الفنون البصرية > أساطير الشعوب
أساطير النجوم، برج العذراء
يتوضع برج العذراء في القسم الجنوبيّ من السماء ويدعى بـVirgo في اللاتينية. ويتمّ تمثيل البرج بالرمز ♍. ويعد برج العذراء واحد من دائرة البروج الاثني عشر وأحد الأبراج التي تم صنّفها الفلكي اليوناني بطليموس في القرن الثاني للميلاد. ويحتوي على Spica وهو أحد ألمعِ النجوم في السّماء. كما يحتوي أيضًا على نقطةِ الاعتدالِ الخريفيّ والتي تقعُ على مقرُبَةٍ من النجم Beta Virginis. وهذه نقطة من ضمن اثنتان (الثانية موجودة في برج الحوت) حيث يتقاطع خط الاستواء السماوي مع مسار الشمس. يعد برج العذراء ثاني أكبر كوكبة في السّماء، ويتضمّن الكثير من الأجرام العميقة منها المجرّات السّاطعة مسييه 49 ومسييه 58 ومسييه 59 ومسييه 60 ومسييه 87 ومجرة Sombrero (M104) ومجرات "العيون" و"التوأم Siamese" والكوازار 3C 273.
هناكَ أسطورتانِ على الأقل ترتبطُ مع برج العذراء مع الاخلاف بهما:
الأولى: فعادة ما يرتبط برج العذراء مع إلهة العدالة اليونانية ديكيDike ابنةَ زيوس وثيميس. وعادةً ما يتمّ تصوير العذراء على شكلِ ملاك ذات أجنحة وسنبلة قمحٍ في يدِها اليسرى والمُمَثَّلة بالنجم اللّامع Spica. ويقعُ برج العذراء بالقربِ من برجِ الميزان (الذي يمثّلُ ميزان العدل).
ففي الأساطير اليونانية، عاشت ديكي في العصرِ الذهبي للبشريّة حيث وُلدت كبشريَّة ثمّ تمَّ تنصيبها للحكم على الأرضِ بعدل. وقد تميّزَ العصر الذهبي بالرخاء والسلام والربيع الأبديّ فلم يعرف البشر الشيخوخة. ولكن عندما حققَ زيوس النبوءة وأطاحَ بحكمِ والده كرونوس، كان ذلك الحَدَث علامة بداية العصر الفضي والذي لم يكن مزدهراً كسابقِهِ. جاءَ زيوس بالفصولِ الأربعة ولم يعدِ البشر بجلّون الآلهة كما اعتادوا في السابق. لذلك قامت ديكي بإلقاء خطاباً للجنس البشريّ بأكمله تحذّرهم فيه من مخاطر ترك قيَمِ أسلافهم وأن الأسوأ لم يأتِ بعد، ثم هربت إلى الجبال وتركت البشر، وعندما جاء العصر البرونزي والحديدي بدأتِ الحروبُ بين البشر حينها تركت ديكي الأرض وقرَّرتِ الهروب إلى السماء.
وهناكَ رواية مشابهة تربطُ برجَ العذراء مع ديكي إلهة العدل. تحكي الأسطورة عن العصرِ الذهبي عندما عاشت الآلهة بينَ البشر على الأرض. لكن مع تزايد آثام البشر غادرَ الآلهة الأرض واستقرّوا في السَّماء فكانت ديكي آخر إلهة تترك الأرض ومعها ميزان العدالة.
أما الأسطورة الثانية فهي تتحدّث عن أنّ العذراء تتمثل بـ بيرسوفين Persephone ابنة زيوس وديميتر الجميلة، إلهة الخصوبة على الأرض. وتتلخّص قصة بيرسوفين أنه في أحد أيام الربيع بينما كانت تتجوّل في الحقول، جذبها هاديس (إله العالم السفلي) إلى العالم السفلي ليتزوجها. ولكنّ هذهِ الابنة العنيدة رفضت احتجازها ورفضت أن تأكل أو تتحدّث إلى هاديس. حاول هاديس إرضاءها بالمجوهرات والثياب ولكنها بقيت على موقفها.
وعندما اكتشفت والدتها ديميتر أن هاديس اختطف ابنتها وقام برشو زيوس لألّا يتدخّل، غضبت كثيرًا ولم تكترث للمحاصيل على الأرض، فتبع ذلك مجاعةٌ عظيمة. فشلت المحاصيل وبدأت الحيوانات والبشر بالموت واستمرّ ذلك حتى استسلم زيوس وأخبرها أنه سيسترجع ابنتها. لكن بحسب قانون الإقامة في العالم السفلي إذا أكلت بيرسوفين من طعام ذاك العالم فلن تعدّ كمحتجزة ولكنّها ستبقى عروساً لهاديس.
أرسلت ديميتر الإله هيرميس Hermes والذي يعدّ رسول الآلهة بين بعضها لإنقاذ بيرسوفين. وبسوء الحظ قبل أن يصل هيرميس قام رجلٌ شرير يكره ديميتر بأخذ رمانٍ أحمر وقدمها إلى بيرسوفين التي كانت تتضوّرُ جوعًا.أكلت بيرسوفين ست حبات من الرمان. وبالوقت الذي وصل به هيرميس أعلنَ هاديس أن بيرسوفين أصبحت عروسه بحسب قانون الإقامة في العالم السّفلي. سمعت ديميتر بذلك وأعلنت أنّه لن ينبتَ أيُّ نباتٍ أو محصول على الأرض إذا أصبحت ابنتها زوجةً لهاديس. تدخّلَ زيوس وأعلنَ حلّاً وسطيًا. وقال أنّه في كلَ سنة يجب على بيرسوفين أن تمضي ستة أشهر مع هاديس لأكلها ست حبات رمّان أمّا بقية أشهر السنة فتقضيها مع والدتها على الأرض. كان على كلا هاديس وديميتر الموافقة لأن زيوس هو كبير الآلهة وتجبُ طاعته. وبقيت ديميتر على وعدها ووعيدها. فخلال الستة أشهر التي تقضيها ابنتها مع هاديس لا تنمو المحاصيل والنباتات وعندما تعودُ ابنتها يعود الربيع والخير إلى الأرض وتنمو المحاصيل والأزهار مجدّدًا.
المصادر: