الفيزياء والفلك > علم الفلك
فلكيون يكتشفون نظاما فريدا قد يسمح باختبارات أقوى لصحة النظرية النسبية العامة
اكتشف الفلكيون باستخدام تلسكوب غرين بانك (GBT) التابع لمؤسسة العلوم الوطنية نظاماً نجمياً يتألف من نجمين قزمين أبيضين ونجم ثالث نيوتروني شديد الكثافة, وجميعها موجودة ضمن منطقة أصغر من مدار الأرض حول الشمس, و قد سمح قربها من بعضها البعض للعلماء بانجاز قياسات مذهلة على التأثيرات المعقدة للجاذبية في مثل ذلك النظام النجمي, وقد تقدم تفاصيل الدراسات المتعلقة بذلك النظام مفتاح لحل واحدة من مسائل الفيزياء الأساسية وهي حقيقة وطبيعة الجاذبية .
ويقول سكوت رانسوم من المرصد الراديوي الفلكي الوطني: زودنا ذلك النظام الثلاثي بمختبر كوني طبيعي لم يكن من الممكن توفره من قبل وذلك لدراسة الانظمة المكونة من ثلاثة أجسام واحتمال ايجاد مشاكل تخص النسبية العامة يتوقع الفيزيائيون أن يروها ضمن تلك الظروف المتطرفة.
وكانت عملية البحث التي جرت باستعمال التلسكوب (GBT) قد اكتشفت في البداية نجما نابضا يبعد 4200 سنة ضوئية عن الأرض ويدور حول نفسه بمقدار 366 دورة في الثانية ومثل ذلك النجم يدعى بالنجم النابض بالميلي ثانية، وبإمكان العلماء استخدامه كأداة قياس دقيقة في دراسة ظواهر متنوعة ومن ضمنها البحث عن ما يسمى بأمواج الجاذبية. ولاحقا أظهرت المراقبة أن النجم النابض في مدار قريب من قزم ابيض وكلاهما في مدار مع قزم ابيض آخر أكثر بعدا . وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتواجد فيها نجم نابض بالميلي ثانية في نظام كهذا، وحينها أدرك العلماء فورا بان تلك الوضعية ستقدم لهم فرصة كبيرة في دراسة تأثيرات وطبيعة الجاذبية.
وبدأ العلماء مباشرة بتركيز برنامج المراقبة باستعمال تلسكوب (GBT) وتلسكوبات أخرى موزعة في أنحاء مختلفة من العالم . ووجدوا أن اضطراب الجاذبية المفروض على كل جسم من النظام من قبل الجسمين الآخرين واضح جدا، وقد كان للنجم النابض دورا أساسيا كأداة صحيحة ودقيقة في قياس تلك الاضطرابات بشكل مذهل , وعن طريق تسجيل زمن وصول نبضات النجم الراديوية تمكن العلماء من تحديد هندسة النظام وحساب كتل النجوم بدقة لا نظير لها، وبناء على ما سبق حاول العلماء استعمال تلك القياسات في بناء محاكاة حاسوبية للتنبؤ مستقبلا بحركة النظام.
وحسب ما يقول العلماء فان النظام المدروس قد يعطي فرصة لإيجاد نظرية جديدة للجاذبية.فالنظام المدروس أعطى العلماء فرصة لاكتشاف أي خلل في مبدأ يدعى مبدأ التكافؤ والذي ينص على أن تأثير الجاذبية على الأجسام لا يعتمد على البنية الداخلية أو طبيعة تلك الأجسام. فبالقرب من سطح الأرض ستسقط كرتان من الخشب والحديد بنفس التسارع عندما نهمل مقاومة الهواء بغض النظر عن طبيعة المادتين.
ويشرح رانسوم:لقد تم تأكيد النسبية العامة بالعديد من التجارب إلا انها لا تتوافق مع النظرية الكمومية ولذلك توقع العلماء بان أي خلل في مبدأ التكافؤ سوف يظهر ضمن الأبحاث الجارية على النظام النجمي الثلاثي والذي سيوفر فرصة للبحث عن مخالفات لصيغة محددة من مبدأ التكافؤ تدعى مبدأ التكافؤ القوي.
عند انفجار نجم ضخم كسوبرنوفا تصبح بقاياه نجماً نيوترونياً شديد الكثافة، وبعض من كتلته تتحول إلى طاقة ارتباط جاذبة تعمل على تماسك النجم الكثيف مع بعضه البعض . وحسب مبدأ التكافؤ القوي فان طاقة الربط الجاذبة ستؤثر بجاذبيتها كما لو أنها مازالت كتلة من المادة. بينما تؤكد جميع النظريات البديلة أن الطاقة لن تبدي تأثيرات جاذبة كانها كتلة.
بحسب مبدأ التكافؤ القوي فإن تأثير الجاذبية للقزم الأبيض الخارجي سيكون ذاته على كل من القزم الأبيض الداخلي وكذلك النجم النيوتروني النابض،وفي حال عدم صلاحية مبدأ التكافؤ القوي في ذلك النظام فان تأثير جاذبية القزم الأبيض الخارجي على القزم الداخلي وعلى النجم النيوتروني ستكون فيها اختلافات طفيفة جدا ومع ذلك فان دقة التوقيت العالية للنجم النابض سوف تظهر لنا ذلك الاختلاف بكل سهولة.
وباستخدام دقة التوقيت العالية للنبض القادم من النجم النابض يمكن التأكد من أي انحراف حاصل في مبدأ التكافؤ القوي ما يعني مخالفة نظرية النسبية العامة وتمهيد الطريق لنظرية جديدة وأكثر شمولا عن الجاذبية.
ويختتم رانسوم بقوله: إن هذا النظام مذهل من عدة نواحي بما في ذلك تاريخ تشكله الذي من المؤكد انه غريب جدا وسيكون لدينا الكثير من العمل لفهمه بشكل كامل.
المصدر: هنا
حقوق الصورة: Bill Saxton, NRAO/AUI/NSF.