البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية
الإيدز: العلماء يكتشفون أخيراً مهد ظهور هذا المرض الذي يرفض الموت!
بفضل الدراسات المُجراة على الجينوم الخاص بفيروس HIV أصبح من الممكن تعقب نشأة هذا الفيروس إلى 100 سنة خلت. ويأمل العلماء اليوم بأنَّ هذه الدراسات التي ساعدت على تحديد أصل ومنشأ هذا الوباء ستساعد على تحديد أفضل وسائل محاربته والقضاء عليه.
برغم ظهور بعض الأمراض الوبائية والفيروسات بين الحين والآخر في وسائل الإعلام كالإيبولا، زيكا، وغيرها. وبرغم سيطرتها على الأخبار لبعض الوقت – إلا أنها تختفي من شاشات التلفاز والأخبار السريعة بعد فترة قصيرة.
ولكن هناك ما يشُذُ عن هذه القاعدة – وهو الإيدز أو فيروس عوز المناعة البشري HIV (Human Immunodeficiency Virus). قصة منشأ هذا الفيروس قد تجعل من أخبار الأوبئة الأخرى على شاشات التلفاز والأخبار قصصاً مملة مقارنة بقصة منشأه! – حيث تجمع قصته بين الألغاز والعناصر المثيرة للريبة!.
بداية القاتل العالمي:
تبدأ القصة في مدينة Kinshasa عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم. ففي عشرينيات القرنِ الماضي كانت هذه المدينة محَطَّ أنظارِ ومقصدِ الشبابِ الطامحين لتحصيلِ الثروة. ومع قدومِهم قدِم إلى المدينة عنصران جديدان هما السكك الحديدية لنقل البضائع بالإضافة إلى بائعات الهوى! هذان العاملان ساعدا على نقل الناس والبضائع ولكنهما أيضاً ساهما بانتشار هذا الوباء. ففي هذا الموقع المثالي وجد الفيروس فرصته للانتشار كوباء عالمي!.
الغريب في الأمر أن نمط الفيروس HIV-1 group M وهو الذي نشأ في تلك المستعمرة الغربية، هو المسؤول عن 90% من حالات المرض الموجودة عالمياً اليوم. بينما النمط HIV-1 group O لا يزالُ محصوراً في غرب أفريقيا. ما يقترح أنَّ ما ساعد على انتشار النوع الأول عالمياً هو الفرص التي حصل عليها لا أكثر (عبر وسائل النقل وبائعات الهوى) بغض النظر عن العوامل البنيوية المتعلقة بعمل الفيروس.
إذاً فالعوامل البيئية وليس التطورية هي التي ساعدت النمط الأول على الانتشار كما يقول Nuno Faria من جامعة أكسفورد في مقابلة مع BBC. حيث تمكَّن Faria وزملاؤه من بناء شجرة عائلة للفيروس بالنظر إلى جينوم الفيروس لدى 800 شخص مصاب من أفريقيا الوسطى. وبمقارنة هذه الخرائط الجينية ودراسة الفروقات بينها تمكنوا من تحديد الوقت الذي تواجد فيه أصل واحد مشترك لنمطي الفيروس الموجودَين اليوم.
بالنهاية وصل Faria وزملاؤه إلى أنَّ كلا النمطين يشتركان بأصلٍ مشتركٍ واحدٍ يعود لفترة لا تتجاوز المئة عامٍ خلت – حيث قدَّروا أنَّ القصة بدأت في عشرينات القرن الماضي. وبهذه المعلومات حددوا المدينة التي يُشتبه بأن تكون أصل المرض Kinshasa وهي اليوم عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويأمل الباحثون بأن تساعد هذه الدراسات الجينية (التي ساعدت في تحديد أصل المرض) في تحديد وسائل وطرق أفضل نستطيع بها وقف انتشار هذا الوباء. فرغم أننا نعرف من أين نشأ – إلا أننا لا نعرف أين سينتهي!.
المصادر: