الفيزياء والفلك > فيزياء
العنوان: المُصادم الهادروني الكبير يكشِفُ النقاب عن عائلةٍ جديدة من الجُسيمات
مبروك، إنَّها أربعةُ تواءم!
أكّدَ باحثون من جامعة سيراكيوز Syracuse، يعملونَ ضمنَ مشروع LHCb، اكتشافَ جسيمٍ جديدٍ يتألفُ من أربع كواركات (كواركان وكواركان مضادان). كما اكتشفوا ثلاثةً من أخوتهِ بالمصادفة. مما يكملُ نصابَ هذه العائلة رباعية الكواركات إلى أربع جسيماتٍ جديدةٍ.
الكواركات هي الدعائمُ الصلبةُ بداخل الجُسيمات المُركّبة مثل البروتونات والنيوترونات، أي أنَّها المكونُ الأساسي لكل الذرات في الكون.
تتواجدُ الكواركاتُ عادةً على هيئة أزواجٍ من اثنين أو ثلاثة. لكن في عام 2014 أكّدَ الباحثون في المُصادم الهاردوني الكبير LHC وجودَ كواركاتٍ رُباعيةٍ، و لاحقًا بعد سنةٍ واحدةٍ، أكّدوا وجودَ كواركاتٍ خُماسية.
يسمي علماءُ الفيزياء الأنواعَ المختلفةَ من الكواركات بنكهاتِ الكواراكاتِ، وهناك ستُ نكهاتٍ : up/down سُفليٌ /عُلويٌ، charm/strange غريبٌ / فاتنٌ، top/bottom قعريٌ /قمّيٌ، يُرمزُ لها بأول حرف من اسمها، فتصبح أسماء الكواركاتُ الستُ :u ،d ، s ، c ، t، b.
سُميت الجُسيمات في هذه العائلة الجديدة ب: X(4140) ،X(4274) ،X(4500، و(X(4700. حيثُ يَدلُّ العدد بين الأقواس على كتلةِ الجُسيم المُتجددةِ مُقدرةً بالميغا إلكترون فولط. و يحتوي كُلٌّ من هذه الجُسيمات على زوجٍ من الكواركات الفاتنة Charm وزوجٍ من الكواركات الغريبة Strange، الغريبُ في الأمر هو أن هذه الكواركات مُرتّبةٌ بطريقةٍ فريدةٍ من نوعها، مما يجعلُ هذه الجُسيمات الجديدة أول جُسيماتٍ تتألفُ من أربعِ كواركاتٍ كلها ثقيلة.
كما قاسَ الباحثونَ الأعدادَ الكمّيةَ للجُسيماتِ الجديدة، تصفُ هذه الأعدادُ الخواصَ ما دون الذرية للجسيمات. وسيستعملُ علماءُ الفيزياء النظرية هذه القياساتَ الجديدةَ للتوصل إلى فهمٍ أعمقَ لعمليةِ تشكُّل الجُسيمات والبنية الأساسية للمادة.
يقول توماس شورنيكي Tomasz Skwarnicki، أُستاذ الفيزياء في جامعة سيراكيوز Syracuse: " لقد اكتشفنا نظامًا فريدًا من نوعه... لدينا أربعةُ جُسيماتٍ غريبة من نفس النمط، إنها المرة الأولى التي نشهد فيها هذا! بدأ هذا الاكتشاف، منذ الأن، بمساعدتنا على إعادة النظر في النماذِج النظرية السائدة حاليًا".
سلكَ العُلماء طريقًا طويلًا قبل أن يتمكنوا من إثبات وجود هذه الجُسيمات. فقد شوهِدت الأدلة الأوليّة على وجود أخَف جُسيمٍ من هذه العائلة الجديدة، وتلميحاتٌ حولَ وجودِ جُسيمٍ آخر، لأولِِ مرةٍ في كاشِفِ التصادُمات CDF خلال تجربةٍ أجرتها مُختبرات فيرمي Fermilab التابعة للولايات المُتحدة عام 2009. ومع ذلك، لم يتمكّن العُلماء من تأكيد هذا الرصد في تجارُب أخرى حتى عام 2012، وذلك عندما أظهرت بيانات كاشِفُ الجُسيمات CMS في مُصادِم CERN نتوءاتً في الرسومِ البيانيةِ تدلُ على وجود الجُسيم مع يقينٍ إحصائيٍ أكبرَ من تجربة 2009 بكثيرٍ. وفي وقتٍ لاحقٍ، أعلنَ تعاونُ العُلماءِ D0 في مُختبرات Fermilab عن رصدٍ آخرَ لهذا الجُسيم.
على الرغم من أنَّ الجُسيمات الأربع الجديدة تحتوي على العددِ والنوع ذاتهِ من الكواركات، لكن كُلًا منها يتميّزُ بكُتلةٍ وببنيةٍ داخليةٍ مُختلفةٍ وبمجموعةٍ خاصةٍ من القيم الكمية. إذ تختلفُ هذه الخصائص المذكورة تِبعًا لترتيب الكواركات في داخل الجُسيمات. يعودُ السببُ في ذلك إلى أنَّ الكواركات بداخل هذه الجسيمات تتصرف مثل الإلكترونات داخل الذرات، ويمكن تحفيزُها لتقفزَ إلى مداراتِ طاقيةٍ أعلى. ويؤدي الاختلافُ في مستويات طاقةِ هذه الكواركات إلى الحصولِ على جُسيماتٍ مختلفةِ الكتلةِ والهويةِ.
نظريًا، فإنه من المُمكن أن تتواجدَ الكواركات مرصوصةً باحكامٍ (كما في حالة الكواركات الثلاثة المحشورة داخل بروتونٍ واحد) أو مرتبطةً على نحوٍ فضفاضٍ (كما في حالة الذرتين اللتين تشكلان جُزيئةً واحدة) و من خلال دراسة الأرقام الكمومية لكل جُسيمٍ، تمكّنَ العُلماءُ من تحديد البُنى المحتملة للكواركات.
يعمَلُ الفيزيائيون النظريون حاليًا على تفسيرِ هذه النتائجِ الجديدة، سواءَ كانت أُسرةً مكونةً من أربعة جُسيماتٍ جديدةٍ أو تداعياتً غريبةً لجُزيئاتٍ معروفةٍ. في كِلتا الحالتين، فإنَّ هذه الدراسة تساعدنا على فهم الكون على المستوى ما تحت الذري.
المصدر: هنا