الهندسة والآليات > الصناعة والأتمتة
الأوريغامي من الفن إلى التكنولوجيا وتصميم المواد
تخيلْ حاجتك لإدخال دعامة داخلية للقلب أو أي عضوٍ آخر، من خلال مدخل صغير جداً كالشرايين وبدون إجراء عملية جراحية أو القيام بشق كبير في الجسم، أو حاجتك لدعامة لرفع ثقل كبير وفتح طريق بقطر مترٍ للإنقاذ مثلاً، وكل ذلك من خلال فتحة صغيرة جداً! قد يبدو الأمر لك ضرباً من الجنون لكنه عند البعض أفكارٌ قد يمكن تحقيقها يوماً ما. يحاول مجموعةٌ من الباحثين في جامعة هارفرد تحويل هذه التخيلات إلى حقيقةٍ، وكل هذا الإلهام اعتماداً على فن الأوريغامي. كيف ذلك؟ تابع معنا المقال التالي.
استطاعت مجموعةٌ من الباحثين في جامعة هارفرد تصميم أنواعٍ جديدةٍ من المواد، التي يمكن طيّها، وتتمتع هذه المواد بخواصٍ إضافيةٍ مثل قابلية تغيير أبعادها وحجمها وشكلها أيضاً وتستطيع تَحمّل أوزانٍ كبيرة دون أن تتحطم. كما استطاع الباحثون التحكم بدرجة صلابة وليونة هذه المواد.
وقد تمّ استيحاء هذا التصميم من تقنية تدعى سنابولوجي، وهي إحدى تقنيات فن الأوريغامي. يُعْرَفُ الأوريغامي بأنّه فن طيّ الورق لصناعة أشكالٍ معقدةٍ، أما السنابولوجي فهو أحد تقنيات فن الأوريغامي، والذي يعتمد على طيِّ الورق بالإضافة إلى مفهوم التداخل بين عدة تصاميم صغيرةً للحصول على التصميم النهائي.
قامَ فريقُ العملِ بتقليدِ تقنيةِ السنابولوجي، بحيث عمدوا إلى دمجِ عدةِ مكعبات للحصول على شكل نهائي يتكون من ستة مكعبات له 24 وجه و36 حافة، يُشَكّل وِحدة البناء الرئيسية لهذه المواد الجديدة . كما أن فن الأوريغامي يُتيح طيّ المكعب على طولِ حوافه لتغييرِ شكله، وقد أثبت الفريق نظرياً وتجريبياً أنّه بالإمكان إعادة تشكيل هذه الوحدات الرئيسية ليأخذَ عدة أشكال أخرى عن طريق طيّ حوافها. لتفسيرِ ذلك تخيلْ وجود سطحين تجمعهما مفاصل، يمكنك في هذه الحالة الحصول على عدة أشكال ومنها الشكل المستوي والشكل الزاوي وهكذا، وبالتالي يمكن تعميم هذا التخيّل على المكعب. وضعَ الفريقُ أيضاً مُفَعّلات هوائية في هذه الوحدات، والتي تُمكن الفريق من برمجة شكل معين، وتغيير هذا الشكل وأبعاده وإزالة الحاجة لِتدخل خارجي.
يَصفُ فريقُ العملِ البحثَ كالتالي: "قمنا بتصميمِ بناء ثلاثي الأبعاد ذو جدران رقيقة، والذي من الممكن استخدامه في بناء عناصر قابلة للطيّ وإعادة برمجتها (بحيث تأخذ أشكال مختلفة). يمكن تغيير شكل هذه العناصر وحجمها وصلابتها وضبطها باستمرار والتحكم بها". وكما يقول الفريق: "بهذه الطريقة لا يُمكن فقط فهم كيفية تشوه المواد، ولكن أيضاً تَمَلُك نظام تفعيل يُسخّر هذا الفهم. وبالتالي نتعلّم ما هو المطلوب بالضبط للحصول على شكلٍ معينٍ“.
جمّع الفريق 64 من الوحدات الأساسية لإنشاء مكعب كبير بأبعاد 4*4*4 يستطيع التمدد والتقلص وتغيير شكله العام، ويمكن طيّه على شكل مسطح. كما أن هناك إمكانية لتغيير الشكل وبالتالي تغيير الصلابة بنفس الكيفية، وبالتالي تُضيفُ هذه التغيرات الموجهة بُعداً رابعاً للمادة. كما يمكن أن يتم تفعيل هذه المواد بأي نوع من المفعِّلات بما في ذلك التفعيل الحراري أو المائي.
آلية الطي:
يعتمدُ المبدأُ الأساسي للتحكم بشكلِ هذه التصميمات على تصميم الوحدة الأساسية، حيث تم تصميم جيوب هوائية خاصة في ثلاث حواف (منطقة التمفصل) ضمن الوحدة الأساسية كما هو مُوَضح في الشكل ويتم إيصال الهواء بواسطة الأنابيب الدقيقة الموصولة بها واعتماداً على الضغط المطبق يتم الحصول على الشكل المطلوب.
أما عن مستقبل هذه المواد والتطبيقات التي يمكن بناؤها عبر هذه المواد فهي كثيرة، وتتراوح من المقياس النانو متري إلى المقياس المتري. فيمكننا بناء مواد قد تستخدمَ أثناء العمليات الجراحية لفتح الشرايين مثلاً، كما يمكننا الحصول على تطبيقات رائعة في الهندسة المعمارية الديناميكية بما في ذلك الملاجئ المحمولة، واجهات المباني القابلة للتكيف، والأسطح القابلة للسحب.
فيديو عن التقنية وآلية حركتها
وللتفاصيل الكاملة عن هذا البحث هنا
المصادر: