الهندسة والآليات > اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
ماذا يحدث للكهرباء عندما لا يتم توصيل أي شيء بالقابس الكهربائي؟
هل تساءلت يوماً لماذا لا تخرجُ الكهرباءُ من المَآخَذ الكهربائية؛ لتنتشر ضمن الهواء في بيتك؟
أو كيف تظل قابعةً خلف المآخذ إلا في حال توصيل الأجهزة الكهربائية؟
سنحاول في هذا المقال تبسيط الإجابة على هذا السؤال بقدر المستطاع، دون التطرق لأيٍ من المفاهيم الكهربائية التي قد يصعب فهمها على القارئ العادي غير المختص.
لا بدّ لنا في البداية أن نقدم شرحا بسيطاً عن التيار الكهربائي، يُعرّف التيار الكهربائي بأنه عبارة عن حركة الإلكترونات (حوامل الشحنة) من القطب السالب للمنبع إلى القطب الموجب خلال أية مادة ناقلة كالأسلاك المعدنية مثلاً، التي تعتبر مثالية لنقل التيار الكهربائي؛ بسبب مقاومتها الشبه معدومة لمروره، عند اكتمال هذه الدائرة من العناصر قطب موجب فقير بالإلكترونات، وقطب سالب غنيّ بها، ومادة ناقلة بينهما تسمح بحركة الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب، عندئذٍ نُسمّي هذه الدائرة بالدائرة الكهربائية المغلقة، أما عندما يكون الوسط بين القطب السالب والموجب عبارة عن مادة عازلة (كالهواء أو الخشب)، الذي يمثل مقاومة كبيرة جداً تمنع مرور التيار، وذلك بمنع مرور الإلكترونات فلن يكون هناك أية حركة للإلكترونات بين القطبين، وتسمى الدائرة الكهربائية في هذه الحالة بالدائرة الكهربائية المفتوحة.
ولتبسيط الإجابة على السؤال المطروح يمكننا أن نشبّه الكهرباء بالماء، فكما هو الحال مع الماء عند وجوده ضمن أنبوب خلف صمام مغلق، فإن الكهرباء تمارس قوة دفع على المقبس الكهربائي، أو المخرج حيث يمكنها أن تتحرر، ولكن بدلاً من التعبير عن هذه الظاهرة بأنها "ضغط" كما في حالة الماء فإننا نعبّر عنها بالفولط.
يقول كورت برودريك أخصائي البحث العلمي في مختبرات النظم الميكروية التقنية مجيباً على هذا السؤال: " للكهرباء بعض أوجه التشابه مع الماء، وليسهل عليك فهم هذه المسألة، يمكنك تَخَيّل ما سيحدثُ للماءِ عندما يكونُ الصّمامُ مغلقاً"، فالكهرباء كما الماء عندما يكونُ الصمامُ مغلقاً، تطبق قوة دفع على المخرج يُعبَّر عنها بالفولط في حالة الكهرباء، وبالضغط في حالة الماء.
فعندما تكون الأجهزة الكهربائية في حالة القطع، أي أنها غير موصولة مع مأخذ التيار الكهربائي، فإنه لن يكون هناك أي تدفق للتيار عبر القابس الكهربائي كما لو أن الصمام (في حالة الماء) كان مغلقاً، يقول برودريك شارحاً هذه الحالة: " لا تتحرك الإلكترونات أبداً أكثر مما يتحرك الماء عندما تكون صنابير المياه مغلقة، وبالتالي لا يتم إنجاز أي عمل".
وحتى لو كان الجهاز الكهربائي موصولاً بالقابس الكهربائي، ولكن دون أن يقوم بوظيفته الأساسية، فإن هذا لا يعني دائماً أنه لا يستهلك أية طاقة كهربائية، فمثلاً في حالة المايكروويف الذي يحتوي على ساعة فإن هناك قدراً من الطاقة الكهربائية يتم استهلاكه في عمل الساعة كمهمة ثانوية للمايكروويف، وكذلك الأمر في حالة شاحن الموبايل فإنه يستهلك قدراً ضئيلاً من الكهرباء نتيجة لاحتوائه على محول كهربائي.
وفي الحقيقة فإن تشبيه الكهرباء بالماء يُسَهّل علينا فهم بعض الظواهر الكهربائية، ولكن يبقى هناك بعض الاختلافات الظاهرية بين الحالتين، والتي قد تثير بعض التساؤلات لمن لم يدرك المثال السابق جيداً. فمثلاً، إذا قمت بثقب أنبوب مياه فإن الماء سيتابع تدفقه خارجاً من الأنبوب عبر الثقب، على عكس ما سيحدث لو قمت بقطعِ سلك يتدفق ضمنه التيار الكهربائي، حيث أنه في هذه الحالة سيتوقف التيار عن التدفق مباشرة، ولن يتابع تدفقه خارج السلك منتشراً ضمن الهواء، والسبب في ذلك كما ذكرنا في البداية أن للسلك المعدني مقاومة صغيرة جداً لمرور حوامل الشحنات الكهربائية، تسمح بمرور التيار الكهربائي عبره على عكس الهواء الذي يمثل مقاومة كبيرة جداً تمنع مرور التيار.
وبالتالي فإن الصمام المغلق في حالة الماء يشابه الدارة المفتوحة في حالة الكهرباء، حيث لا وجود لأجهزة كهربائية موصولة مع القابس الكهربائي، وبالعكس فإن الدارة الكهربائية المغلقة تعني وصل جهاز ما مع القابس الكهربائي، وبالتالي تدفق التيار كما هو الحال مع تدفق المياه عند فتح الصمام أو الصنبور.
شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصدر: هنا