الهندسة والآليات > اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
لماذا لم تَعُدّ الهواتفُ المحمولةُ تحملُ هوائيات قابلة لِلسحبِ؟
جميعنا يتذكر الهواتف النقالة ذات الهوائيات القابلة للسحب لزيادة طولها، فتصبح قادرة على التقاط الشبكة، والقيام باتصال واضح ومناسب. ولكن السؤال الذي يراود الكثير منّا: كيف تمكّن صانعو هذه الأجهزة من التخلص من هذه الهوائيات، وجعل حجم الهواتف النقالة أصغر وأخف وأكثر أريحية؟
الحجم الهوائي للهاتف اللاسلكي أو المحمول يعتمد على تردد الناقل المُستَخْدَم لترميز إشارة الاتصال التي يمكنه استقبالها، فَطُولُ الهوائي يجب أن يقارن بطول الموجة لتردد الناقل، وهو عبارة عن تذبذب دوري بين حقل مغناطيسي، وحقل كهربائي، يمكن التحكم بسعتهما التي تحمل المعلومات لاسلكياً.
معدن أسلاك الهوائي يقوم بتحديد تدفق وتراجع موجة الناقل مع التسارع النسبي للإلكترونات المشحونة، فحجم الهوائي يجب أن يكون "كبير" بما فيه الكفاية لالتقاط جزء من هذه الموجات، ولكي يستطيع إنتاج إشارة كهربائية قابلة للقياس.
في عام 1993 بدأت لجنة الاتصالات الفيدرالية مزاداً لبيع مجموعة من الترددات الناقلة لمقدمي خدمات اللاسلكي، وكانت أول مجموعة من الترددات قريبة من 900 ميغاهيرتز، والتي كانت نموذجية للاستخدام في الهواتف اللاسلكية البدائية، وفي نهاية التسعينيات تم الوصول إلى العديد من شرائح الاتصال، والتي وصلت إلى ترددات أعلى من 2 غيغاهيرتز.
بشكل عام عند بدايات ظهور الهواتف الخلوية فقد كان طول الموجة الحاملة حوالي 30 سم، ولهذا فقد كان للهواتف المحمولة في تلك الحقبة هوائيات قابلة للسحب؛ لزيادة طولها نفسها المستخدمة في أجهزة الاتصال اللاسلكية. وسرعان ما بدأ عملاء الخدمات اللاسلكية يحصلون على تحسينات أكبر كلما كان التردد المتوفر أعلى، فالموجة الحاملة ذات تردد أعلى تسمح بمعدلات أسرع في التشفير، وكمية أكبر من المعلومات المنقولة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عرض موجة "2 غيغا هيرتز" لديها خصائص انتشار مختلفة عن "900 ميغا هيرتز"، مما جعلها تخسر خصائصها التي تجعلها مناسبة لمثل هذه التطبيقات.
اليوم فإن تردد الموجات أعلى بثلاث مرات من موجات ال 900 ميغاهيرتز القديمة، مما أدى إلى تقليص حجم الهوائي والذي أصبح يمكن دمجه بسهولة إدخال جسم الهاتف الخلوي.
عامل آخر أيضاً أثّرَ على هذه الهوائيات، وهو تصميمها الذي فتح مجالاً أكبر لما يمكننا فعله بالتقنيات اللاسلكية، الحواسب المحمولة تحتوي أيضاً من 2 ل 4 هوائيات جنباً إلى جنب، مما زاد من قدرة هذه الأجهزة من2 ل 4 مرات على نقل المعلومات. التطور الحقيقي الذي تم إنجازه في آخر 50 سنة هو تطوير آلية تشفير الإشارة التي تستخدم عدة هوائيات لفك تشفير إشارات اللاسلكية بأمان أعلى من أي وقت مضى.
الهاتف الخلوي وثورة شبكة اتصالات الهواتف المحمولة، ما هي في الحقيقة إلا عملية تطوير للهوائيات.
شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصدر: هنا