الطب > كيف يعمل جسم الإنسان؟
سلسلة كيف يعمل جسم الانسان؟ الجهاز الحركي - المفاصل
قد تعزي الفضلَ لعظامكَ في قامتكَ الواقفة، ولعضلاتكَ في تحريكِ تلك العظام، ولكنّك ستقفُ هنا أمام سؤالٍ هام: ما السببُ الكامنُ وراء قدرتك على تحريك ذراعكَ بمختلفِ الاتجاهات، في الوقت الذي لا يمكنكَ فيه أن تطوي ساقك على فخذك من الأمام؟
نعم إنّها المفاصل! ولكن كيف ذلك؟ لنتعرّف عليها معاً..
كيف تتصلُ العظامُ معاً؟
تتصلُ العظامُ المختلفةُ ببعضها البعضِ سواءً كان ذلك اتصالاً مستمرّاً أم غيرَ مستمرٍّ، وهذهِ الاتصالاتُ هي التي تسمحُ لها بالحركةِ نسبةً إلى بعضها، كما وتحدّدُ نمطَ هذهِ الحركةِ وسعتِها. ويمكنُنا أن نميّزَ نوعين رئيسييّن من مناطقِ الاتصالِ تلك:
أ. المفصلُ اللّيفيّ Fibrous joints: وهو يشكّلُ اتحاداً مستمراً غيرَ مباشرٍ بين عظمين، ولا يسمحُ إلا بقدرٍ ضئيلٍ من الحركةِ. تتصلُ فيه العظامُ بواسطة أنسجةٍ مختلفةٍ مثل:
- نسيجٌ ضامٌ يصلُ العظامَ مع بعضها، وهو ما يشكّلُ الدروز Synarthrosis كالدروز القحفيّة التي تصلُ عظامَ الجمجمةِ معاً.
- نسيجٌ غضروفيّ ليفيّ يصلُ عظمين معاً مشكّلاً ارتفاقاً Amphiarthrosis كالارتفاقِ العانيّ بين عظمتي الحوضِ.
ب. المفصلُ الحقيقيّ: وهو اتحادٌ غير مستمرٍّ بين عظمين؛ يتكوّنُ من عدّةِ سطوحٍ مفصليّةٍ ومحفظةٍ وغشاءٍ زليليّ بالإضافةِ لوسائلَ اتحادٍ أخرى، ويسمحُ بقدرٍ أكبرَ من الحركةِ تبعاً لنوعِه، ويُدعى هذا النوعُ أيضاً بالمفصلِ الزليليّ Diarthrosis ، كمفصلِ الكتف.
توضيح لأنواع المفاصل(a- مفصل ليفي بنسيج ضام . b- مفصل غضروفي. c- مفصل زليلي)
مكوّناتُ المفصلِ الحقيقي:
أ. السطوحُ المفصليّة: وهي النهاياتُ العظميّةُ المتقابلةُ التي يصلُ المفصلُ بينها، وتكونُ هذه النهاياتُ ملساءَ ومغطّاة بغضروفٍ يعطي المرونةَ للحركةِ في المفصل، ويقي السطوحَ المفصليّة من الاحتكاكِ. ويمكنُ تقسيمُ المفاصلِ تبعاً لشكلِ سطوحِها المفصليّةِ إلى:
- المفاصلُ المسطّحةُ Plane Joints: حيثُ تكونُ السطوحُ المفصليّةُ مسطحةً ولا تسمحُ إلّا بحركاتٍ انزلاقيّةٍ صغيرة، كالمفاصلِ في مشطِ القدم.
- المفاصلُ الركبيّة Ginglymi (hinge) joints: وتضمُّ سطحاً محدّباً وآخر مقعّراً يتمفصلان سويّاً ممّا يسمحُ بالدورانِ حول محورٍ واحدٍ فقط، وذلك مثلُ تمفصلِ عظمِ العضدِ مع الزند (حركةُ عطفِ وبسطِ السّاعد على العضد).
- المفاصلُ البكريّةُ Trochoid (pivot) joints: وتحوي سطحاً إسطوانيّاً محيطهُ محدّبٌ، وسطحاً مقعّراً كالخاتمِ يتناسبُ معه؛ فإمّا أن يتحرّكَ السطحُ المحدّبُ ضمن السطحِ المقعّر أو أن يتحرّكَ المقعّرُ حولَ السطحِ المحدّب. ومثالهُ المفصلُ بين الفقرتين الرقبيّتين الأولى والثانية، والمفصلُ بين الزندِ والكُعبرة.
- المفاصلُ اللقميّة Bicondylar joints: وتتكوّنُ من قطعتين بيضويتيّن إحداهما مقعّرةٌ والثانيةُ محدّبةٌ ممّا يسمحُ بحركاتٍ معقّدةٍ كما في المفصلِ الصدغيّ الفكّي.
- المفاصلُ الكرويّة Spheroidal joints: وتتشكّلُ من سطحين، يشكّلُ كلٌّ منها جزءاً من كرةٍ، كما في المفصلِ الكتفيّ العضديّ (حركةُ الذراعِ مع الكتف).
