الهندسة والآليات > الترانزستورات
ترانزستورات تُحاكي مبدأَ عملِ المشابكِ العصبيةِ في جسمِ الإنسانِ
محاكاةُ وظائفِ أعضاءِ جسمِ الإنسانِ بشكلٍ كاملٍ أصبحَت قابَ قوسين أو أدنى، كلما تقدمنا يُصبحُ المستحيلُ حقيقةً، فهنا علماء يتقدمون خطوة إلى المستحيلِ عن طريقِ محاكاةِ المشابكِ العصبية في الإنسان، بل وتَغَلّبت عليها في بعضِِ المراحلِ، مما تتكون هذه المشابك؟ وبماذا تغلبت على المشابك العصبية البشرية، وبماذا تأخرت؟
تمكنَ فريقٌ من الباحثين في جامعة بوهانغ للعلوم والتقانة (Pohang University) في كوريا الجنوبية، من اختراع ترانزستورات متشابكة من أسلاك عضوية متناهية في الصغر ONW STs تحاكي مبادئ عمل المشابك العصبية في جسم الإنسان.
هذه الترانزستورات تستهلكُ كمياتٍ أقل من الطاقة، إذا ما قورنت بالأجهزة الأخرى المبتكرة حتى الآن، وحتى نظراءها الحيويين المنافسين لها.
سلكَ العلماءُ عدةَ طرقِ لبناءِ جيلٍ جديدٍ من الحواسيب، أحد هذه الطرق تُرَكزُ على محاولة إيجاد مواد جديدة بديلة عن السيليكون، بينما تَوَجّهت دراساتٌ أخرى نحو بناءِ آلات كمومية، ولا تزال هنالك دراسات حثيثة تحاول بناءَ شيءٍ ما أقرب إلى العقل البشري. حيث يمتلك النظام الهجين أجزاء صناعية عضوية تشابه ما هو موجود في الدماغ. وفي إطار هذه الجهود تَمكّن الفريقُ الكوري من الوصول إلى حدث هام باختراع مِشْبَك صناعيّ يشابه إلى حد كبير ذلك الموجود في عقولنا من حيث متطلبات الطاقة التي يحتاجها.
ولا تزال هذه المشابك العصبية الصناعية إلى الآن تستهلك قدر أعلى من الطاقة بالمقارنة مع المشابك العصبية في جسم الإنسان. حيث قَدّرَ العلماء بأنه يتطلبُ توليد إشارة واحدة (Fires)، ما يقارب ال 10 فيمتو جول (الفيمتو جول يساوي 10 قوة -15 من الجول). أما المشابك العصبية الصناعية تحتاج فقط إلى طاقة تساوي 1.23 فيمتو جول، وهو أقل كثيراً مما تم التوصل إليه إلى الآن. وبناءً على ذلك، فقد تستخدم المشابك العصبية الصناعية قدراً أقل من الطاقة على الرغم من أنها لا تؤدي نفس الوظائف التي نحصل عليها من المشابك الطبيعية. وهذا ما يجعل المشابك الطبيعية في المقدمة. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال هنالك مشكلة نقل المعلومات من عصبون – أي خلية عصبية -إلى أخرى. وأيضاً الأعصاب الموجودة في جسم الإنسان لا تزال أرفع من الأسلاك المعدنية المستعملة من قبل العلماء.
وكجزءٍ من هذه الجهود المستمرة، قامَ الفريقُ بوضع 144 مشبك عصبيّ صناعيّ على رقاقة مساحتها 4 بوصات، وربطهم بشبكتين ثنائيتي الأبعاد باستخدام أسلاك تتراوح بين 200 حتى 300 نانو متر. يقوم هذا الاختبار على دراسة إمكانية تحريض المشابك لتوليد إشارة (fire) (أي فتح وإغلاق)، بالاعتماد على المعلومات القادمة من الأسلاك، أو المرسلة من قبل عصبونات صناعية أخرى.
هذه المشابك العصبية تحاكي النوع الطبيعي في الشكل بالإضافة إلى الطول والرِفعَة، وتكون مُصنَعة من نوعين من المواد العضوية القادرة على اكتساب وتحرير الأيونات.
تعتبر المشابك العصبية الصناعية الجديدة أكثر من خطوة على طريق اختراع حاسوب يعمل بطريقة مكافئة للعقل البشري، وبالتالي ستعزز الثقة في حال وصولنا إليها بأنها ستكون أكثر قوة من أي شيء طبيعي تم إنتاجه.
الملخص:
تعتبرُ محاكاةُ المشابك العصبية في جسم الإنسان خطوة هامة نحو بناء الكترونيات بمهارة فائقة مماثلة للعقل البشري. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في محاكاة وظائف المشابك العصبية، إلا أنّ الأجهزة المشبكية العصبية الموجودة الآن لا تزال تستهلك مقدار أكبر من الطاقة المستهلكة في المشابك العصبية الحيوية الموجودة في الجسم البشري. (حوالي 10 فيمتو جول لكل عملية إرسال إشارة) ولعل تقليل هذا الاستهلاك يُشَكّل التحدي الأصعب أمام الباحثين. تحاكي هذه الأسلاك النانونية العضوية شكل الألياف العصبية. ويتم الحصول على هذه الأسلاك العضوية النانونية (ONW) المكونة من غمد وقناة تصل طولها حتى 300 نانومتر باستخدام الطباعة المعدنية Lithography. حيث يحصل كل سلك من هذه الأسلاك العضوية ما يقارب 1.23 فيمتو جول لكل عملية للمشابك العصبية، وهو ما ينافس المشابك العصبية الحيوية. تقوم هذه ONW STs بخطوة جَليّة وهامة اتجاه إطلاق إلكترونيات ذكيّة صناعية، تقومُ على تخفيض استهلاك الطاقة، وتفتحُ المجال لفرص جديدة للقيام بتجميع أنظمة للحوسبة العصبية البرمجية (soft neuromorphic systems) بأحجام نانونية متناهية في الصغر.
المصدر: