهم الأدوية الكابحة للمناعة لئلا يتم رفض العضو أو النسيج المزروع من قبل الجسم).
ما هي الأمراض التي يمكن أن تنقلها لنا القطط؟
تشكّلُ القطط في بعض الأحيان مصدراً لعددٍ متنوّع من الأمراض المعويّة، منها بعض العداوى الجرثومية (السلمونيلّة Salmonella) و(العَطيفة القولونيّة Campylobacter) وبعض الطفيليّات المعويّة كـ(الجيارديّة Giardia) و(خفيّة الأبواغ Cryptosporidium) و(الديدان المدوّرة roundworms).
ومن أكثر الأمراض الطفيليّة المعروفة ارتباطاً بالقطط هو (داء المقوّسات Toxoplasmosis) الذي يسبّبه طفيليّ يدعى (المُقَوَّسة الغُونْدِيّة Toxoplasma gondii) تشكّل القطط مرحلة مهمّة من مراحل تطوّر هذا الطفيلي أثناءَ دورة حياته. ويعدّ داء المقوّسات مشكلة بصفة خاصّة للنساء الحوامل، يمكن أن تؤدّي العدوى إلى تشوّهات خَلقِيّة في الجنين أو إلى الإجهاض التلقائي miscarriage (خاصّة إذا كانت المرأة تتعرّض للطفيلي لأوّل مرّة). كما تكون العدوى بالمقوّسة ذات نتائج وخيمة وقد تقود إلى اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي لدى المرضى منقوصي (مضعّفي) المناعة ومرضى الإيدز.
تنتقل هذه الأمراض إلى الناس إمّا عن طريق التماسّ المباشر مع بِراز القطة المصابة، أو عبر التماسّ مع التربة الملوّثة بالبراز (أحياناً تبقى الجراثيم أو الطفيليّات تحت أظافر الشخص وتسبّب له العدوى إذا لم يغسل يديه جيداً بعد تنسيق حديقته والعمل بها، ويفضّل ارتداء قفازات خاصّة أثناء القيام بأعمال الحديقة).
ماذا عن لعاب القطط؟ هل يسبّب تعرّض الشخص للّعق أو التخميش من قبل قطّته أيّ ضرر؟؟
إنّ اللعابَ الذي يتنقل إلى الإنسان من قطة أو كلب - سواء عبر اللعق أو العضّ أو التخميش (الخدش بالأظافر)- يمكن أن يحتوي على متعضّيات دقيقة تسبّب المرض للشخص إذا ما اخترقت جلده أو دخلت إلى جسمه عبر الأغشية المخاطية للفم أو الأنف أو العينين. قد لا تظهر على الحيوان المصاب أي أعراض أو علامات مرضيّة، ولكنّ البكتريا أو الفيروسات الممْرِضة تسبّب للإنسان الذي تنتقل إليه أعراضاً تتباين في شدّتها ونوعها، من عداوى جلديّة إلى أعراض شبيهة بالانفلونزا، كالحمّى والارتعاش، إلى أمراض خطيرة كالتهاب السحايا.
ولا يغيب عن ذهننا كون الكلاب والقطط، على حدّ سواء، تمثّل مصادر مهمّة لنقل فيروس داء الكَلَب rabies virus، ولكنّ نسبة الإصابة بهذا الفيروس انخفضت بدرجة ملحوظة في الولايات المتّحدة عمّا كانت قبل التسعينات من القرن العشرين. ويعود الفضل إلى برامج تطعيم الحيوانات الأليفة ضد داء الكَلَب. ومعظم الإصابات المسجّلة عند البشر يكون مصدرها الحيوانات البرّية وليس الأليفة الموجودة في المنازل.
هناك جرثومة أخرى تنتقل عن طريقِ التخميش إلى الإنسان، وهي جرثومة (البرتونيلّة bartonella) تسبّب هذه الجرثومة مرضاً يسبّب تضخّماً موضعيّاً للغدد اللمفاوية بجانب مكان الإصابة، ولكنّ المرض قد يتطوّر (يترقّى) ليسبّب أذيّة للكبد أو العينين أو الجهاز العصبي المركزي.
تجدون الجزء الأول من المقال والذي تحدثنا فيه عن فوائد الحيوانات الأليفة على صحة الإنسان هنا: هنا
المصادر: