ليس كوب قهوةٍ فحسب، بل طريقٌ من القهوة بقايا القهوة في ابتكارٍ هندسيٍّ جديد!

استمع على ساوندكلاود 🎧

عند التحدُّثِ عن العلاقة بين القهوة والبيئة، سيتبادر إلى أذهانِنا القليل من الأفكار حول الارتباط فيما بينهما، فيمكننا أن نفكر مثلاً في الأوعية التي تُشحَن فيها القهوة أو الأكواب البلاستيكية والكرتونية التي نشرب بها مشروبنا المفضَّل، لكن ماذا بالنسبة لبقايا القهوة المتبقّية في الفنجان والّتي تعدُّ مصدراً لا يمكن الاستهانة به من مصادرِ النفايات في العالم، فمثلًا تصدّر مدينة سيدني الأسترالية بمفردها 3000 طن سنويًا من بقايا القهوة، ومن الطبيعي أن ينتهي المطاف بهذه البقايا في مكبّات النفايات أو شبكات الصرف الصحّي لتصلَ بعدها إلى مياه المحيطات وبالتالي تكون سبباً محتملاً لتلويث البيئة.

ربما تتساءل الآن بماذا يمكن أن تُستخدَم بقايا القهوة الناتجة عن المقاهي والمتاجر والمنازل، قد يتبادرُ إلى ذهنِكَ استخدامها كسمادٍ، أو منظّفٍ للبشرة، لكن ماذا لو استخدمت في تعبيد الطرق؟ نعم، تعبيد الطرق، وهو ما نجح بتحقيقه مهندسون أستراليون من مركز البنية التحتية المستدامة في جامعة سوينبرن للتكنولوجيا.

حيث استطاع هؤلاء المهندسون أثناء بحثهم عن موادَّ يمكن إعادة استخدامها في بناء الطرق مثل الزجاج، والبيتون، والطوب المسحوق، تطويعَ القهوة لتعملَ كأساسٍ جديدٍ في عالم الطرق والتشييد وذلك من خلال دمجها مع الخبث*(slag) أي ما يتبقى من صناعة الحديد والصلب وصُنع كتل أسطوانية كافية لتكون مادة التربة التحتية للطرق.

كيف صنع العلماء طريقاً من القهوة؟

استطاع البروفسور "أرول أرولراج" بالتعاون مع باحثين من الصين وتايلاند جمعَ 150 كيلو غرام من بقايا القهوة (الثفل) من مقاهي سوينبرن وهو ما يعادل متوسّط ما يتبقّى أسبوعيّاً من الثفل في المقاهي التي تمّ الجمعُ منها، ومن ثمّ قاموا بتجفيف البقايا لمدة خمس أيام في فرنٍ بدرجة حرارة تصل إلى50 درجة مئوية لتتمّ غربلةُ المسحوق الناتج فيما بعد وذلك لمنع تواجد أي كتلٍ قبل دمجِ البقايا المُجفَّفة مع الخبث. تم دمج مكوّنات الخليط (المؤلّف من 70 في المئة من مسحوق القهوة و30 في المئة من الخبث) باستخدام محلولٍ قلويّ ثم ضـُـغطت لتُشكِّل كتلاً أسطوانية والّـتي كانت بحسب اختبار الباحثين متينةً كفاية لتكون بمثابة مادّة التربة التحتيّة التي تقع تحت سطح الطُرُق.

وتقدِّرُ المجموعة الهندسيّة أنّ الكميّة الناتجةَ يمكن أن تكفي لبناء 5 كيلو مترات من الطرق سنويًا، ممّا يجعله حلّاً فريداً من نوعه بسبب قدرته على مساعدة أصحاب المقاهي والمطاعم على التخلُّص من بقايا القهوة ومنعها بأن تنتهي في مطامر النفايات.

يُذكَرُ أنّ إنتاج القهوة سيشهد تناقصاً حادّاً نتيجة الجفاف الشديد في البرازيل (المُنتِج الأول للقهوة في العالم)، فقد ذكر التقرير العالمي لإنتاج القهوة أنّ طلب البشر لحبوب البن يزداد مع تناقص إنتاجِها ويتوقّع خبراء الصناعة في العالم أن خطَّ إنتاج القهوة سيحتاج إلى الارتفاع بنسبة 40 إلى 50 في المئة لمواجهة الطلب العالمي المتزايد، مما ينذر بمشاكلَ بيئيّةٍ واقتصاديّةٍ غير مسبوقة في عالم المشروبات الساخنة.

هامش

(*) الخبث (slag): مادة تنتج في عملية صناعة الصَلْب وكانت تعتبر لفترة طويلة مادة ثانوية غير مجدية، لكنها الآن تستخدم في العديد من الصناعات مثل الصناعات الإنشائية والصناعات البيئية المستدامة.

المصادر:

1- Cameron ,Amanda. O’Malley, Sean.2016. Coffee Ground Recovery Program Summary Report.JAN.Planet ARK. {accessed 18 May 2016} هنا

2- Kuaa, Teck-Ang .Arulrajaha, Arul. Horpibulsuk, Suksun. Du, Yan-Jun. Shen, Shui-Long. Strength assessment of spent coffee grounds-geopolymer cement utilizing slag and fly ash precursors. Construction and Building Materials. Volume 115, 15 July 2016, Pages 565–575 هنا

4- NIELD, DAVID.2015. It looks like a worldwide coffee shortage is inevitable.23 DES. Science alert {accessed 18 May 2016} هنا

5- Swinburne news .2016. Coffee more than a just drink for Swinburne engineers.3 May. Swinburne University {accessed 18 May 2016} هنا

6- GIBSON, OLIVIA.2016. Melbourne’s Roads Could Literally be Paved with Coffee. 11 May. Broadsheet.{accessed 18 May 2016} هنا