الاقتصاد والعلوم الإدارية > علوم مصرفيّة
البنوك المركزيّة: نظرة عن قرب
كلياتنا سمعانين عن البنوك المركزية وعن الدور يلي بتلعبو باقتصاد أي دولة ويلي أوضحها هو إصدار العملة والتحكّم فيها. اليوم رح نشوف الموضوع بالتّفصيل شوي لنلاحظ وجود اختلافات بين أهم البنوك المركزيّة بالعالم. من وين بيجي رأس مالها؟ مين المالك إلها وشو صلاحياتوا؟ ويا ترى إلها أرباح وكيف بتتوزّع؟
سنقارن هنا بين ثلاثة من أهمّ البنوك المركزية في العالم ذات التأثير العالميّ وهي الاحتياطي الفدرالي الاميركي، البنك المركزي الاوروبي وبنك اليابان. وسنرى أيضاً أين هو المركزي السوري من كل هذه السياسات.
الاحتياطي الفدرالي الاميركي: وهو نظام يتألّف من اتّحاد 12 بنك مركزي لـ 12 منطقة حيث قُسِّمت الولايات المتّحدة لهذه المناطق التي تضمّ بعضها أكثر من ولاية، تساهم هذه البنوك برأس مال الفدرالي الذي وصل إلى 27 مليار دولار في ميزانيّة سنة 2013 عبر شرائها لحصص ملكيّة لكنّها غير قابلة للبيع أو التداول أو الرّهن. يحصل المشاركون برأس المال على عائد ثابت هو 6% من قيمة حصصهم كأرباح بينما يذهب باقي أرباح الفدرالي إلى خزينة الدولة. ينصّ قرار إنشاء المركزي على أن هدفه هو "استقرار الأسعار، تعظيم العمالة و إدارة سعر فائدة معتدل على المدة الطويل" يتألّف مجلس الحكّام من 6 أعضاء ينضم ّإليهم 5 أعضاء آخرين من البنوك المركزيّة للمناطق ليشكلوا "لجنة عمليات السّوق المفتوحة" التي سنتكلّم في مقال آخر عن دورها.
البنك المركزي الأوروبي: يتكوّن حاليّاً من اتحاد 18 دولة ضمن نظام اليورو (تم انضمام لاتفيا ببداية هذا العام) وتشارك البنوك المركزية لكافّة دول الإتحاد الأوروبي في رأس ماله بحسب عدد سكانها وGDP لكلّ دولة (مثلاً حصّة ألمانيا 17.9% من إجمالي رأس المال فرنسا 14.1% وإيطاليا 12.3%) حيث تدفع دول نظام اليورو حوالي 70% من رأس ماله الذي يجب أن يبلغ 10.8 مليار يورو والـ 30% الباقية تُدفع من قبل بقيّة دول الإتّحاد الأوروبي (معظمها غير مُسدّد). يتشكّل مجلس الحكّام من 6 أعضاء تنفيذيين بالإضافة الى حكام البنوك المركزية لدول اليورو وللمجلس أن يحتفظ بما لايتجاوز 20% من الأرباح بينما يُوزّع الباقي على الدول المشاركة برأس المال بحسب حصّتها. ينصّ قانون المركزي الأوروبي على أنّ هدفه هو تحقيق "استقرار الأسعار" حيث يحاول المحافظة على معدّل التّضخّم قريباً لكن لايتجاوز 2%
بنك اليابان: تشمل مسؤوليته أراضي اليابان ويتكون رأس ماله من 100 مليون ين ياباني تساهم الحكومة بـ 55% منها وتتوزّع الأرباح بما لايتجاوز 5% من قيمة حصة المساهمين. يتكون مجلس الحكّام فيه من رئيس ونائبين و 5 أعضاء تنفيذيين وتشمل صلاحياته المذكورة بقانون إنشائه، الإشراف على العملة والتحكّم وتسهيل عمليات الإقراض والتّمويل وإيجاد سياسة على مستوى اليابان لتحسين الأنشطة الاقتصادية بشكلٍ كافٍ.
نلاحظ أن الملكيّة هنا لا تعني المعنى التقليدي لها بل مجرّد من يُساهم برأس المال ويحصل على عوائد دون إمكانية التأثير المباشر على سياسات وقرارات المركزي. كذلك فإنّ لكافّة البنوك المذكورة مهامٌ أُخرى بالإضافة للمذكورة في قوانين إنشائها مثل طباعة النقود، القيام بعمليات رقابيّة على البنوك والإشراف على التحويلات بينها....وغيرها
أما بالنّسبة لمصرف سورية المركزيّ فيتكوّن رأس ماله بحسب ميزانيّة آذار 2011 من 19.5 مليار ليرة سورية وهو مملوك بالكامل للحكومة السوريّة. مهامه وفقاً لمرسوم إنشائه لا تتعدّى المهام التقليديّة للبنك المركزي. كما أنّه لا يتمتع بالإستقلال الكامل باتّخاذ قراراته على عكس المصارف السّابقة حيث أن صلاحياته محدودة بالتوجيهات التي تُصدر إليه من مجلس الوزراء. مجلس النقد والتّسليف المكلّف بتنظيم عمل مؤسّسات النّقد والتّسليف في سورية لا يخرج عن إطار توجيهات مجلس الوزراء الاقتصادية إلا أنّ أهدافه أكثر وضوحاً وتشمل المحافظة على القوّة الشرائيّة لليرة، تنمية الدّخل القومي، تنمية السّوق الماليّة والنّقديّة وتنظيمها والمحافظة على استقرار سعر الصّرف الخارجيّ لليرة. هنا نلاحظ أن الهدف الأخير غير موجود بمعظم البنوك المركزية الكبرى كهدف مباشر.
تهدف الخطة الخمسية التي بدأت في 2011 إلى إعطاء المصرف المركزي استقلاليته مع تفعيل عمل الأسواق الماليّة والنقديّة وتخفيف الرقابة على القطع الأجنبي وانتقال رأس المال وتخفيف القيود على أسعار الفائدة على الودائع وغيرها من الإجراءات التي تهدف للوصول بنهاية عام 2015 إلى اقتصاد من الممكن إدارته من خلال تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل واستخدام فعّال لأدوات السياسة النقديّة (سنتطرّق إليها بمجموعة من المقالات) ويعتمد فيه المركزي على هدف واحد أساسي هو استقرار القوة الشرائية لليرة وبالتالي يقوم بتحديد هدف معين لمستوى التضخّم المستهدف. وبالتالي يصبح المركزي السوري مشابهاً في طريقة عمله واستقلاليته للبنوك المركزية التي ناقشناها أعلاه.
المصادر: