الطب > مقالات طبية
تقنيةُ تصويرٍ جديدةٍ تكشفُ عن أذيةٍ دماغيةٍ مبكرةٍ ناجمةٍ عن ارتفاع ضغط الدم
يمكنُ لارتفاع ضغط الدم أن يلحق الضرر بجسمِك بهدوءٍ لعدة سنوات قبل تطوُّرِ الأعراض، وإن تُرِكَ دونَ رقابة فسوفَ تُعاني من سوء في الحياة أو قد تتعرَّض لنوبةٍ قلبيةٍ قاتلةٍ. ولحسنِ الحظ، يمكنك التحكُّم بضغطِ الدَّم المرتفع للحدِّ من خطرِ حدوثِ الاختلاطات المهدِّدة لحياتِك وذلك من خلال المعالجة المناسبة وبتغيير نمطِ الحياة.
ولكن هل فكَّرت يوماً ما بوجودِ ارتباطٍ بين ارتفاعِ ضغط الدَّم وتغيُّر قدرةِ المريض على اتخاذ القراراتِ أو الإدراك!
تابع معنا لتتعرَّف أكثر على هذا الموضوع.
------------------------------------------------------------------------------
تتكون القشرةُ الدماغيةُ من قسمين أساسيين وهما المادّةُ الرماديّةُ والمادّةُ البيضاءُ، تحتوي المادّةُ الرماديّةُ على الخلايا العصبية وتقع غالباً في المنطقةِ السَّطحيّة من القشرة الدماغيّة، وتحتوي المادّة البيضاء على المحاور العصبيّة المنبثقة من هذه الخلايا لتقومَ بصُنعِ اتِّصالاتٍ ما بينَ الخلايا العصبيّةِ المجاورة، أو الخلايا العصبيّة التي تقعُ على الطّرف المقابل من الدماغ، أو حتى الخلايا العصبيّةِ الموجودة في الحبل الشَّوكي، وتُعتبر هذه الوصلاتُ الدِّماغيَّة من أهمِّ التّراكيبِ التي تُعطِي الدِّماغَ قُدرتَهُ على نَقلِ وتَحليلِ وتَخزينِ المعلوماتِ والنَّبَضاتِ العصبيِّة.
وقد وَجدت تقنيةُ تصويرٍ جديدةٍ بأنَّ الأشخاصَ المصابونَ بارتفاعِ ضغطِ الدَّم لديهم أذيَّةٌ في السُّبُل العصبيَّة التي تربطُ الأجزاءَ المُخْتلفة من الدِّماغ، وذلك وِفقَاً لدراسةٍ قُدِّمَت في مؤتمر ارتفاع ضغط الدَّم لجمعيةِ القلب الأميركيّة في عام 2015.
ترتبطُ المِنطَقة المُتأذِّية المُكتشَفة في الدِّماغ بالإدراك واتّخاذِ القرارِ والقدرة على تنظيم المشاعر.
وتقولُ الدكتورة (Daniela Carnevale) "لدينا بالفعل طرقٌ واضحةٌ لاكتشاف الأذيّة التي يُحدثها ارتفاعُ ضغطِ الدَّم بالكِليتين والعينين والقَلب، ولكنَّنا أردنا إيجادَ وسيلةٍ لتقييم الأذيّة الدِّماغية التي يمكنها التنبُّؤ بتطوّر الإصابة بالخرَف (dementia) المترافق مع الأمراض الوعائية."
وعلى الرَّغم من إجراءِ الكثيرِ من البحوثِ حول تبدُّلات المادّة الرماديّة في الدّماغ المرتبطة بارتفاع ضغط الدّم، فقد اقترحت الدّكتورة بأنَّ إلقاء نظرةٍ داخل المادّة البيضاء الدّماغية قد يقدِّمُ دليلاً بأنَّ لارتفاعِ ضغطِ الدّم تأثيراً مبكِّراً أكثر مِمَّ نعلَم.
وقدِ استخدمَ الباحثون تقنية التصوير (DTI)* التي تعتبرُ متطورةً عن تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، لتقييم الخواصِّ البنيوية والوظيفيّة للرّوابط الرئيسية بين الأجزاء المختلفة من الدماغ.
تلقَّى 15 مشاركاً علاجاً دوائياً لارتفاع ضغط الدم المعتدل و الشديد، و 15 مشاركاً آخرين لديهم ضغط دمٍ طبيعي، وقد خضع جميعُ المشاركين أيضاً لتقييمٍ معرفي.
ولم يُظهر تصوير الدماغ للمشاركين باستخدام الرنين المغناطيسي التقليدي أيَّ شذوذٍ، بينما أظهرت تقنية التصوير المتطوِّرة (DTI) وجودَ أذيَّةٍ لدى المشاركين المصابين بارتفاع ضغط الدم في كلٍّ ممَّ يلي:
- الألياف العصبية التي تؤثر في الوظائف غيرِ اللفظية.
- الألياف العصبية التي تؤثر في الوظائف التنفيذية وتنظيم المشاعر.
- ألياف الجهاز الحوفِي (الطرفي)، التي تشارك في مهام الانتباه (attention).
بالإضافة إلى ذلك، فقد أشارت نتائج المختبر والتصوير إلى أذيَّةٍ في القلب والكليتين بسبب ارتفاع ضغط الدَّم.
كما وجد الباحثون بأنَّ المشاركين الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدّم هم ذو أداءٍ أسوأ بشكلٍ ملحوظ في تقييمين مختلفين للوظيفة الإدراكية والذاكرة.
ومع ذلك، لم يكن هنالِك اختلافاتٌ في اختبارات تقييم الوظيفة اللفظية أو القدرة على إنجاز النشاطات اليومية.
وقالت الدكتورة "تؤمِّن تقنية التصوير (DTI) سبيلاً لتقييم الأذيّة الدّماغية بشكلٍ سابقٍ للأعراض في الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، وذلك لتحديد المعالجات الممكنة المُساعدة في التحكم بالأذيّة الدماغيّة والحدّ من التطوّر النهائيّ للخرَف. ومن المقبول عموماً بأنّه ليسَ لجميع العلاجات الدوائية التأثير ذاته على الأنواع المختلفة من أذيّات الأعضاء."
تُدعى تقنية التصوير (DTI) أيضاً باسم (tractography)، ولا يتمّ إجراؤها في الممارسة الطبية الاعتيادية، ولكن يقترح الباحثون بأنَّه يجب أن يبدأ الأطباء بالأخذ بعين الاعتبار وجود أذيةٍ دماغيةٍ ممكنةٍ عند معالجة المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم.
-------------------------------------------------------------------------
الحاشية:
تقنية التصوير (DTI): تُظهرُ هذه التقنيةُ نجاحاً واعداً في تقييم أذيّات المادّة البيضاء في الدّماغ(هي المنطقة التي تحتوي على المحاور العصبية الصادرة عن الخلايا العصبية)، وهي تقنيةٌ متطورةٌ عن التصوير بالرنين المغناطيسيّ (MRI).
يعتمد التصوير بالرنين المغناطيسي على اختلاف تركيز الماء بشكلٍ أساسيٍّ وفقاً لنوع النسيج: فتتضمَّن المادة البيضاء نسبةً مقدارها 70% من الماء والمادة الرمادية 80% والسائل الدماغي الشوكي 99%، وتساهم هذه الاختلافات في المُحتوى المائي في تباين وضوح النسج المختلفة على الصورة. بينما تتضمَّن تقنية التصوير (DTI) أكثر من ذلك وذلك بقياس مدى حرية حركة جزيئات الماء في النسيج ومقدار واتجاه انتشارها في المادة البيضاء في الدّماغ بشكلٍ خاص.
-----------------------------------------------------------------------------
المصادر:
مصدر المقدمة:
مصدر الترجمة المباشر:
المصدر الرئيسي للدراسة:
مصدر الحاشية: