الاقتصاد والعلوم الإدارية > موارد بشريّة
التصوير السلبي للموارد البشرية في الافلام وبرامج التلفزيون
لنأخذ على سبيلِ المثالِ راين بينغهام، الذي لعبَ دورهُ الممثلُ العالمي جورج كلوني في فيلم Up in the Air في عام 2009. كانَ راين ذلكَ الشخصُ عديمُ المشاعر والشفقة والرحمة، حيثُ قامَ بتقليصِ أعداد الموظفين وتسريحِ عدد كبيرٍ منهم. وبالإضافةِ إلى صفاتهِ المذمومةِ، فقد قام بتدريبِ مساعدتهِ الشابة التي لعبت دورها آنا كيندريك لتصبحَ نسخةً عنهُ.
لم يكن هذا تصويرا ايجابيا لمهنة الموارد البشرية!
تصور وسائل الإعلام وبخاصة البرامج التلفزيونية والافلام، بعضَ المهن بطريقةٍ سلبية ونمطية بشكل مستمر، فعادةً ما يتم تصويرُ الصحفيين على أنهم كسولين ومأجورين، والمحامين على أنهم أشخاصٌ وصوليون مستعدون لعملِ كل شيءٍ لتحقيقِ أهدافهم. وفي هذا السياق، فموظفو الموارد البشرية ليسوا بمنأى عن هذا التصوير النمطي. ففي السنوات الاخيرة، صورت وسائلُ الاعلامِ مدراءَ ومستشاري الموارد البشرية على أنهم أشخاصٌ أشرار، باردو المشاعر، متآمرون ومخادعون في أغلب الأحيان.
يقول Michelle E. Phillips، مدير في مكتب Jackson Lewis : " بشكل عام لا يتم تصوير موظفي الموارد البشرية بشكلٍ إيجابي في وسائلِ الإعلام، حيث من الواضح وجودُ قدرٍ كبيرٍ من عدمِ الثقةِ في دورهم، وتصورُ عددٍ كبيرٍ من الناس بأن موظف المواردِ البشرية هو محامٍ يمثل مصالح الشركة وليس مصالح الموظفين، كما يوجدُ شعورٌ بأن موظفي الموارد البشرية لا يمثلونَ قيمةً مضافةً لربحيةِ الشركات وإنما يمثلون كلفةً ذات عوائدَ محدودة."
ستقومُ محطة FOX فوكس في هذا الخريف بعرضِ برنامجٍ كوميديٍ جديدٍ بعنوان "HR – الموارد البشرية" ، حيث ستقومُ الممثلةُ جودي غريير بلعبِ دورِ مديرةِ المواردِ البشرية لمعملِ قوالبِ بلاستيك، وتواجهُ مديرةُ الموارد البشرية في هذا البرنامج مختلفَ الصعوبات التي يمر بها موظفُ الموارد البشرية بشكلٍ يومي، من الشعور بضغطِ العمل وعدم تقديرهِ من قبلِ رؤسائهِ إلى حاجتهِ للتوفيق بين تناقضات متطلبات رئيس الشركة ومتطلبات العمال.
لن نستطيعَ أن نعرفَ كيفَ سيتم تصويرُ موظفي الموارد البشرية في هذا البرنامج، حيثُ أنه لم تقم المحطةُ بعرضِ الحلقةِ الاولى حتى الآن، ولكن تصوير موظفي الموارد البشرية في البرامج التلفزيونية السابقةِ لم يكن ايجابياً، مما يعطينا فكرة عما يمكنُ أن نتوقعه.
موظف الموارد البشرية الشرير
في البرنامج الكوميدي الذي عرضتهُ قناةُ NBC من 2013 الى 2015، " The Office – المكتب"، والذي تدورُ أحداثهُ في شركةِ توريد ورق في ولاية بنسلفانيا، طالما اصطدمَ المديرُ الإقليمي ميشيل سكوت، والذي لعبَ دورهُ الممثل ستيف كاريل، مع مديرِ الموارد البشرية توبي فلندرسن، والذي لعبَ دوره الممثل بول ليبيرستن. ميشيل لا يحب توبي لأن مدير الموارد البشرية مكلف بتطبيقِ سياسات الشركة، ولأن مكتب الشركة يعج بالتصرفاتِ اللاأخلاقية الخارجةِ عن سياسات الشركة.
يقول Michelle E. Phillips: “كان هذا من أسوأ ما تم تصويرُ مدير الموارد البشرية به، فـ"توبي"، ضعيف وغيرُ فعال في محاربةِ وضبطِ تصرفاتِ ميشيل. ولا يستطيعُ منعَ ميشيل من تفضيل بعض الموظفين على بعضهم الآخر، ولا يستطيعُ التواصلَ بشكلٍ فعالٍ مع فريق العمل".
في برنامج قناة ABC الذي عُرضَ من عام 1995 إلى 2004" برنامج درو كيري - The Drew Carey Show" يقومُ بطلُ البرنامجِ درو كيري بدورِ مديرِ المواردِ البشرية في متجرٍ كبير. كان يتم تصويرُ كيري بشكلٍ مستمرٍ على أنه شخصٌ ظريفٌ ولكنه فاشل، كما أنه متزوجٌ من مديرته في العمل " التصرف الغير مسؤول لو حدث في الحياة العملية".
الأدوار الأخرى للموارد البشرية
في المقابل، صورت بعضُ البرامجِ التلفزيونيةِ مدراءَ المواردِ البشريةِ على أنهم أشخاصٌ عقلاء وحكيمون. على سبيل المثال في برنامج " نظرية الإنفجار العظيم - The Big Bang Theory"، كانت جانين ديفيس، والتي لعبت دورها الممثلةُ ريجينا كينغ، موظفةَ موارد بشرية مؤهلة وقادرة على إتمامِ العملِ بطريقةٍ مثالية، مع أنها واجهت باستمرار صعوباتٍ في التعاملِ مع الموظفين الذين يقومون بأشياء جنونية في مكان العمل.
" كانت هذه التجربةُ مسليةً ومضحكة" يقول مارك بيرمان، رئيس التحرير في موقع Programming Insider المتخصص في تقييم الأخبار والبرامج التلفزيونية. " تقومُ الممثلةُ بالتعاملِ مع بعضِ الموظفينَ المهووسين، وكلما تعاملوا معها كانوا يخافون قولَ أي شيءٍ لأنها موظفةُ الموارد البشرية."
كما يلاحظ بيرمان بأن هذه الشخصيةَ والمواقفَ التي تتعرضُ لها قد نالت إعجابَ المشاهدين، مما دفع القائمين على البرنامج على زيادة ظهور هذه الشخصية وعرضَ عددٍ أكبر من المواقف الخاصة بها.
بالإضافة إلى هذا البرنامج، لا ننسى ما عرضتهُ قناة AMC في برنامج " Mad Men"، والذي يصور حقبةَ الستينات وفيها عدد من رؤساءِ العمل من الرجال المدخنين، و المدمنين على الشراب، والمنحدرين أخلاقياً، ويصورُ النساءَ في العمل على أنهن مثيرات ورومانسيات. يقدمُ لنا البرنامج صورةً قاتمةً عما يمكن أن يكون شكل مكان العمل بدون قسم الموارد البشرية، وبدون سياسات تمنع التصرفات اللاأخلاقية كالشرب أو التحرش في أماكن العمل.
لمْ يعرض البرنامج موظف للمواردِ البشريةِ في الشركة، ولهذا لا نتعجب من وجودِ هذا الكم الهائل من المشاكلِ الوظيفيةِ في برنامجِ “Mad Men” ، كما يعلق جوناثان سيغال، شريكٌ في شركة Duane Morris.
بغض النظر عن برنامج “Mad Men”، فإن أي مناسبة يظهرُ فيها موظفُ المواردِ البشريةِ في وسائلِ الاعلام، تكون خاضعة للأحكام النمطية المسبقة.
ولكن هناك دائما جانبٌ مشرق، يقول سيغال " بغض النظر عن طريقة تصويرِ موظفِ المواردِ البشرية، فإن اهتمامَ وسائلِ الإعلامِ بهذهِ الشخصيةِ يؤكدُ أهميتها وأهمية دورها". "ولكن التصويرَ السلبي في البرامج يولدُ خطرا على موظفي المواردِ البشرية، حيث أن الموظفون العاديون قد يقومونَ بالمقارنةِ بين موظفي المواردِ البشريةِ على التلفاز والموظفين في الشركات التي يعملونَ بها بشكل سلبي. وإن تم التصوير بشكلٍ إيجابي سيتمنون لو أن هذا الموظفَ موجودٌ في شركتهم.
المصادر