ب. المحفظةُ المفصليّة: وهي نسيجٌ ليفيّ يحيطُ بالمفصلِ ويرتكزُ على العظامِ المتمفصلةِ عند نهاياتها، يبطّنُها من الداخلِ غشاءٌ يُدعى بالغشاءِ الزليليّ؛ يحوي على الأوعيةِ والأعصابِ، ويفرزُ سائلاً يسهّل حركةَ السطوحِ المفصليّة ويخفّف من الاحتكاكَ فيما بينها، كما يلعبُ دوراً في تغذيةِ الغضروفِ المفصليّ.
ت. الأربطةُ المفصليّةُ: وهي عبارةٌ عن تسمّكاتٍ في المحفظةِ الليفيّةِ أو شرائطَ وحزمٍ ليفيّة مرنةٍ، تربطُ بين السطوحِ المفصليّةِ وتحدُّ من حركتِها بالنسبةِ لبعضها؛ أي أنّها تقلّلُ من مدى حركةِ المفصلِ وتزيدُ من ثباتِها لمنعِ الخلعِ المفصليّ.
كما رأينا إذاً، تشكّلُ السطوحُ المفصليّةُ اتصالاتٍ متحرّكةٍ بين العظامِ، وتفصلّها عن بعضِها مسافةٌ صغيرةٌ تُدعى المسافةُ المفصليّةُ؛ تغلّفُها المحفظةُ المفصليّةُ التي تحوي على وجههِا الداخليّ أوعيةً دمويةً وأعصاباً، وعلى وجهِها الخارجيّ حزماً ليفيّةً تحدُّ من حركةِ المفصلِ.
وبفضلِ العضلاتِ التي تحيطُ بالمفصلِ؛ تتحرّكُ إحدى العظام على الأخرى وفقاً للمحورِ الذي يسمحُ فيهُ المفصلُ بالحركةِ والمدى الذي يتيحُهُ. ولكلّ مفصلٍ محورهُ وسعتُه الخاصّة طبقاً للوظيفةِ المطلوبةِ منه؛ من أقلِّ المفاصلِ قابليةً للحركةِ كمفاصلِ الجمجمةِ، إلى أكثرِها قابليةً للحركةِ كمفصلِ الكتفِ والحوض.
أمراضُ المفاصل:
تعدُّ الالتهاباتُ المفصليّةُ من الأسبابِ الرئيسيةِ للإعاقةِ والإقعادِ لدى الأشخاصِ فوق سنِّ الخامسةِ والخمسين من العمر. وللالتهاباتِ المفصليّةِ أنواعٌ عديدةٌ لكلٍّ منها سببٌ يقفُ خلفه. أكثرُها شيوعاً هو الفصالُ العظميّ أو ما يُعرفُ بالتهابِ المفاصلِ التنكسيّ؛ والذي يحدثُ تالياً لرضٍ على المفصلِ أو إنتانٍ مفصليّ أو بكلّ بساطةٍ بسببِ الشيخوخة.
لمعرفة المزيد حول أثار الشيخوخة على المفاصل :
لمعرفة المزيد حول علاج إلتهاب المفاصل الروماتيزمي
من الأنواعِ الأخرى لالتهاباتِ المفاصلِ هو التهابُ المفاصل الرثيانيّ والتهابُ المفاصلِ الصدافيّ، وكلاهما من أمراضِ المناعةِ الذاتيةِ التي يهاجمُ فيها جسمُ الإنسانِ نفسَهُ. كما يوجدُ التهابُ المفصلِ الإنتانيّ الناتجُ عن دخولِ عواملَ ممرضةٍ كالجراثيمِ والفطورِ إلى داخلِ المفصل.
لمعرفة المزيد حول التهاب المفاصل الرثياني:
لمعرفة المزيد حول التهاب المفاصل الصدافي:
ويشكّلُ النقرسُ أحدَ أمراضِ المفاصلِ أيضاً، وهو ناتجٌ عن ترّسبِ بلوراتٍ من حمضِ البولِ في المفصلِ مسببّةً التهاباً فيه. وهناك نوعٌ أقلُّ شيوعاً من التهاباتِ المفاصلِ شبيهٌ بالنقرسِ ناجمٌ عن ترّسبِ بلّوراتٍ من بيروفوسفات الكالسيوم؛ وهو ما يُعرف بالنقرسِ الكاذب.
لمعرفة المزيد حول النقرس:
وبشكلٍ عام، تؤدّي أمراضُ المفاصلِ إلى أعراضٍ مختلفةٍ حسبَ المرضِ، قد تشملُ:
- الألمُ الموضعيُّ في المفصل.
- الاحمرارُ.
- الحرارةُ الموضعيّة.
- التورّمُ.
- محدوديةُ الحركة.
- الإيلامُ عند الحركة.
وفي النهايةِ، نختمُ موضوعَنا بسؤالٍ شائعٍ: هل تؤدّي طقطقةُ الأصابعِ إلى الإضرارِ بالمفاصلِ؟
لمعرفة الجواب : هنا
المصادر:
39th edition of Gray's Anatomy