الهندسة والآليات > التكنولوجيا
حساسٌ لموجاتِ الجاذبيةِ بالغُ الصغرِ
جهاز جديد بحجم الطابع البريدي، بإمكانه الكشف عن جزء من المليار من التغير في مجال الجاذبية الأرضية، فيمكنه اكتشاف الأنفاق السرية تحت الأرض، والرواسب المعدنية، وله تطبيقات واعدة مدهشة أيضاً.
دعونا نتعرف في هذا المقال عن هذا الحساس، والطريقة التي استخدمها العلماء في تصميمه.
جهاز جديد بحجم الطابع البريدي، بإمكانه الكشف عن جزء من المليار من التغير في مجال الجاذبية الأرضية، التقنية يمكن أن تصبح رخيصة جداً، ويمكننا أخذها أينما شئنا، ويمكن أيضاً تركيبها على الطائرات بدون طيار، لتستطيع رصد كل شيء من أنفاق المخدرات السرية إلى الرواسب المعدنية القيّمة.
قوى الجاذبية تقريباً نفسها في أي مكان على سطح الأرض، ولكن يمكن أن تكون هنالك بعض التذبذبات الصغيرة جداً، التي تسببها كثافة الصخور أو المواد الموجودة تحتها. البعد عن سطح الكرة الأرضية أيضاً أساسي في هذا الموضوع، والذي قد يختلف وفقاً لاختلاف الارتفاع، فيؤثر أيضاً على مقدار قوة الجاذبية لحقل الجاذبية الأرضي.
تعتمد معظم أجهزة قياس الجاذبية الغرافي ميتر أو "Gravimeters" على مبدأين أساسيين وهما: الوقت الذي يستغرقه الجسم لهبوط مسافة ما، أو قياس مقدار الاستطالة التي يسببها تعليق جسم ما بنابض معين (كلما زادت قوة الجاذبية الأرضية، زادت سرعة هبوط الجسم المعلق بالنابض، وزادت الاستطالة التي سيسببها هذا الجسم). في حالات أخرى أفضل أنواع الغرافي ميتر يكلف أكثر من 100.000$، وهو بحجم بطارية السيارة أو أكبر، وهذا ما يحد من استخداماته. كل الأجهزة الموجودة حالياً تزن ما يزيد عن 150 كغ، كما قال هاموند Giles Hammond وهو فيزيائي في جامعة غلاسغو في المملكة المتحدة. ولا يمكن استخدامها في عديد من الأماكن التي يرغب العلماء باستخدامها فيها، أو حتى حملها إلى أماكن نائية، أو تركيبها على الطائرات بدون طيار.
قرر هاموند وزملائه ا أن يبنوا غرافي ميتر أصغر وأرخص، ويعتمد مبدأ النوابض وأساس جهازهم هذا هو قطعة صغيرة من السيلكون بحجم الطابع البريدي، نُحتت بشكلٍ يجعل في مركزها قطعة بوزن 25ميليغرام، تُرِكَت معلقة عبر ثلاث حوامل صلبة، بناؤها مشابه للألياف والتي هي عبارة عن 5 مايكرومتر عرضاً (أقل من ثلث القطر لشعرة بشرية)، فتعمل عملاً مشابه للنوابض، فحقل الجاذبية المحيط بالجهاز قد يتغير(كمروره فوق كهف تحت الأرض أو كمية كثيفة من المعادن)، بسبب التغير المفاجئ في كثافة الصخور التي تحته، فإن قطعة السيلكون سترتفع أو تنخفض استجابةً للتغيرات التي حصلت، هذه الحركات سيتم مراقبتها عبر تحسس ظل قطعة السيلكون عندما يمر فوق حساس ضوئي.
هذا الغرافي ميتر ذو حساسية عالية جداً، حيث يمكنه تحسس حركات الصعود والهبوط في القشرة الأرضية، التي قد يسببها تغير مواقع الشمس والقمر بحسب التقرير الذي نشره الباحثون في مجلة Nature، هذه الحادثة تسمى بمد وجزر الأرض "Earth tides" وهي قابلة للقياس. ولكنها صغيرة جداً عن تلك التي تحدث في المحيطات والبحار لأن الصخر أكثر قساوة من الماء.
تقول هيزل ريمر وهي اختصاصية في علم البراكين في الجامعة المفتوحة في ميلتون كينز: "في الوقت الحالي استطاع هاموند وفريقه من إثبات فعالية هذا الجهاز في المخبر، وتطبيقه في الواقع سيكون تحدياً كبيراً". ولكن إن نجح فإننا سنحصل على غرافي ميتر أرخص، ويمكن حمله ونقله بشكل أسهل من المعدات الحالية سيغير من مجرى اللعبة، وأضافت أيضاً، على سبيل المثال: قد يتمكن الباحثون من إنشاء شبكة من الغرافي ميترات الصغيرة ليقوموا بمراقبة حركة الصخور المنصهرة، أو الرواسب الموجودة في البراكين وتحتها، ولربما مكّنهم قياس وتمييز مقادير وتدفقات الحمم البركانية قبل ثوران البركان وانفجاره. أو أن يركبوها على الطائرات التي تعمل بدون طيار من أجل استخدامها في أعمال البحث عن الفراغات تحت الأرض، التي يمكن أن تتطور لتصبح فجوات صخرية، أو للكشف عن ممرات من صنع الإنسان مثل الأنفاق التي تستخدم لتهريب المخدرات.
يقول تيم نيباور وهو فيزيائي ورئيس شركة مايكرو-غرام لاكوست، وهي شركة مقرها لافييت - كولورادو وتقوم بصنع أنواع متعددة من الغرافي ميتر. يمكنهم أيضاً أن يساعدوا في عملية التنقيب عن الرواسب المعدنية، التي لها كثافة أعلى من الصخور المحيطة بها، مما يؤثر على حقل الجاذبية الذي حولها. أو حتى يمكنهم تصميم سلسلة من الأجهزة التي تحقق دقة تصل إلى جزء من مليار، ويمكنها تحمل درجات الحرارة والضغوط العالية كوضعها في أسفل بئر، لمراقبة التغير في كمية المياه في طبقة المياه الجوفية على نطاقٍ واسع، أو حتى البترول في حقول النفط، وقد تكون الفائدة منها هي لقياس سرعة وصول هذه الخزانات إلى حالة الجفاف، فيمكننا أن نحصد هذه المعلومات على سطح الأرض دون دخولها، و يضيف: "كلما كنا أقرب إلى الخزان، كانت قياساتنا أدق وأفضل".
يقول ريمر: العديد من التطبيقات المحتملة لمثل هذه الأجهزة اعتبرت خيالاً علمياً لفترة طويلة، ولقد كنا في انتظار.
المصدر: هنا