الفيزياء والفلك > فيزياء
بوزون هيغز... الفيل الخفيّ الموجود في الغرفة
بوزونُ هيغز هو عبارةٌ عن جسيمٍ تنبّأت بوجوده دراساتٌ نظريّةٌ في ستّينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقتِ وحتّى الآن بُذلت جهودٌ كبيرةٌ لرصده وإثبات وجودُه (وهذا ما تحقّقَ في عام 2012) ولكن لم استغرقَ رصدهُ كلّ هذا الوقت؟
يتولّد بوزونُ هيغز في فقاعاتٍ صغيرةٍ من الطّاقة المركّزة ويبقى موجوداَ لفترةٍ متناهيةٍ في القِصَر (10^- 24ثانية) قبل أن يتفكّك إلى سيلٍ من الجسيماتٍ دون الذّريّة الأخرى، ورصدُ هذه الجسيمات ودراستها هو ما مكّننا من اكتشاف بوزون هيغز في الأصل.
إنَّ هذه الجسيماتِ النّاتجة عن تفكّك بوزون هيغز تعيش لفترةٍ طويلةٍ نسبيًا؛ ما يمكّننا من رصدها بسهولةٍ باستخدام مرصدي ATLAS وCMS الموجودين في المصادم الهادرونيّ الكبير LHC. يتفكّك بوزون هيغز في 60 % من الحالات (وفقًا للنّموذجِ المعياريّ ) إلى زوجٍ من الكواركات القعريّة bottom quarks، وفي حوالي 21 % منها إلى جسمياتٍ من النّوع W، وفي حالاتٍ نادرةٍ إلى جسيماتٍ من النوع Z. الغريبُ في الأمرِ أنَّه في العام 2012 رُصدت الجُسميات من النّوع Z كدليلٍ على وجود بوزون هيغز مع أنَّ وجودها هو الأقلّ احتمالًا.
ما زال العلماءُ يحاولون حتّى الآن رصدَ الكواركاتِ النّاتجة عن تفكّكِ بوزون هيغز، إلّا أنَّ هذه العمليّة صعبةٌ للغاية. فرصدُ الجسيماتِ من النوع W وZ مثلاً أسهلُ بكثيرٍ لأنَّ هذه الجسيماتِ تتفكّكُ بدورها إلى أزواجٍ من الإلكترونات والميونات الّتي يُمكن رصدُها بسهولةٍ على عكس الكواركاتِ التي يصعب رصدها. فالكواركات القعريّة تتزاوجُ مع الكواركات الأُخرى، وهذا يُولّد طيفاً واسعاً من الجسيماتِ التي تتفكّك ويُعاد تشكيلها بشكلٍ متتالٍ، مما يخلقُ فوضىً عارمةً يصعبُ على العلماء فهمها.
إذا لم نتمكّن من رصدِ تفكّكِ بوزون هيغز إلى كواركين قعريّين فإنَّ هذا سيشكّل صدمةً كبيرةً للعلماء، وهم يعملون في هذه الأيام على خوارزميّاتٍ لالتقاطِ أنماطٍ متتاليةٍ من الطّاقة تدلُّ على وجودِ بوزونِ هيغز وتفكّكه إلى كواركاتٍ قعريّة. ولفعلِ ذلك يجب عليهم دراسةُ كلّ أنماطِ الجسيماتِ الّتي قد تتولّد في هذه الحالة وفهمها ورسمها، ثمّ مقارنةُ هذه الأنماطِ مع النّتائج التي سيقدّمها المصادم الهادروني الكبير LHC هذا العام؛ والّتي ستكونُ أكثرَ بخمس مرّاتٍ مما قدّمه في العام الماضي.
يأملُ العلماءُ أن يتمكّنوا من رصد هذا التفكّكِ المهمّ بحلول شهر آب من هذا العام، هذا التفكّكُ الّذي سيخبرُهم الكثيرَ عن خصائص جسيم "بوزون هيغز" الفريدِ من نوعه.
للتعرّف أكثر عن ماهية بوزون هيغز، اقرأ هذا المقال هنا
ماهي البوزونات؟ هنا
المصدر: هنا