الطب > علوم عصبية وطب نفسي
حلم السقوط في بداية النوم، ما هو تفسيره العلميّ؟
"ما إن أغفو حتى أشعر أنني سقطت من مكان عالٍ .. "
هل تساءلت يوماً لماذا يرتعش جسمك قبل أن تغفو ؟
ما إن نسلّم أجسامنا للنوم، حتى تهرب تشنّجات مفاجئة من أدمغتنا، و هذا ما يسبّب رعشة في الذراعين والساقين لدينا.
هذه الرعشات تذهل بعض الأشخاص، و تُحرج بعضهم الآخر. يقول الكاتب :" أنا مذهول بهذه الرعشات التي تسمى رعشات النوم. لا أحد يعلم بشكل مؤكّد ما يسببها، لكنها بالنسبة لي تمثل التأثيرات الجانبية لمعركة خفيّة من أجل التحكّم في الدماغ والتي تحدث كل ليلة بين اليقظة و الأحلام."
عادة نحن نصبح وكأنّنا مشلولون عندما ننام. حتى خلال أكثر الأحلام حركة تبقى العضلات مسترخية، مظهرةً إشارة بسيطة حول إثارتنا الداخلية. والأحداث في العالم الخارجي يتم تجاهلها. تظهر الدراسات أنه حتى و إن كنت نائماً بعينين مفتوحتين قليلاً، وألقى أحدهم ضوءأ عليك فإنه من المستبعد أن يؤثر ذلك على أحلامك .
إلا أنّ الباب ما بين الحالم و العالم الخارجي ليس مغلقاً تماماً. فهناك نوعان من الحركات تفلتان من دماغ الحالم، و لكلّ منها قصة مختلفة لتروى:
إنّ أكثر الحركات المعروفة التي نقوم بها في نومنا هي حركات العين السريعة. عندما نحلم. فإن عيوننا تتحرك تبعاً لما نحلم به. لو كنا، مثلاً، نحلم بمشاهدة لعبة كرة تنس، فإنّ عيوننا سوف تتحرك من اليسار إلى اليمين مع كل تسديدة ... لذا تعتبر رؤية عيون الشخص النائم تتحرك هي أقوى دليل على أنه يحلم.
رعشات النوم ليست كهذه. إنها مألوفة أكثر لدى الأطفال، عندما تكون أحلامنا بسيطة للغاية ولا تعكس ما يحدث في عالم الأحلام. لو كنت تحلم بركوب دراجة فأنت لا تحرك ساقيك بشكل دائري. بدلاً من ذلك، تبدو رعشات النوم كإشارة أنّ جهاز الحركة لا يزال يمارس بعض السيطرة على الجسم ما إن يبداً شلل النوم بالزوال. بدلاً من امتلاك مفتاح واحد (نوم – يقظة) في الدماغ للتحكم بنومنا، لدينا نظامان متعاكسان يتعادلان مع بعضهما مما يشكل الرقصة اليومية، بحيث يكون على كلّ منهما أن ينتزع السيطرة من الآخر.
عميقاً في الدماغ ، تحت القشرة (الجزء الأكثر تطوراً من الدماغ البشري) يقع أحدهما: شبكة من الخلايا العصبية تدعى الجهاز التنشيطي الشبكي reticular activating system. عندما يكون الجهاز التنشيطي الشبكي بكامل قوّته نشعر بالتنبّه وبالاضطراب – هذا معناه ، أننا مستيقظون.
بشكل معاكس لهذا النظام هناك النواة أمام التصالُبَة البصرية البطنية الوحشيّة (ventrolateral preoptic nucleus or VLPO)، و هي التي تدفع إلى النعاس، وموقعها بجانب العصب البصري من المحتمل أنه يمكّنها من جمع المعلومات حول بداية و نهاية ساعات النهار، و بالتالي التأثير على دورات نومنا.
بينما يؤدّي العقل مهمته الطبيعية في تفسير العالم الخارجي، و يبدأ بتوليد تسليته الخاصة، يميل الصراع بين الجهاز التنشيطي الشبكي والنواة أمام التصالُبة البصرية الوحشية لصالح الأخير. ويبدأ شلل النوم. أمّا ما يحدث تالياً فهو غير واضح تماماً، و لكن يبدو أنّ جزءاً من القصة هو أن الصراع حول التحكم بالنظام الحركي لم ينتهِ بعد. يطلق شلل النوم طاقة اليوم المتبقّية و يحرقها في حركات تبدو عشوائية. بمعنى آخر، رعشات النوم هي اللهاث الأخير من التحكم الحركي اليومي الطبيعي.
يقول بعض الأشخاص أنّ رعشات النوم تحدث عندما يحلمون أنّهم يسقطون أو يتعثّرون. هذا مثال عن الظاهرة النادرة المعروفة بـ دمج الأحلام ، حيث أن شيئاً خارجياً ، مثل ساعة المنبّه، يتم بناؤه في أحلامك. عندما يحدث هذا ، فإنّه يوضح القدرة الهائلة لأدمغتنا على توليد قصص معقولة. في الأحلام ، يتم إخماد مناطق التخطيط و التوقّع في الدماغ، ما يسمح للدماغ أن يردّ بفعالية على أيّ كان.
بما أنّ رعشات النوم تخرج خلال الصراع بين اليقظة و النوم، يمر الدماغ بمرحلة انتقالية خاصة به. في عالم اليقظة يجب أن يكون هناك معنى للأحداث الخارجية. في الأحلام يحاول الدماغ أن يجعل لنشاطه الخاص معنى. ينتج عن هذا: الأحلام.
لماذا نراها على هيئة سقوط أو تعثّر؟ هل نرى أموراً غيرها لكنّنا ننساها ما إن نستيقظ؟ الكثير من الأسئلة لا تزال تنتظر الإجابة حول عالم الأحلام الغامض.
المصدر: هنا