الكيمياء والصيدلة > صيدلة
مُسكِّنات الألم؛ أخطاء شائعة علينا أن نحذر منها
لا شك في أن أغلبَنا قد اضطرَّ لاستخدام الأدوية المسكِّنة لتسكين الصداع أو بعض الآلام المفصلية وغيرها. وللأسف، فإن استخدامَنا هذه الأدوية يكون بناءً على نصيحة أحد الأصدقاء أو الأقارب في بعض الأحيان، وأيضًا يلجأ بعضُنا إلى تناول نوعين أو أكثرَ من الأدوية المسكِّنة دون استشارة الطبيب أو الصيدلاني؛ مما قد يؤدي إلى أضرارٍ تتفاوت خطورتُها.
سنتحدث في هذا المقال عن تسعة أخطاء يرتكبها الناسُ في تعاملهم مع الأدوية المسكنة.
الخطأ الأول: في حال كان تناولُ حبةٍ واحدةٍ أمرًا جيدًا؛ إذًا تناوُل اثنتين هو أفضل بلا شك!
عندما يصف الأطباءُ مسكِّنات للألم، فهُم على درايةٍ بوصف أنسبِ جرعةٍ من المسكن لإعطاءِ أفضلِ تأثيرٍ بأقلِّ مخاطرَ ممكنة؛ لذلك عند مضاعفةِ الجرعةِ فإنّ ذلك لن يسرّعَ الشعورَ بالراحة، ولكنه يستطيع وبسهولةٍ أن يسرّعَ التأثيراتِ الجانبيةَ الضارة.
تقول كريستين بيناسو -وهي الناطقةُ الرسميةُ لمنظمة الصيادلة الأمريكية-: "قد لا تعمل الجرعةُ الأولى من الدواء المسكِّنِ في خمس دقائق كما تريد، لكنّ هذا الأمرَ لا يعني أنَّه يجب عليك أخذُ خمسِ جرعاتٍ أخرى". وتضيف: "لدى استخدام بعض المسكّنات، عندما تأخذ جرعاتٍ إضافيةٍ فهذا يسبِّب عدمَ عملِ الجرعةِ الأولى بالفعاليةِ المطلوبة. ولدى استخدامِ مسكّناتٍ أخرى، فإنّ الجرعاتِ الإضافيةَ قد تودي بك إلى غرفة الطوارئ".
في حال أَعطيت المسكنَ الوقتَ الكافيَ ليُبديَ تأثيرَه ومع ذلك لم تشعر بأيِّ تحسنٍ، فلا تُضاعف الجرعة؛ بل يجب عليك أن تذهبَ إلى طبيبك لتعلم السبب وراء استمرارِ شعورِك بالألم.
يقول إيرك هاينس (وهو خبيرٌ بمعالجة الآلام): "إنَّ مقولةَ (واحدةٌ جيدةٌ إذًا اثنتين أفضلُ حتمًا) هي مشكلةٌ شائعة". ويضيف: "يجب على المرضى أن يتبعوا التعليماتِ التي يعطيها لهم طبيبُهم، وأن يسألوا قبل أن يغادروا العيادةَ إذا ما كان بإمكانهم أخذُ حبةٍ إضافيةٍ في حال لم يشعروا بتحسن؟ وما الجرعةُ الأعلى المسموحةُ لهذا الدواء؟".
ومن الممارساتِ الخاطئةِ أيضاً محاولةُ زيادةِ تأثيرِ دواءٍ مسكّنٍ بنوع آخرَ من الأدويةِ المسكّنة.
وتكمل بيانسو: "قد تجد في المنزلِ أدوية أيبوبروفين وأسيتامينوفين "باراسيتامول" ونابروكسين (وهي مضاداتُ التهابٍ لاستيروئيدية)، ومن الممكن لأحد الأشخاصِ أن يأخذَها جميعاً". ويضيف هاينس: "قد يتصاعد هذا الأمرُ إلى موقفٍ سيئ جدًّا".
الخطأ الثاني: المضاعفةُ المؤدّيةُ إلى فرْط الجرعة:
غالباً ما يتناول الناسُ الأدويةَ التي لا تحتاج إلى وصفة طبيةٍ -حتى أدوية الوصفات- دون قراءةِ النشرةِ المرافقة؛ مما يعني أنهم لا يعلمون ما هذا الدواء الذي يأخذونه، وهذه الفكرةُ خاطئةٌ تمامًا.
ففي حال أخذوا دواءً آخرَ من الأدوية التي لا تحتاج لوصفةٍ طبيةٍ من أجل الحصولِ على تأثير مسكنٍ أقوى أو من أجل أيِّ سببٍ آخر، فغالبًا ما يؤدي هذا الأمرُ إلى حدوث فرطٍ في الجرعة. ويعود هذا الأمرُ إلى أنَّ كثيرًا من الأدوية التي لا تحتاج وصفةً طبيةً عبارة عن حبوب مركّبةٍ تحمل جرعةً كاملةً من المركبات المسكنةِ للآلام.
الخطأ الثالث: شربُ الكحولِ بالترافق مع أخذِ الأدوية المسكنة
إن الأدويةَ المسكّنةَ والمشروباتِ الكحوليةَ غالباً ما يكون لها أثرٌ تآزُرِيٌّ (أي يزداد تأثيرُ الدواءِ المسكنِ و/أو تركيزه داخلَ الجسم) وذلك هو السبب وراء وجودِ لُصاقةِ عدمِ شربِ الكحولِ على غالبية الأدويةِ المسكنة.
تكون هذه اللصاقةُ عبارةً عن رسمةٍ لكأسِ مارتيني مغطّاةٍ بالإشارةِ العالميةِ لكلمة "ممنوع" المتمثّلةِ بدائرةٍ مع مستقيمٍ قاطع. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على النبيذ والبيرة.
تقول بيانسو: "هناك سوءُ فهمٍ شائعٌ، وهو أن الناسَ ترى الملصقَ وتعتقد (أنا بخير طالما لا أشرب الخمورَ، فأستطيع أن أشربَ البيرة)، لكنّ عبارةَ "ممنوع تناولُ الكحول" تعني يُمنع تناولُ أيِّ شيءٍ يحتوي على الكحول".
يقول هاينس: "على المرضى أن ينتبهوا لتحذيرِ الكحولِ، لأنه يمكن أن تحدثَ مشكلةٌ كبيرةٌ إذا لم يفعلوا ذلك"، ويضيف "يمكن للكحول أن يجعلَك ثملاً، كما تستطيع بعضُ الأدويةِ المسكِّنةِ أن تفعل ذلك أيضاً. يمكنك بسهولة وضعُ نفسِك في ورطة".
شرب الكحول مع الأدوية التي لا تحتاج لوصفة طبية يُعدّ مشكلةً أيضاً.
الخطأ الرابع: التداخلاتُ الدوائية
يجب عليك قبل أخذِ أيِّ دواءٍ مسكنٍ أن تقومَ بالتفكير بكافة الأدوية والأعشابِ العلاجيةِ والمتمِّماتِ الأخرى التي تتناولها. قد يتداخل بعضُ هذه الأدويةِ والمتمِّماتِ مع مسكنات الألم التي أخذتَها أو قد تزيد من خطورة التأثيراتِ الجانبية. وعلى سبيل المثال، يستطيع الأسبيرينُ أن يؤثّرَ على بعض أدويةِ السكري غيرِ الحاويةِ على الإنسولين، كما يتداخل الكودائين والأوكسي كودون مع مضاداتِ الاكتئاب.
لذلك يجب أن تعطيَ طبيبَك الخاصَّ لائحةً بكافة الأدويةِ والأعشابِ والمتمماتِ التي تتناولها، وذلك قبل أن يعطيَك أيَّ وصفة. وفي حال كنت تشتري أدويةً لا تحتاج لوصفة طبيةٍ، فتنصح بيانسو بأن تخبرَ الصيدلانيَّ/ة المختصَّ بكافة الأدويةِ التي تأخذها.
الخطأ الخامس: أخذُ الأدويةِ والقيادة
من الممكن أن تجعلَك مسكناتُ الألم تشعر بالنعاس. تختلف استجابةُ الجسمِ عند أخذ الأدويةِ من شخصٍ إلى آخر. تقول بيانسو: "تختلف طريقةُ تفاعلي مع مسكنِ ألمٍ ما عن طريقة تفاعلِك معه"، وتضيف "قد لا يجعلني دواءٌ محدّد أشعر بالنعاس ولكن قد تشعر أنت بذلك. لذلك أنصح بتجربة الدواءِ في المنزل أولاً لترى بماذا تشعر. إياك أن تأخذَ الدواءَ وتذهبَ للقيادة!!".
الخطأ السادس: مشاركة أدويةِ الوصفاتِ الطبية
للأسف فإنه من الشائع أن يقومَ الأشخاصُ بمشاركة أدويةِ وصفاتِهم مع أصدقائهم أو أقاربِهم أو زملائهم في العمل. يقول هاينس وبيانسو: إنّ هذا الأمرَ ليس ذكياً وخصوصاً فيما يتعلق بأدوية المسكنات.
في حال شارك شخصٌ ما أدويتَه مع شخصٍ آخرَ، قد يكون الشخصُ الآخر يعاني من مشكلة ما في جسمه تمنعه من طرحِ الدواءِ للخارج، أو لربما ينتج لديه ردُّ فعلٍ تحسُّسيٌّ، أو قد يتداخل هذا الدواءُ مع أدويتِه الأخرى ونصل في النهاية إلى نتائجَ تهدّد حياةَ هذا الشخص.
الخطأ السابع: عدمُ الاستفسار من الصيدلاني/ة
ليس من السهلِ أن تقومَ بقراءة نشرةِ الدواءِ المرفَقة معه، لذلك إن كان لديك أيُّ سؤالٍ عن الوصفة الطبية أو عن الأدوية التي لا تحتاج لوصفة طبيةٍ فعليك أن تسألَ الصيدلاني/ة.
تقول بيانسو: "هذه إحدى مهامِّ الصيادلة. من الممكن أن تنتظرَ لبضعِ دقائقَ ريثما ينتهون من أشغالِهم، ولكنك ستحصل على كافة المعلوماتِ التي تحتاجها عن الطريقة الصحيحةِ لأخذ الدواءِ المناسب. كلُّ ما عليك فعلُه هو أن تسألَهم عن ذلك".
الخطأ الثامن: تخزينُ الأدويةِ منتهيةِ الصلاحية
يُعد هذا الأمرُ خاطئاً لسببين: الأول لكون حبوبِ الأدويةِ المخزّنةِ في المنزل قد تبدأ بالتحلّل بعد مدةٍ قليلةٍ من انتهاء فترةِ صلاحيتِها، خصوصاً الأدويةُ المخزنةُ في بيئة رطبةٍ، مثل خزانة الأدوية الموضوعةِ في حمّام المنزل. تقول بيانسو: "يقول الناسُ (هذا الدواءُ انتهت فترةُ صلاحيتِه منذ عامٍ فقط، ألم يعد جيداً؟). لكن في حال أخذْتَ أحدَ الحبوبِ المتحللةِ قد لا تعطي أيَّ تأثير، أو من الممكن أن ينتهيَ بك الأمرُ في غرفة الطوارئِ بسبب تداخل نواتجِ عملية التحللِ مع بعضِها البعضِ، وهذا أمر شائع حقاً! وخاصةً بين المراهقين".
الخطأ التاسع: تقسيم الحبوب غيرِ القابلةِ للقسمة
في الحقيقة تُعتبر الحبوبُ آلاتٍ لتوصيل الدواءِ، ولا تعمل بالطريقة المفروضةِ في حال قُسِّمت بشكل خاطئ. يجب أن تُقسمَ الحبوبُ ذاتُ الخطِ المحدّدِ للقسمة تبعاً لهذا الخطِّ وحسْب، وإنْ لم تجِدْ هذا الخطَّ على الحبة فلا يجب عليك قسمتُها أبداً، إلا إن أُعطيتَ تعليماتٍ خاصةً لفعل ذلك.
تقول بيانسو: "عندما تبدأ بتقسيم الحبوبِ بهذه الطريقةِ، لربما تحصل على حبوب غيرِ فعالة. لقد وجدنا العديدَ والعديدَ من الناس الذين يقومون بهذا الأمر ومن ثَم يتساءلون عن سبب الطعمِ السيءِ لتلك الحبوب، ذلك بسبب أنهم قطعوا تلبيسَ الحبة".
نستطيع تجنبَ هذه الأخطاءَ وغيرَها الكثيرَ مما يقع فيه المرضى، بقليلٍ من الحذرِ والاستفسار. قد يبدو الأمرُ مرهقاً ويتطلب الكثيرَ من الوقت، ولكن علينا أن نتذكرَ أن لا نستهينَ بصحتِنا... ودمتم سالمين ^_^
المصدر: