الهندسة والآليات > الهندسة البحرية
غواصة ذاتية القيادة والتحكم لتعقب الغواصات المعادية
سمعنا جميعنا عن الطائرة الماليزية التي تحطمت في المحيط الهندي منذ عامين بينما كانت تحلق بنظام القيادة الآلي على الأرجح بعدما فقد الطيارون وعيهم على إثر انخفاض الضغط في قمرة القيادة. لكن هل تخيلنا نظام آلي خاص بقيادة سفينة في عرض البحر؟ نعم سفينة تتجنب السفن الأُخرى، تتعقب الغواصات المعادية كما في الأفلام، تعمل لفترة طويلة من الزمن ضمن مياه المحيطات دون الحاجة لقيادتها من قبل قبطان. لتتعرفوا أكثر عن المشروع الجديد تعالوا معنا لنتابع هذا المقال:
شهد السابع من نيسان لهذا العام تدشين غواصة داربا (DARPA 1) ذاتية القيادة كنموذج أولي متكامل مستقل صُمِّم ليكون قادراً على العوم خارج المرفأ لمدة أسابيع أو حتى أشهر في الجولة الواحدة قاطعاً آلاف الأميال.
تم بناء الغواصة التي يبلغ طولها 132 قدماً والعاملة على الديزل بواسطة شركة (Leidos) الأميركية ضمن برنامج (ACTUV) التابع لداربا وهي اختصاراً لـ (Anti-Submarine Warfare (ASW) Continuous Trail Unmanned Vessel).
تعد هذه الغواصة مشروعاً مشتركاً مع المكتب الأميركي للبحوث البحرية، حيث كان التصور في البداية أن تعمل كمتعقب للغواصات المُتَّخفية التي تعمل على الديزل والكهرباء، لكن فيما بعد تبين أنها منصة مرنة متعددة المهام. يقول مدير البرنامج سكوت (scott littlefield): "لقد لاحظنا بعد إنهاء البرنامج أنها تملك سعة كبيرة من الحمولة الصافية التي تستطيع حملها مما يمكنها القيام بعدة مهام متنوعة".
إن السفن الآلية ليست بشيء جديد، فمثلاً يمكن إطلاقها بعيداً عن الشاطئ من سفن أكبر حجماً حيث يتم التحكم بها عبر العامل البشري ولكن الأماكن المخصصة لحملها ستفرض قيوداً بما يتعلق بحجم هكذا نوع من السفن وقيوداً على مدى المسافة التي يمكن قطعها كونها تستطيع حمل كمية محدودة من الوقود.
حيث يقول سكوت: أنت لا تريد سفينة قابلة للتحكم عن بعد، أنت تريدها أن تكون مستقلة تماماً بحيث تستطيع أن تقوم بأشياء كتجنب العوائق بنفسها لا أن تكون مقادة من قبل شخص عن طريق قبضة تحكم.
تحقق فريق المشروع أنه يمكن القيام بذلك عبر سفينة منفردة تستطيع الانطلاق من المرفأ مباشرةً، إن الإقلاع بهذه الطريقة سيحررنا من قيود الحجم على السفينة ولكنه أيضاً سيطرح احتمالاً بديلاً غير مرغوب به وهو محاولة التحكم بالسفينة عن بعد آلاف الأميال عبر الأقمار الصناعية.
وعن بناء هذه الاستقلالية يخبرنا مدير البرنامج : "ربما كانت التحدي التقني الأكثر صعوبة"، لكن لتستطيع السفينة عبور البحار كان يجب أن تحترم قائمة اللوائح الدولية لمنع الاصطدام في البحر(Convention on the International Regulations for Preventing Collisions at Sea)، والتي هي عبارة عن مجموعة قواعد تحكم بين الأطراف عندما يكون للسفينة الحق بالعبور أو عندما يجب عليها الانتظار أو المناورة والتخلي عن الطريق لتجنب الاصطدام بسفينة أُخرى.
بما أن المناورة يجب أن تكون معلومة لدى غيرها من السفن، لذلك لا يمكن أن تكون مخفية، يشرح سكوت: إن تغيير الوجهة مُفضَّل على تغييرات السرعة كونه قابل للملاحظة أكثر". أي أن التغيير الكبير يفضل على تغييرات صغيرة متتالية وإن كانت أكثر دقة، ويضيف قائلاً: "أنت تحتاج لجعل المناورات تبدو إلى حد ما أشبه بالعمليات البشرية، هذا ما سيتوقع رؤيته الذين يقودون السفن الآخرى".
تم خلال السنتين الأخيرتين إجراء عدة اختبارات لبرنامج القيادة الذاتية (ACTUV) باستخدام بديل، وهو عبارة عن قارب بطول 40 قدم يمتلك ويعمل على نفس البرمجيات والحساسات المطلوبة فوق الماء، حيث قام هذا القارب برحلة مستقلة ذاتية القيادة بوجود مراقبة بشرية انطلاقاً من ساحل (Gulfport Miss) وحتى (Biloxi)، بالرغم من أن المسافة تُعتَبَر قصيرة لكن المعبر المائي مزدحم إلى حدٍ ما ويعتبر جيداً للاختبار.
إن هذه الغواصة موجودة حالياُ في بورتلاند وقريباً سيتم نقلها إلى الجنوب إلى سان دييغو في كاليفورنيا. وعندما ستصل في أيار سيقوم المهندسون بزيادة الاختبارات على الخصائص المتعلقة بالقيادة الذاتية، بعد أن تم اختبارها لمدة سنتين في سان دييغو، ستُسَّلم داربا السفينة لمكتب البحوث البحرية.
تستخدم هذه الغواصة الرادار ونظام التعرف الآلي على السفن للحفاظ على تعقب محيطها. واستخدم فريق البحث الكاميرات أيضاً للمساعدة على التصنيف المرئي للسفن كون القواعد تختلف باختلاف نوع الغواصة.
تطمح جميع دول العالم إلى تطوير تقنيات التحكم الذاتي والقيادة الذاتية وخاصةً بما يتعلق بمجال التسلح، وذلك للسيطرة على البحر والجو والبر. لكننا نأمل أن يكون تطوير هكذا تقنيات من أجل نشر السلام والعمل على تذليل العقبات التي تواجه البشر.
فيديو يوضح أحد تجارب الإطلاق:
شرح المفردات:
داربا: وكالة أبحاث المشاريع الدفاعية وهي تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.
المصدر: هنا