الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة
تجاهل المطلوب (الحَيْد عن المسألة)
في هذه المغالطة، يتجاهلُ المرءُ الشيءَ الذي يتوجّبُ عليه أن يُبرْهِنَه، ويبرهنُ شيئًا آخر، وقد يأتي باستدلالٍ صحيحٍ ومنطقيٍّ ومعقول، لكنه يؤدّي إلى نتيجةٍ أخرى غيرِ المُرادة. أيْ إننا قد نجدُ الشخصَ يخرجُ عن الهدفِ المحدَّد له، ويتّجهُ إلى نتيجةٍ أخرى؛ فمثلًا، عندما يُوَكَّلُ محامٍ في جريمةِ قتل، يدافعُ عن موكِّلِه ويقول: «كيف سيكونُ موكِّلي هو مَن أَمر بارتكابِ جريمةِ القتل، وقد برهنْتُ لكم برهانًا قطعيًّا ومنطقيًّا أنه لم يكن في البلدِ عندما وقعت الجريمة؟!»، حسنٌ، ولكنْ هل هذا دليلٌ كافٍ على أنه لم يأمرْ بها قبلَ سفرِه، أو أنه لم يُرتّبْ لها على الهاتفِ مثلًا؟!
أمثلةٌ أخرى:
- عندما يُساءُ استخدامُ الإنترنت، يتّخذُ بعضُ أولياءِ الأمورِ مِن قَطْعِه حلًّا، بدلًا مِن أنْ يُوجِّهوا الأبناءَ أو الطلّابَ إلى استخدامِه استخدامًا صحيحًا.
- ثَمّة دراساتٌ موثوقةٌ تُثبتُ إثباتًا يقينًا أنّ رياضةَ الجريِ في الشوارعِ تَضُرُّ الصحةَ أكثرَ ممّا تفيدُها؛ لذلك يجبُ أنْ تُحظَرَ نهائيًّا! إنّ وجودَ دراساتٍ تُثبتُ ضررَ هذه الرياضةِ في الشوارعِ لا يعني أنه سببٌ كافٍ لحظرِها، بل قد يكونُ دليلًا أو سببًا كافيًا حقًّا لحصرِها في أماكنَ معيّنة، أو لفئاتٍ معيّنة، أو في أوقاتٍ معيّنة.
تكمُن قوّةُ هذه المغالطةِ في أنّ هناك نتيجةً صائبةً على نحوٍ قويّ، وهذا الصوابُ يَصرِفُ انتباهَ المستمعين بعيدًا عن النتيجةِ المطلوبة. وتَلْقى هذه المغالطةُ رَوَاجًا خاصًّا في مجالِ التشريعِ الاجتماعيّ، أيْ: يُجابُ عن الأسئلةِ المطلوبةِ بأجوبةٍ برّاقةٍ تجعلُنا نَحِيدُ عن القصدِ والهدف، فنقعُ في مغالطةِ (تجاهلِ المطلوب).
المصدر:
المغالطات المنطقية، عادل مصطفى، 2007، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، الطبعة الأولى.