الطب > مقالات طبية
باحثون ينجحون في مشاهدة تحرُّك الخلايا الجلدية باتجاه الجروح!
هل تتحركُ خلايانا الجلديةُ من مكانٍ لآخر؟ متى؟ وكيف؟
باحثون ينجحون في مشاهدة تحرُّك الخلايا الجلدية باتجاه الجروح!
من البديهي أن نتوقَّعَ بقاءَ خلايانا الجلديةِ في مكانها طوال فترة حياتها، ولكنَّ الباحثين في جامعة ولاية واشنطن قد يخالفوننا هذا الرأي، إذ أعلنوا مؤخراً أنَّ الخلايا الجلديةَ تتحرَّكُ إلى مواضعِ الجروح لتسهمَ في ترميمها. لمعرفة المزيد حول هذا الاكتشاف العلمي، دعونا نقرأ هذا المقال ونستمتع بمشاهدة الفيديو المُرفَق...
من المتعارف عليه أنَّ خلايانا الجلديةَ تُمضي حياتَها ثابتةً في مكان واحد، رَغم بعض الإشارات المُخالفة في مقالات علمية يعودُ بعضُها إلى السبعينيات من القرن الماضي حول هجرة الخلايا البشروية وانقسامها كآليتين أساسيتين لالتئام الجروح، لكن هذه المرةَ تمكَّن الباحثون في جامعة ولاية واشنطن من إثبات أنَّ الخلايا الجلديةَ تُغيّرُ وتُعدّلُ بروتيناتٍ معينةً (أشكالٌ من الأكتين والكولاجين) في مكان وجودها، ومن ثَمَّ تنتقلُ وتُغيّرُ مكانَها للمساهمةِ في ترميم الجُرح، وقد عبَّر الباحث جوناثان جونز Jonathan Jonesمديرُ مدرسة جامعة ولاية واشنطن WSU للعلوم الحيوية الجزيئية والمؤلفُ الرئيسيُّ للبحث في تعليقٍ عمَّا وثَّقه فريقُه البحثيُّ حول حركية الخلايا الجلدية بجملة بسيطةٍ: "ويمشون!!"
أهمية البحث:
مع فهمٍ أفضلٍ لآلية حركة الخلية، قد يتمكَّنُ العلماءُ من المناورة وتعزيز التئام الجروح بشكل أسرع، إذ إنَّه من المعروف أنَّ التئامَ الجروح يَضعُف مع تقدمنا في العمر، وعند مرضى السكري، وهذا هو السببُ وراءَ عيوب اندمال الجروح، والتقرُّحاتِ الجلدية عند السُّكريين. يوضّح الباحث جونز: إذا وجدنا طريقةً لتعزيز حركةِ هذه الخلايا الجلدية، فلربما نتمكَّن من تحسين الشفاء في المرضى الذين لديهم مشكلاتٌ في التئام الجروح وتقرحات الجلد.
ما الذي يحدثُ بالضبط؟ وماذا شاهد الباحثون؟
تتثبَّتُ الخلايا الجلديةُ العاديةُ مكانَها عن طريق الاتصال مع الخلايا والبروتينات المحيطة التي تربطها بدورها مع النسيج الضام تحتها، ولكنَّ المثيرَ للاهتمام أنَّ جونز وزملاءه (شو هيروياسو Sho Hiroyasu الباحث المشارك في مرحلة ما بعد الدكتوراه وطالبُ الدراسات العليا زاكاري كولبورن Zachary Colburn) يقولون أنَّ الخلايا في البشرة تنفكُّ عن المادة اللاصقة التي تربطها، وتستخدم بروتيناتٍ معينةً موجودةً في هياكلها الخَلوية كأنواعٍ معينةٍ من الأكتين والكولاجين لكي تتحرَّكَ للمساهمةِ في إغلاق الجروح، كما أنَّ الخلايا الأصليةَ تنقسم وتنتِج المزيدَ من الخلايا لتشكّلَ جلداً جديداً معافى.
المثيرُ في الأمر أنَّ فريقَ البحث أصبحَ يملك صوراً تُسجّلُ هذه العمليةَ وتوثّقها بشكلٍ مُفصّلٍ، وذلك باستخدام المجهر مُتَّحد البُؤر confocal microscope، إذ يُمكن مشاهدةُ الزحف الفردي للخلية منزاحةً من جانب لآخر لاستخدام حوافها الخارجية كـ "أقدام"، وإضافةً إلى ذلك: استخدمَ الباحثون سريراً من الخَرَزات المُتألقة ما سمحَ لهم بحساب عزوم الجر (التشريد) كلَّما تحركت واحدةٌ من الخلايا.
الفيديو
Credit: FASEB Journal
آلية الحركة:
يعتقد العلماءَ أنَّ الخليةَ تستخدمُ بروتيناً يُثبّتها بالأساس في مكانها لتوليد القوى اللازمة لتحريكها، أي أنَّها يُمكن أن تُثبّتَ نفسَها أو تتحركَ بإعادة تنظيم بعض البنى والبروتينات في هياكلها الخلوية، يقولُ جونز: "تَستخدِمُ الخليةُ بروتيناتٍ ذاتَ صلةٍ بالعضلات الداخلية لتوليد القوى اللازمة لاستخدام (أقدامها) كي تتحرَّك جنباً إلى جنب بطريقةٍ تدريجية."، ولكن مع ذلك لا بدَّ من التعمُّق أكثر في دراسةِ هذه الظاهرة.
وأخيراً، من الجدير بالذكر أنَّ البروتيناتِ المذكورةَ أعلاه (أنواعٌ من الأكتين والكولاجين ColXVII-actinin4)، تُعدُّ قادرةً ـ بحسب هؤلاء العلماء ـ ليس فقط على تحريك الخلية وإنَّما على تحديدِ جهة هذه الحركة بشكل هدفيٍّ أيضاً، هذا وقد مُوّل هذا العمل من قبلِ المعهد الوطني لالتهاب المفاصل وأمراض الجهاز العضلي الهيكلي والجلد National Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases))، وهو أحد المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.
في الختام، نترككم مع هذا الانفوغرافيك للاطلاع على معلومات عامة تتعلَّقُ بالجلد هنا
المصادر: