الفيزياء والفلك > علم الفلك
من أين تأتينا الأحجار النيزكية؟
على الأرجح أنك سَمِعتَ عن النيازك من قبل، و رُبما تعلمُ أنَّ حدثَ سقوط نيزَكٍ على الأرضِ هوَ حدثٌ غيرُ مرحَّبٍ به على الإطلاق. إلا أنه بالرغم من ذلك فقد تمكَّنت البشرية النجاة من نحو 24000 ضربة حجر نيزكيٍّ حتى اليوم. ولكن هل تسائَلتَ من أين تاتي هذه المذنبات؟ ولماذا تضربُ الأرضَ وتقوم بترويعِ سُكانِ هذا الكوكب؟ قبل الخوضِ في تفاصيلِ ذلك، لا بد لك من فهم عدّة أشياء ..
ما هو الحجرُ النيزكيُّ؟
هو صخرةٌ أو شظايا صخرة، يتألف بشكلٍ أساسيٍّ من الحجر أو الحديد. يخترقُ الحجرُ النيزكيُ الغلافَ الجويَّ ويسقط على الأرض بعد انفصاله عن جُرم سماويٍّ أكبر كنيزك أو كويكب.
عندما يتحطَّم نيزكٌ ما بالقرب من الأرض، تندفع الكثير من شظاياه الصغيرة بسرعة نحو الكوكب، ولكن بفضل الغطاء الواقي لغلافنا الجوي، فإن معظم هذه الشظايا تحترق قبل الوصول إلى سطح الأرض. أما الأجزاء التي تتمكن من النجاة من تلك الرحلة "النارية" عبر الغلاف الجوي و ينتهي بها المطاف مُستقرةً على سطح الأرض، فإنها تُسمى بالأحجار النيزكيّة.
من أين تأتي هذه الأحجار النيزكية؟
إن أولَ أمرٍ عليكَ مَعرِفتُه عن أصل النيازك هو أنها تأتي من داخل نظامنا الشمسي. حتى مع أتساع الكون الهائل يمكننا حصر مصادر الأحجار النيزكية التي تصطدم بكوكبنا، إلى عددٍ قليل جدًا.
حزام الكويكبات:
قد تتفاجأ عندما تعرف بأن معظم الأحجار النيزكيّة (تقريباً %95) مَصدرُها منطقة تسمى حزام الكويكبات تقعُ بين مداري المريخ والمشتري.
تُسمَّى أكثرُ أنواع الأحجار النيزكية شيوعاً على سطح الأرض بالكوندرايت (Chondrites) وهي عبارة عن قطع من الصخور الحجرية غير المعدنية والشبيهة إلى حدٍّ كبير بالصخور الموجودة في حزام الكويكبات وقد تم رصدها باستخدام مقراب (تلسكوب) جيميني.
الكواكب وخاصة المريخ:
تأتي بعض الأحجار النيزكية التي ترتطم بالأرض من الكواكب المجاورة وخاصة المريخ، وهي عبارة عن شظايا صغيرة من الكوكب تنطلق عندما يضرب كوكبها الأصلي مذنب أو كويكب كبير.
سقط الحجر النيزكي زيغامي (Zagami) وهو أكبر حجر نيزكي قادم من المريخ في نيجيريا في العام 1962.
حيث تُشيرُ نسبةُ كل من عُنصر الديتيريوم وعنصرالهيدرجين بالإضافةِ إلى تركيب نظير الغاز فيه، إلى أنه مُطابقٌ للغلاف الجوي للمريخ، في حين يؤكد عمره الصغير نسبياً بأن أصله يعود للمريخ.
القمر:
يُرسِلُ لنا أقربُ جارٍ سماوي تحياته بين الفينة و الأخرى على شكل أحجارٍ نيزكيةٍ قمرية. و قد تم تأكيد ما لا يقل عن 39 حجرٍ نيزكيّ حتى الآن، من جارنا المُفضل القمر .
تُشبه الأحجار النيزكية القمريّة إلى حد كبير النيازك الكوكبية. فهي تنشأ عن التصادمات شديدة التأثير التي حدثت منذ وقت بعيد مُسببةً قذف شظايا صخرية من سطح القمر، اندفعت بسرعةٍ نحو الأرض تحت تأثير الجاذبية.
يعدُ تحديد مصدر الأحجار النيزكية القمرية أمرًا سهلًا نسبياً لأننا نَملُكُ معلوماتٍ وافية عن سطح القمر. و يعود الفضل في ذلك إلى العينات الصخرية العديدة التي جمعها روادُ الفضاء خلال البعثات القمرية المختلفة.
سقط أكبرُ حجر نيزكي قمري معروف حتى الآن في الصحراء الليبية عام 1998، و يُدعى دار الغاني (Dar al Gani). وقد بيّن تركيبُه احتواءه على كميات هائلة من سيليكات الكالسيوم والألمنيوم التي عُثر عليها سابقاً في المرتفعات القمرية.
المذنبات:
اإن جزءاً صغيراً جداً من الأحجار النيزكية التي تصل إلى الأرض قد يكون قادماً من مذنبات بعيدة من خارج النظام الشمسي. تتكون هذه الأحجار النيزكية عادةً من الصخر، والجليد، والغبار الّذي انفصل و تفتّت عن النوى الصخرية للمذنبات.
إن تحديد أصل الأحجار النيزكية قد يمدُّنا بتصوُّر لا يقدر بثمن عن تاريخ مجموعتنا الشمسية، إذ أن هذه الأحجار النيزكية تُعدُ شواهد حقيقية على الأحداث الجيولوجية الهامة التي جرت في الماضي البعيد عندما كانت مجموعتنا الشمسية ما زالت في طور التّشكُل.
المصادر: هنا