سلسلة "كيف يعمل جسم الإنسان؟" - الجهاز العصبي الذاتي

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتألف الجهازُ العصبيُّ لدى الإنسانِ عموماً من قسمين:

• الجهازِ العصبيِّ الجسديّSomatic Nervous System : وهو بشكل عام القسمُ الإراديُّ من الجهاز العصبيِّ (أي الذي نتحكم فيه بوعيِنا). ويتألف من قسمين:

1. قسمٍ وارد afferent: ينقل المعلوماتِ الحسِّيّةَ من وسائطِ الحِسِّ (الحواسّ الخمس) إلى الدماغ.

2. قسمٍ صادر efferent: ينقل الأوامرَ الحركيّةَ من الدماغ إلى العضلات الهيكليةِ (الإرادية).

• الجهازِ العصبيِّ الذاتيّAutonomic Nervous System :

وهو يقع بشكل عام في النطاق اللاإراديِّ (خارجَ نِطاقِ الوعي). وهو بدورِه يتألف من قسمين أيضاً:

1. قسمٍ وارد afferent: ينقل المعلوماتِ الحِسيةَ من الأعضاء الداخليةِ (كالمعدةِ والأمعاء) إلى الجهازِ العصبيِّ المركزي.

2. قسمٍ صادر: efferent ينقل الأوامرَ الحركيةَ إلى العضلاتِ الملساءِ (للأحشاء الداخلية) والعضلةِ القلبيةِ والغددِ خارجيّةِ الإفراز. يتألف هذا القسمُ بدورِه من قسمين هما:

 الجهازُ الوُدِّيُّ: يتولّى التأثيراتِ التي تَحدثُ استجابةً لحالاتِ القتالِ أو الفِرار Fight or flight response.

 الجهازُ نظيرُ الوُدِّيِّ: يتولّى التأثيراتِ التي تَحدث في ما يمكن تسميتُه أوقاتَ الراحةِ والهضم Rest and digest.

إذن فالجهازُ العصبيُّ الذاتيُّ هو الجزءُ من الجهاز العصبيِّ الذي يتولّى مَهمّةَ مراقبةِ الوظائفِ التي تتم دون تدخلِ الوعيِ المباشرِ فيها (كعمليّاتِ الهضمِ وغيرِها) أي أنها تتم بشكل لا إراديّ. ورغم أنّ التحكمَ بهذه الوظائفِ يحدث لاإرادياً إلا أنّ الإنسانَ يستطيع أحياناً أن يَشعرَ بآثارِها كالشعورِ بالخفقانِ عند زيادةِ معدّلِ ضرباتِ القلبِ مثلاً.

وأحدُ أهمِّ الخواصِّ البارزةِ للجهاز العصبيِّ الذاتيِّ هي السرعةُ والشدّةُ اللتان يتمكّنُ بهِما من تغيير الوظائفِ الحَشَوِيّة. فمثلاً يتمكن خلال 3 – 4 ثوانٍ من زيادة سرعةِ القلبِ إلى ضعفِ السرعةِ السَّوِيّةِ، ومضاعفةِ الضغطِ الشريانيِّ خلال 10 – 15 ثانية (استجابة للشدة)، كما يتمكن من تقليلِ الضغطِ الشريانيِّ إلى درجةٍ منخفضةٍ جداً خلال 4 – 5 ثوانٍ وهي مدةٌ كافيةٌ لفقدانِ الوعي!. كذلك يمكن أن يبدأَ التعرقَ خلال ثوانٍ، و أنْ يُفرِغَ المثانةَ لا إرادياً خلال ثوانٍ أيضاً.

تتضمن هذه التأثيراتُ:

• تغيّرَ عددِ ضرباتِ القلبِ في الدقيقة (وكذلك قوة الضربة).

• تنبيهَ أو تثبيطَ إفرازاتِ الغدد.

• توسّعَ الأوعيةِ الدمويةِ أو تضيُّقَها.

• توسُّعَ القصباتِ أو تضيقَها.

• تغييراتٍ في قُطْرِ حدَقةِ العين.

• التحكّمَ بالنشاط الجنسي.

وهذان القسمان يعملان بطريقةٍ متعاكسةٍ تهدف لضبطِ عملِ الأعضاءِ الداخليةِ التي لا يتدخل الوعيُ في عملِها. فأحدُهما مثلاً يسرّع ضرباتِ القلبِ (في حالات الشدّةِ) والآخرُ يُبطِّئُها (في حالات الراحة)؛ أحدُهما يقلّل المفرَزاتِ الهضميةَ (في فتراتِ الشدةِ) والآخرُ يَزيدها (في حالات الراحة– فليس من المعقولِ مثلاً أن يَنشُطَ الهضمُ وأنت في حالةِ شدةٍ كمواجهةِ خطرٍ ما مثلاً ). يُسهِّل ذلك تذكّرَ تأثيراتِ كلِّ جهازٍ؛ فالوُدِّيُّ مختصٌّ بالاستجابةِ لحالاتِ الشدةِ (كزيادةِ ضرباتِ القلب) ونظيرُ الوُدِّيِّ مختصٌّ بنشاطاتِ أوقاتِ الراحة (كعملياتِ الهضمِ والامتصاص).

الجهاز العصبي الودي Sympathetic Nervous System:

يتكون السبيلُ الوُدِّيُّ ابتداءً من النخاع الشوكيِّ وصولاً إلى العضوِ المستهدَفِ من عصبونَين (مقارنةً بعصبون واحدٍ في السبيل الحركيِّ الهيكلي). يسمّى العَصَبونُ الأولُ بالعَصَبونِ قبلِ العُقدي Preganglionic Neuron، وتمتد هذه العصبوناتُ من مستوى الفقرةِ الصدريةِ الأولى T1 وحتى الفقرةِ القَطَنِيّةِ الثانيةِ L2، وتعطي الأليافَ الوُدِّيةَ مرافقةً للأعصاب الشوكيةِ، تخرج هذه الأليافُ الوديةُ من العصبِ الشوكيِّ وتدخل إحدى العقدِ الوديةِ التي تشكل سلسلتين تتوضعان على جانبي العمودِ الفِقْرِيِّ، وعندها إما أن تتشابكَ داخلَ العقدةِ مع العَصَبونِ الثاني المسمّى بالعصبونِ بعدِ العقديِّ Postganglionic Neuron، أو تتابعَ مسيرَها ضمنَ السلسلةِ لتتشابكَ مع عصبوناتٍ في مستوياتٍ أعلى أو أخفضَ، أو أن تسيرَ مع الأعصابِ الوديةِ لتصلَ إلى إحدى العقدِ الوُديةِ المحيطيةِ في البطن وتتشابكَ داخلَها مع العصبونِ بعدِ العقدي.

إذاً تنتهي ألياف العصبوناتِ قبلِ العُقديةِ في عُقَدِ السلسلتين الوديتين المجاورتينِ للعمود الفِقريِّ أو العقدِ الوديةِ المحيطيةِ، وتنطلق بعدَها أليافُ العَصَبوناتِ بعد العقديةِ لتصلَ للعضوِ المستهدف.

يُضاف لذلك أنّ بعضَ أليافِ العصبوناتِ بعد العقديةِ تعود إلى النخاع الشوكيِّ وتدخل ضمن الأعصابِ الشوكيةِ لتصلَ إلى الأوعية الدمويةِ والغددِ العَرقيةِ والعضلاتِ الناصبةِ للأشعار في كافة أنحاءِ الجسم.

هناك حالةٌ خاصةٌ تمرّ فيها بعضُ أليافِ العصبوناتِ قبل العقديةِ من دون تشابُكٍ في العقد الوديةِ لتصلَ إلى الكَظَرِ وتتشابكَ هناك مع خلايا خاصةٍ تفرِز الأدرينالين والنورأردينالين عند تنبيهِها وُدِّياً، وذلك إلى مجرى الدمِ مباشرة.

يُذكَر أنّ الناقلَ العصبيَّ الذي ينقل التنبيهَ ما قبلَ العقدةِ الوديةِ هو الأسيتيل كولين، فيما يكون الأدرينالين غالباً هو الناقلُ العصبيُّ ما بعدَ العقدة (مكان التأثير).

يبين الجدولُ التالي تأثيرَ التنبيهاتِ الوديةِ على مختلف الأعضاء (لاحِظ أنها جميعاً تتناسب مع حالاتِ الشدةِ، كحالِكَ إن أخذَ نمرٌ يطاردُك على سبيل المثال ).

الجهاز العصبي اللاودي أو نظير الودي Parasympathetic Nervous System:

للجهاز العصبيِّ نظيرِ الوُدِّيِّ كما للوديِّ عَصَبوناتٌ قبلَ عُقَديةٍ وأخرى بعدَ عقدية. ولكن العقدَ نظيرةَ الوديةِ لا تتوضع قربَ النخاعِ الشوكيِّ كما الحالُ في سلسلةِ العقدِ الوديةِ، إنما تتوضع غالباً في جدار العضوِ المستهدَفِ أو بالقرب منه. أي أنها تمرُّ من النخاع الشوكيِّ لتصلَ إلى العضو المستهدفِ دون أيةِ تقاطعات. بعد ذلك تتشابك مع العقد نظيرةِ الوديةِ التي تتوضع في جدار العضوِ المستهدفِ لتبدأَ بعدها العصبوناتُ بعد العقديةِ التي تمتلك أليافاً قصيرةً يبلغ طولُها من مليمترٍ واحدٍ إلى عدةِ سنتيمتراتٍ لتنتشرَ في العضو، في حينِ تكون الأليافُ بعدَ العُقديةِ في الجهاز العصبيِّ الوُديِّ طويلةً جداً مقارنةً بمثيلاتِها في الجهاز العصبيِّ نظيرِ الوديِّ؛ إذ عليها قطعُ كاملِ المسافةِ من سلسلة العقدِ الوديةِ جانبَ العمودِ الفِقْريِّ وصولاً إلى العضو المستهدف.

تتفرع أليافُ العصبوناتِ نظيرةِ الوديةِ العُلويةِ من جذعِ الدماغِ وترافقُ الأعصابَ القحفيةَ: الثالثَ والسابعَ والتاسعَ والعاشرَ (المُبْهَم) إلى أماكنِ تأثيرِها. ومن الجديرِ ذكرُه أن 75% من الألياف نظيرةِ الوديةِ في الجسم تُرافق العصبَ المبهمَ إلى الأحشاء. أما الأليافُ نظيرةُ الوديةِ السفليةُ فتتفرع من المنطقة العَجُزِيّةِ (S2،S3) في أسفلِ النخاعِ الشوكيِّ وتعطي أليافاً ترافق الأعصابَ الحوضيةَ إلى الضفيرة العجُزيةِ، ومنها إلى الأحشاءِ الواقعةِ في الحوض.

يذكر أن الناقلَ العصبيَّ الذي ينقل التنبيهَ في كلٍّ من التشابكِ ما قبل العقدةِ وما بعد العقدةِ (مكان التأثير) في الجهاز نظيرِ الوديِّ هو الأسيتيل كولين.

يلخص الجدولُ التالي استجابةَ الأعضاءِ المختلفةِ للتنبيهاتِ نظيرةِ الوديةِ (لاحظ أنها جميعاً تتناسب مع نشاطات الراحةِ، كحالِك إن تخلّصتَ من النمرِ، أو عقدْتَ صداقةً معه على سبيل المثال ).

المصادر:

هنا

Guyton and Hal Textbook of Medical Physiology (13 ed.)