الفيزياء والفلك > فيزياء
تلسكوبات ناسا تتحقق من رغوة نسيج الزمكان الكمومية
في عام 2015، قامت دراسةٌ بدمج بياناتٍ رصدتها عدّة تلسكوبات تابعة لناسا (تلسكوب شاندرا الفضائي للأشعة السّينيّة وتلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة غاما ومصفوفة التّلسكوبات VERITAS في أريزونا). ساهمت هذه البيانات المُدمجة في وضع حدودٍ لطبيعة النسيج الزّمكاني الكموميّة ضمن أبعادٍ بالغة الصّغر.
يتنبأ ميكانيك الكم أن النّسيج الزّمكاني (الأبعاد المكانيّة الثلاثيّة بالإضافة إلى الوقت) لا يكون أملسًا في حالة البُنى بالغة الصغر، وهنا نتكلم عن أبعادٍ من رُتبة جزيء من عَشرة مليارات من الترليون من قطر ذرّة الهيدروجين. يُشير العُلماء إلى تلك البُنية التي توقعوا أن تكون موجودة ضمن هذا المقياس الصّغير بـ (الرّغوة الزّمكانيّة). صورة المقال هي صورة فنيّة تُظهِر كيف يُمكن أن تَبدو الرّغوةُ الزّمكانيّة، حيث تَظهر على شكل فُقاعاتٍ لا يتجاوز قُطرها واحداً على كوادرليون من قُطر الذّرة. تتذبذب هذه الفُقاعات بشكل مُستمر وتَعيشُ كلٌّ منها جزءاً مُتناهٍ في الصّغر من الثّانية.
بما أنّ الرّغوة الزّمكانيّة صغيرة جداً فلا يُمكن رصدها مُباشرةً. عندما يَمرّ الضّوء في الرّغوة الزّمكانيّة لمسافات قصيرة نسبياً يكون تأثيرها عليه صغيراً جداً تستحيلُ مُلاحظته.
لكن يُوجد هناك عدّةُ نماذج رياضيّة لوصف النّسيج الزّمكاني، ويمكن وفقًا لبعض هذه النماذج أن يَتراكم تأثيرُ هذه الفُقاعات على الضّوء إذا سافرَ الضّوء لمسافاتٍ كونيّةٍ شاسعة بشكلٍ كافٍ يُمكننا من رَصده وتَحليله. وبشكلٍ خاص، تتنبأ بعض النّماذج بأن تَراكُم تأثير الرّغوة الكموميّة على الضّوء (عندما يُسافر مسافاتٍ تَصلُ إلى مليارات السّنين الضّوئيّة) قد يؤدي إلى إنقاص جَودة الصّورة المُلتقطة لدرجةِ أنّ تلك الأجسامَ البعيدة التي نَرصدُها تُصبح غير قابلةٍ للرصد. طولُ الموجة الذي ستختفي عنده الصّورة سوف يختلف وفقًا لنموذج الرّغوة الزّمكانيّة المُتبع.
لاختبار تلك النّماذج من ناحية مدى مَلاَسَة النّسيج الزّمكاني، استخدم الباحثون صوراً بالأشعة السّينيّة وأشعة غاما لكويزرات بعيدة جداً. حيث أن الكويزرات هي مصادرُ إضاءةٍ قويّة في الكون ناتجةٌ عن ابتلاع المواد داخل الثّقوب السّوداء فائقة الكُتلة.
تظهر في الأسفل صورٌ التقطها تلسكوب شانردا للأشعة السينيّة لستّة كويزرات تبعُد عنا مليارات السّنين الضّوئيّة. تَضحد هذه الصّور أحد هذه النّماذج التي تفترِض أنّ الفوتونات سوف تَتَعرض للتبعثر بشكلٍ عشوائيٍ عندما تُسافر مليارات السّنين الضّوئيّة مثلما يتبدد الضّوء عند مروره في الضّباب.
كما تمّ فَحصُ صورٍ رصدها تلسكوب فيرمي لأشعة غاما والمرصد VERITAS. وأثبتت هذه الصّور أيضاً أن النّموذج الثّاني (المُسمى نموذج الهولوغراف) الّذي يفترض تبعثرًا أقل، ليس صحيحاً أيضاً.