علم النفس > الصحة النفسية
ما الدعم النفسي الاجتماعي؟
كثيرًا ما سمعنا في الفترة الأخيرة بمصطلح الدعم النفسي الاجتماعي، وما أكثر المنظمات والجمعيات التي تقدم تلك الخدمات لأفراد المجتمع وخاصةً في أثناء الأزمات والحروب وبعدها، ولكن ما الدعم النفسي الاجتماعي؟ ولماذا يُعدًّ مهمًّا في حالات الطوارئ؟
1) ماذا المقصود بـ(نفسي-اجتماعي)؟ وما التعافي النفسي- الاجتماعي؟
يستخدم المصطلح (النفسي-الاجتماعي) للتأكيد على الاتصال الوثيق بين الجوانب النفسية للخبرة الإنسانية والخبرة الاجتماعية الأوسع نطاقًا.
ولكي نفهم المقصود منها؛ سنشرح كل نوع من الآثار على حدة:
1. الآثار النفسية هي تلك التي تؤثر في مستويات مختلفة من الأداء بما فيها: الجوانب المعرفية (الإدراك، والذاكرة كأساس للأفكار والتعلم) والمشاعر والسلوك.
2. الآثار الاجتماعية تتعلق بالعلاقات والأسرة والشبكات الاجتماعية والتقاليد الثقافية والوضع الاقتصادي، بما في ذلك المهام الحياتية مثل المدرسة أو العمل.
استخدام المصطلح النفسي والاجتماعي يستند إلى فكرة وجود مجموعة من العوامل المتداخلة مسؤولة عن التعافي النفسي والاجتماعي للناس، وأن هذه العوامل (البيولوجية، والعاطفية، والروحية، والثقافية، والاجتماعية، والعقلية، والمادية) لا يمكن بالضرورة أن تنفصل بعضها عن بعض.
ولذلك؛ فإنَّ المصطلح يوجه الاهتمام نحو مجمل خبرات الناس بدلًا من التركيز حصرًا على الجوانب الجسدية أو النفسية للصحة. (انظر الرسم التوضيحي لتعريف النفسي-الاجتماعي).
يرتبط هذان الجانبان ارتباطًا وثيقًا في سياق حالات الطوارئ المعقدة؛ إذ يكون تقديم الدعم النفسي الاجتماعي جزءًّا من جهود الإغاثة الإنسانية والتعافي المبكر؛ واحدة من دعائم التعافي النفسي والاجتماعي هي الوصول إلى الاحتياجات الأساسية (الغذاء والمأوى، وكسب الرزق، والرعاية الصحية وخدمات التعليم) جنبًا إلى جنب مع الشعور بالأمن الذي يأتي من العيش في بيئة آمنة وداعمة، وإن فوائد تدخلات الدعم النفسي الاجتماعي ينبغي أن تُسفر عن تأثير إيجابي على تعافي الأطفال، وتلبية الاحتياجات النفسية الأساسية بكفاءة.
2) تعريف الدعم النفسي الاجتماعي والتدخلات النفسية-الاجتماعية:
إن الدعم النفسي والاجتماعي هو:
مساعدة الأطفال والأسر والمجتمعات المحلية لتحسين صحتهم النفسية والاجتماعية من طريق التشجيع على تواصل أفضل بين الناس، وبناء شعور أفضل بالذات والمجتمع، ويُعبَّر عنه بالاعتناء والاحترام في العاقلات التي تنقل التفاهم والتسامح والقبول، ويعزز الدعم النفسي الاجتماعي دعم الرعاية اليومية الملائمة ضمن الأسرة والمجتمع.
الدعم النفسي والاجتماعي هو سلسلة متصلة من الدعم والرعاية التي تؤثر على الفرد والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الأفراد، وتمتد هذه السلسلة من أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية والأصدقاء والجيران والمدرسين إلى العاملين في مجال الصحة وأعضاء المجتمع ضمن علاقات رعاية يومية مستمرة تجمع بين التواصل والتفاهم والحب غير المشروط والتسامح والقبول وتتوسع لتصل إلى الرعاية والدعم التي تقدمها الخدمات النفسية المتخصصة.
أظهرت التجارب أن التدخلات في حالات الطوارئ تحدث بأفضل طريقة عندما يمتلك الفريق خبرات في البيئات المجتمعية؛ إذ يمكن مساعدة معظم الأفراد بأسرع طريقة عن طريق الدعم الجماعي للفريق، وإذا نظرنا في آثار ما بعد الأزمة سنجد (إضافة إلى الدعم النفسي-الاجتماعي المستمر) قلَّة صغيرة من الأطفال قد تتطلب تدخلات نفسية متخصصة، وإن هذا المستوى من الرعاية خارج نطاق الدعم النفسي والاجتماعي، على الرغم من أن هناك كثير من التقاطع مع رعاية الصحة النفسية المبنية على المجتمع، وبخاصة عند إشراك أفراد الأسرة مع العاملين في مجال الصحة النفسية في تقديم الدعم.
في ظل الظروف الطبيعية؛ لا يتطلب معظم الأطفال دعم نفسي اجتماعي إضافي على الرعاية والدعم التي تقدمها العائلة، وعندما تتعرض هذه الدائرة الداعمة الأولى (الأسرة) للتمزق أو الكسر، حينها ينبغي لأعضاء المجتمع الآخرين أخذ بادرة التدخل، وحينما تتعرض الدائرة الداعمة الثانية (المجتمع) للكسر أو التمزق فإنَّه يأتي دور الوكالات الخارجية في تقديم برامج دعم أو تدخل نفسي واجتماعي تهدف إلى:
1. تعزيز قدرات مقدمي الرعاية والأصدقاء والمعلمين من أجل تقديم الدعم والرعاية النفسية والاجتماعية اليومية لجميع الأطفال.
2. تعزيز قدرة أعضاء المجتمع وشبه المتخصصين في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي المتخصص إلى مجموعات خاصة من الأطفال المعرضين للخطر و/أو الأطفال المتأثرين مباشرة بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، والفقر وضحايا الصراعات والأطفال الذين تعرضوا للفقدان أو للصدمات النفسية.
3) لماذا يُعدُّ تقديم الدعم النفسي والاجتماعي مهمًّا؟
إن المرور بأحداث صعبة أو مزعجة يمكن أن يؤثر بشكل ملحوظ على التعافي الاجتماعي والعاطفي للطفل. كما أن التعرض للعنف أو الكوارث أو الفقدان أو الانفصال عن أفراد الأسرة والأصدقاء، وتدهور الأحوال المعيشية وانعدام الوصول إلى الخدمات، يمكن أن تحمل جميعها عواقب فورية، وآثار طويلة الأمد على الأطفال والأسر وتؤثر على تحقيق التوازن في المجتمعات وتطورها.
شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في البرامج المصممة لتوفير الدعم النفسي المبني على المجتمع للأطفال والأسر ومساعدتهم على التعافي من الأحداث المؤلمة طوال الثمانينيات والتسعينيات كانت العديد من الوكالات تطبِّق مناهج غربية مبنية على الأفراد، وتستخدمها لتقديم المشورة والعلاج للمجتمعات والثقافات المختلفة، وقد أظهرت عدد من الدراسات أن العواقب قد لا تكون عديمة الفائدة فقط، وإنَّما يحتمل أن تكون مدمِّرة للأطفال؛ إذ إنَّها قد لا تعترف بقيمة ما هو موجود بالفعل داخل الثقافة وداخل الأسرة وداخل كل طفل، ومن المحتمل أن تزعزع الممارسات والتقاليد الموجودة داخل الثقافة التي قد تكون ذات أهمية كبيرة في تيسير معافاة الأطفال.
إن التدخلات النفسية-الاجتماعية لا تنشأ من أحد المنطلقات الأولية كالحاجة أو المرض أو عجز الأطفال، ولكنها تنطلق من الاستفادة من آليات المرونة الطبيعية للطفل والأسرة والدعم المجتمعي ودراسة المخاطر المحتملة وعوامل الحماية ومحاولة توفير الخبرات الإضافية التي تعزز التكيف والتنمية الإيجابية على الرغم من المحن الواقعة، وإن لِفَهم الثقافة أهمية أساسية في تخطيط البرامج.
4) المجالات النفسية الاجتماعية
تُعدُّ التدخلات النفسية الاجتماعية خطة للتغيير الإيجابي للأطفال في ثلاثة مجالات نفسية-اجتماعية أساسية (المهارات والمعارف، والتعافي الاجتماعي والعاطفي)، فضلًا عن المجالات الأوسع نطاقًا التي تؤثر tdتعافي الأطفال وأسرهم والمجتمعات المحلية (انظر الرسم التوضيحي 2). وإضافة إلى ذلك؛ فإنَّ الصحة والتعافي الجسدي والروحي للأطفال هي مؤشرات مهمة إلى التعافي العام ويجب أن تؤخذ بعين النظر ضمن المجالات النفسية والاجتماعية الأساسية.
إن الدعم النفسي الاجتماعي هو حاجة طبيعية للمجتمعات التي عانت أو ما زالت تعاني من الأزمات أو الحروب أو الكوارث الطبيعية؛ فالفهم الصحيح لآليات الدعم النفسي الاجتماعي، وتكييفها بحسب حاجات وخصائص البيئات المحلية، هو من أهم ما يجب مراعاته عند أي تدخل.
المصدر:
هنا الصفحة 9 و12