الفيزياء والفلك > فيزياء
نموذجٌّ أوليٌّ لجهازٍ قد يَكشِفُ عن المادّة المظلمة
يمضي بناءُ نموذجٍ أوليٍّ لـ "عينٍ" فائقةِ الحساسيّةِ تستطيعُ "رؤيةَ" المادّةِ المظلمةِ قٌدماً بسرعة، وذلكَ في مختبرِ المُسرّعِ الوطنيّ SLAC التّابعِ لوزارةِ الطّاقةِ في الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ. حيثُ أنشأ باحثونَ ومهندسونَ نُسخةً مصغرةً من الكاشفِ المستقبليّ " LUX-ZEPLIN" أو اختصاراً LZ، وذلكَ لتطويرِ التّقنيّة المستخدمة وحلّ مشاكلها و العقبات المُختلفة الّتي تواجهها.
يأملُ العُلماء في أن يكونَ جهازُ الرصد LZ الّذي سيبدأ بالعملِ في عامِ 2020، قادراً على رصدِ ما يُدعى بالجسيماتِ الثّقيلةِ ضعيفةِ التفاعلِ "Weakly interacting massive particle" واختصاراً WIMPs)). و يرى الكثيرُ من الباحثينَ أنَّ هذهِ الجسيماتِ المفترضَةِ قد تكونُ بحد ذاتها المادّةُ المُظلمةَ الّتي تُشكّلُ 85% من مادّة الكونِ.
يتألّفُ لبُّ الكاشفِ من حاويةٍ بطولٍ يقاربُ 1.5 متر، مملوءةٍ بعشرةِ أطنانٍ من مادة الزّينون السّائلxenon. عندما تمرُّ جسيماتُ WIMPs عبرَ الحاويةِ وتصطدمُ بذرّة زينون فإنَّ ذرة الزّينون تُصدر وميضاً ضوئيّاً وتحرّرُ إلكتروناتٍ تولّدِ بدورها وميضاً ضوئيّاً أخرَ. يُمكن أن تُمثّل هذه الومضات المُتلاحقةٌ إشارةً لوجود جسيمات WIMP.
إحدى أكبرِ التّحديّاتِ الّتي تواجه العُلماء هي توليدُ حقلٍ كهربائيٍّ شديدٍ ومستقرٍّ عبر الحاويةِ، وذلكَ لجذبِ الإلكتروناتِ بسرعةٍ نحو قمّةِ الحاويةِ حيثُ يُمكنُ رصدُها. وهذا يتطلّبُ تطبيقَ فرقِ كمونٍ كهربائيٍّ كبيرٍ على مسافةٍ قصيرةٍ وهي المسافةُ الفاصلةُ بين أعلى الحاويةِ وأسفلِها. إلّا أنَّ تطبيقَ فرقِ الكمونِ هذا يُنتجُ انبعاثاتٍ ضوئيّةٍ غيرُ مرغوبةٍ قد تولّدُ شراراتٍ كهربائيّةٍ مُخرّبة إن لم تتولّد بشكلٍ صحيحٍ.
يقومُ فريقُ مُسرّعِ SLAC الآنَ باختبارِ تصميمِ هذهِ المنظومةِ عاليةِ التّوتّرِ على نُسخةٍ مصغّرةٍ من حاويةِ الزّينون بطولِ نصفِ مترٍ تقريبًا.
يقول كيمبرلي بالادينو" Kimberly Palladino" أحدُ علماءِ فريقِ مُسرع SLAC: "بدأنا باختبارِ الجزءِ السّفليِّ في العامِ الماضي، وقمنا الآنَ بجمعِ النّموذجِ الأوليِّ بأكملهِ... نسعى للوصولِ إلى توتّرٍ كهربائيٍّ عالٍ يصلُ لمئةِ كيلوفولت دون إنتاجِ شرارتٍ كهربائية، ولأن نبرهنَ أنَّ النظامَ يعملُ بثباتٍ لمدّةٍ طويلةٍ، كما نسعى لتقليلِ الانبعاثاتِ غيرِ المرغوبةِ الّتي كنّا نرصدُها".
وأضافَ توماس بيشازينسكي" Tomasz Biesiadzinski" الباحثُ المساعدُ في فريقِ مُسرّع SLAC : "إضافة لما سبقَ، فإننا سنستعملُ نموذجَنا الاختباريّ لاختبارِ الكاشفِ LZ من كافّةِ الجوانبِ بما فيها نظامُ التّبريدِ ونظامُ تنقيةِ الزّينون ودورانه وأنظمةِ التّحكّمِ بالكاشفِ وحسّاساتهُ. كما أنَّ باحثينَ من مختلفِ أنحاءِ العالمِ يأتونَ إلى هنا إيضاً، وذلك لاختبارِ المعدّاتِ الّتي يطوّرونَها لتُستعملَ في هذهِ التجربةِ".
وفي الوقتِ نفسهِ يعملُ الفريقُ على نظامٍ لتنقيةِ الزّينون المتوافرِ تجاريًا من أحدِ نظائرِ عنصرِ الكريبتون الّذي يُصدرُ إشاراتٍ غير مرغوبةٍ تشوّشُ على مستقبلاتِ كاشفِ LZ. حيث يَطمحُ العلماء للوصولُ إلى درجةِ نقاءٍ تُعادلُ 15 ذرةِ كريبتون في كلِّ مليونِ مليارِ ذرّة زينون، وبمجرّدِ الوصولِ إلى تصميمٍ يخدمُ هذا الهدفَ، سيقومُ الباحثونَ ببناءِ نظامِ التّنقيةِ هذا على مقياسٍ أكبرَ لتنقيةِ الأطنانِ العشرةِ من الزّينون اللازمِ في تجربتهم.
لا يزالُ هناكَ بعضُ العقباتِ قبل الوصولِ إلى نموذجٍ نهائيٍّ يرصدُ جسيماتِ WIMPs ولكنّ الأمرَ يستحقُّ العناءَ، فالمادّةُ المظلمةُ هي إحدى أكبرِ ألغازِ الكونِ التي تؤرّقنا حتى الأنَ.
المصدر: هنا