الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية
الطبُ التجديديّ وهندسةُ الأنسجةِ - تطبيقاتٌ طبيةٌ واعدةٌ
هندسةُ الأنسجةِ هي علمٌ متداخلٌ، ومتعددُ التخصصاتِ، يهدف إلى تطوير بدائل حيوية تهدف إلى استعادة، أو تحسين، أو الحفاظ على وظيفة الأنسجة، والتغلب على محدودية العلاجات الحالية القائمة على زرع الأعضاء، وغرسات المواد الحيوية. فبدلاً من الانتظار طويلاً لعملية جراحية لزرع عضو مطابق، فستكون الحلول المقترحة قائمة على أجهزة "اصطناعية" ذات تحمل مناعي عالٍ، تُبنَى بشكل كامل في المختبر، وكذلك على بدائل الأنسجة التي يمكن أن تنمو مع المريض.
تعرفوا أكثر في هذا المقال عن الطب التجديدي وهندسة الأنسجة، وما هي الفرص الواعدة التي يقدمها هذا المجال.
اُشتُقّت هندسة الأنسجة من مجال يدعى "تطوير المواد الحيوية"، ويشير إلى الجمع بين الدعامات (matrix/scaffolds ) والخلايا، والجزيئات النشطة بيولوجيا وتحويلها معاً إلى أنسجة وظيفية .
من الأمثلة عن الأنسجة المهندسة حيوياً الجلد، والغضاريف الاصطناعيان، والتي تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الأغذية والعقاقير. ومع ذلك، مازال استخدامها الراهن محدوداً بين مرضى البشر.
الطب التجديديّ هو حقل واسع يشمل هندسة الأنسجة، ولكن يتضمن أيضا الأبحاث الهادفة لتطوير الشفاء الذاتي -حيث يستخدم الجسم أنظمته الخاصة، وأحيانا بمساعدة مواد حيوية خارجية لإعادة إنشاء الخلايا، وإعادة بناء الأنسجة، والأعضاء. أصبحت مصطلحات "هندسة الأنسجة"، و "الطب التجديدي" تستخدم بشكل واسع للتعبير عن التطبيقات، و الأبحاث نفسها، حيث يهدف كلاهما للتركيز على الشفاء (بدلاً من العلاج ) من الأمراض المزمنة والمختلطة.
يستمر هذا المجال بالتطور، فبالإضافة إلى التطبيقات الطبية، تشمل التطبيقات غير العلاجية استخدام الأنسجة كحساسات حيوية (كما أجهزة الاستشعار)؛ للكشف عن العوامل البيولوجية، أو التهديد الكيميائي، وكذلك رقائق الأنسجة التي يمكن استخدامها لاختبار سمية الأدوية التجريبية.
فيديو يشرح ما هي هندسة الانسجة
ما هي آليات عمل هندسة الأنسجة والطب التجديدي ؟
الخلايا هي لبنات بناء الأنسجة، والأنسجة هي الوحدة الأساسية للوظيفة في الجسم. عموماً، تصنع المجموعات الخلوية وتفرز هياكل الدعم الخاصة بها، و تدعى بالدعامة أو المصفوفة خارج الخلوية (extra-cellular matrix) . تعمل هذه المصفوفة أو الدعامة أيضا كمحطة ترحيل لمختلف الجزيئات الوظيفية المسؤولة عن الإشارات الحيوية، وبالتالي، فإن الخلايا تتلقى رسائل من العديد من مصادر أصبحت متاحة من قبل بيئتها الحيوية المحيطة.
كل إشارة يمكن أن تُحرّض سلسلة من ردود الفعل التي تحدد ما يحدث للخلية من انقسام، تنشيط أو حتى موت خلوي، تمكن الباحثون من التحكم في هذه الآليات بغرض إصلاح الأنسجة التالفة، أو حتى تصنيع أنسجة جديدة بديلة، من خلال فهم أنماط الاستجابة الفردية للإشارات الحيوية الواردة لكل خلية و تفاعلها مع بيئتها المحيطة وكيفية تنظيم نفسها في نسج وأعضاء.
غالباً ما تبدأ هذه العملية ببناء دعامة من خلال استخدام مجموعة واسعة من المصادر المحتملة، ابتداءً بالبروتين وحتى البلاستيك. حالما يتم إنشاء الدعامات، يمكن إضافة الخلايا مع أو من دون "كوكتيل" من عوامل النمو، وهي بنية من مواد طبيعية أو صناعية نشأ منها النسيج، وإذا كانت البيئة مصممة بشكل مناسب فإن النسيج سوف يتطور غالباً كما هو مخطط.
في بعض الحالات يتم مزج الخلايا، الدعامات، وعوامل النمو معاً في آن واحد، مما يتيح للنسيج تحقيق عملية تسمى ب"التجميع الذاتي".
إحدى طرق تصنيع نسيج جديد، تقوم على استخدام دعامة موجودة مسبقاً (دعامة العضو الأصلي )، حيث يتم تجريد عضو المتبرع من خلاياه، ونستخدم دعامة الكولاجين المتبقية لتنمية أنسجة جديدة. وقد استخدمت هذه الطريقة في عمليات التصنيع الحيوية ل: القلب، الكبد، الرئة، وأنسجة الكلى، حيث تعتبر هذه المقاربة واعدة بشدة، من خلال استخدام الدعامات من الأنسجة البشرية التي يتم التخلص منها أثناء الجراحة، والجمع بينها وبين خلايا المريض نفسه؛ لتصنيع أجهزة مخصصة لا يتم رفضها من قبل النظام المناعي للمريض.
كيف يتلاءم الطب التجديدي وهندسة الأنسجة مع الممارسات الطبية الحالية؟
حالياً، تلعب هندسة الأنسجة دوراً صغيراً نسبياً في علاج المرضى، حيث تم زرع مثانات إضافية، شرايين صغيرة، زرعات جلدية، غضاريف، كما تم زرع قصبة هوائية كاملة، ولكن هذه الأبحاث لا تزال تجريبية ومكلفة جداً. ومع أن الكثير من أنسجة الجسم المعقدة مثل القلب والرئة، وأنسجة الكبد تم إعادة تصنيعها بنجاح في المختبر، فهي تظل حالياً بعيدة كل البعد عن كونها قابلة لإعادة الإنتاج وجاهزة للزرع .
مع هذا يمكن لهذه الأنسجة أن تكون مفيدة جداً في مجال البحوث، وخصوصا في تطوير العقاقير. حيث أن استخدام الأنسجة البشرية الوظيفية للمساعدة في مراقبة الدواء وتأثيراته يمكن من تسريع عملية تطويره وتوفير أدوات مهمة لدفع الطب الفرديPersonalized medicine و توفير نفقات البحث وتقليل عدد الحيوانات المخبرية المستخدمة.
تابعوا معنا هذا الفيديو:
المصدر: هنا