الطب > مقالات طبية
العودة إلى الحياة بعد الموت..
الخطّ الفاصل بين الحياة والموت ليس واضحاً كما كنا نعتقد !
في عصرنا الحالي أصبح من الممكن إحياء شخص بعد توقّف قلبه بعدة ساعات بحسب أقوال الخبراء .
قديماً كان الإنسان يعدّ ميتاً عندما يتوقف قلبه وتنفسه، ولكن في رحلة كشف غموض الموت اكتشف العلماء أنّ الموت لايحدث في لحظة واحدة، إنما هو عبارة عن عملية مستمرة من التموّت الخلوي .
هذه العملية تتطلب عدّة ساعات، وقد نتمكّن من عكس هذه العملية! (تقول Barnia بثقة، وهي الأستاذة المساعدة في طب الرعاية الحرجة بجامعة نيويورك).
عملية الموت !
سابقاً أعتقدنا بأنّ توقف القلب عن ضخ الدم يعني أنّ المريض لديه دقائق قبل أن يعاني من أذيّة دماغية دائمة بسبب نقص الأكسجين والغذاء، ولكن العلماء اليوم يقولون بأنّ هذا الكلام أصبح قديماً!
عندما يتوقف القلب تبدأ عملية الموت ويتأذّى الدماغ خلال مراحل، فبعد دقائق من الحرمان من الأوكسجين والغلوكوز، تبدأ الخلايا بإطلاق إشارات تخبر باقي الخلايا بأنّ عليها الموت الآن. يزعم العلماء بأننا نستطيع أن نعدّل هذه البرمجة وأن نخبر الخلايا بالانتظار قليلاً وضغط المكابح !!!
تمّ اقتراح آلية تأخير الموت الدماغي بالاستفادة من بعض الحالات السابقة التي اقتربت من الموت، واستطاع العلماء إنعاشها بعد ساعات من السكون القلبي والدماغي !
مفتاح هذه الآلية هو "خفض الحرارة hypothermia"، بحيث يتم خفض حرارة الجسم المركزية عدة درجات عن الدرجة الطبيعية (التي تساوي درجة 37 مئوية، او 98.6 فهرنهايت) .
كم من الوقت يستطيع الإنسان أن يبقى بدون نبض؟
أظهرت الدراسات أن خفض الحرارة يمكنها أن تحمي الدماغ من نقص الأكسجين وتأخير التموّت الخلوي، ولكن هناك حدود لكل شيء، فهناك لحظة يصبح الأذى الدماغي كبيراً جداً وليس هناك سبيل للعودة .
كما أظهرت النتائج أنّ عملية الإنعاش (إعادة تشغيل أو إحياء القلب) تعتمد بشكل أساسي على العناية بالمريض بعد الإنعاش، وعلى كيفيّة إعادة تدفئة الجسم بعد أن خفضت حرارته. ويلعب الأكسجين أيضاً عاملاً مهمّاً في عملية الإنعاش، بحيث أنّ التدفق الزائد للأكسجين بعدها قد يؤثر بشكل كبير على الأنسجة، عن طريق تكون الراديكالات الحرة (حالة كيميائية للأكسجين عندما تزداد كميته يصبح فيها ضارا للأنسجة).
في السنوات القليلة الأخيرة، زوّدتنا الدراسات بدليل يثبت أنّ خفض حرارة الجسم تحسّن من فرصة بقاء المريض وتعافيه بعد إعادة التروية الدموية له، وبهذا نصحت الجمعية الأمريكية لأمراض القلب. ولكن ما نخشى منه هو عدم القيام بالخطوات التالية للإنعاش كما يجب، وتقترح الحالة المثالية أن يجري ذلك باستخدام آلات عوضاً عن البشر للقيام بالإنعاش القلبي للمريض، وكذلك لضمان وصول الكميات الصحيحة من الأوكسجين والدم إلى الدماغ دون زيادة أو نقصان.
ومع ظهور معنى جديد للموت يظهر معه سؤال أخلاقي جديد !
الحكمة المعتادة في العيادة الطبية هي "أن لاتحيي شخص يعاني من أذيّة دماغية كبيرة بحيث أنه سينجو ويدخل بغيبوبة غير منتهية". محاولة إحياء شخص بعد عدة ساعات ستفرض نسبة خطر أكبر بحدوث أذية دماغية ، وبذلك يظهر سؤال أخلاقي كبير أمام الأطباء !
هل يجب أن يعمل الأطباء على إحياء (بمعنى إنعاش) المرضى بجميع الوسائل، حتى لو فرض ذلك احتمال عيش الإنسان اصطناعياً في غيبوبة أو مع أذية دماغية تعيقه؟
شاركونا برأيكم على هذه المعضلة الأخلاقية ، وهل الرغبة باستعادة من نحب قد تجعلنا نخاطر بسعادته وسلامته العقلية ؟
المصدر : هنا