التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
هل من الآمن ممارسة الجنس أثناء الطمث؟
يحاول الكثيرُ من الأزواجِ تجنبَ الجماعِ خلالَ فترةِ الطمث (النزف) من الدورة الشهرية، إذ أنَّ وجودَ دم الطمث يُضفي الشكَّ و عدمَ الراحة أثناء ممارسة الجنس، بينما يتابع آخرون الحياةَ الجنسيةَ بشكلِ طبيعي دون أن يراودهم شكّ باحتمال وجود ضرر. فهل حقاً تمثّل الدورةُ الشهرية عائقاً أمام ممارسة الجنس؟ وما هي مساوئُ ومنافع ممارسة الجنس خلال فترة الطمث؟
إنّ فترةَ الطمث (النزف) من الدورةِ الشهرية لا تعدُّ سبباً يدفع الأزواج لتجنّبِ ممارسة الجنس خلالَها بل على العكس تماماً، تجدُ بعضُ النساء ممارسةَ الجنس خلالَ الطمث أكثرَ (متعة) منه في باقي فتراتِ الدورةِ الشهرية بسبب التغيراتِ الهرمونية التي تحدث خلالَه، كما قد تختبر المرأة شعوراً بازدياد الاحتقانِ في منطقة الحوض مما يكثّف الدافعَ الجنسي الخاصَ بها. بالمقابل، قد يكون هذا الإحساس الزائد مزعجاً لدى نساءٍ أخريات وسبباً لتجنّب الجماع خلالَ الطمث.
تسودُ بعضُ الاعتقادات التي تقول بأنَّ الجماعَ خلالَ الطمث يزيد من حجمِ الدمِ المطروحِ وبالتالي خسارة جسم المرأة لكمّياتٍ أكبرَ من الدم. لكنّ هذا الادّعاء غيرَ صحيح؛ فكميةُ الدم والأنسجةُ المخاطية المطروحة تنتجُ عن تخرّبِ بِطانة الرحمِ التي تمَ تشكيلها مسبقاً، أي خلالَ الأسابيع التي تسبق فترة الطمث من الدورة الشهرية. ما يحدث في الحقيقةِ هو أن الجماعَ يسرّع من قدرة الجسم على التخلّص من مفرزاتِ الطمث نظراً للتقلّصات التي يُحدثها الرحمُ خلال ذروة النشوةِ الجنسية، وبالتالي يقلّل من فترة النزف ما ينعكس إيجاباً على صحةِ المرأة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجماع في فترة الطمث أن يكونَ مفيداً في تسكينِ بعض الأعراض التي قد تعاني منها المرأة خلالَه - كالتشنجات العضلية، والحزن، والاكتئاب وغيرِها. إذ يحدثُ خلالَ ذروةِ النشوةِ الجنسية إفرازُ الإندروفينات (هرمونات السعادة) كالأكسيتوسين Oxytocin والدوبامين Dopamine المعروفة بدورٍها في تحسينٍ الحالة النفسية وتعديل المزاج إيجابياً. كما يمكن القول بأنّ المفرزاتِ المهبليةَ خلالَ الطمث تعمل كـ(نظام تزييت) يسهّلُ الجماعَ بين الزوجين.
من المعروف أنّ الجماعَ خلالَ الطمث لا يؤدّي إلى حدوث الحمل، ذلك لأن المرأة تكون على بعد عدّة أيام من الإباضة. لكن لا يمكن نفيُ بعضَ الاستثناءات؛ عند النساء اللواتي يمتلكن دورةً شهريةً قصيرة (بين الـ 21 إلى 24 يوم)، في هذه الحالة وإذا تمّ الجماعُ في الأيامِ الأخيرة من فترة الطمث فإن حدوث الإلقاح - وبالتالي الحمل - بكون ممكناً بسببِ قدرة النطاف على البقاء قابلةً للحياة في المهبل لمدة تصلُ حتّى سبعةِ أيام. أياً يكن، لا تعتبرُ فترةُ الطمث الوقتَ الأمثل لحدوث الإلقاح.
تزدادُ خلالَ فترة الطمث نسبةَ إصابة النساء بالأمراض المُعدية عموماً، وبالتالي يرتفعُ خطرُ الإصابة بالأمراض المنتقلة عن طريق الجنس Sexually Transmitted Diseases (STDs). يعود ذلك إلى تغيراتِ حموضةِ الوسط المهبلي، ففي الحالة الطبيعية (خارج فترة الطمث) تكونُ درجةُ الحموضة pH ما بينَ 3.5 و 4.5 وهو وسطٌ مثاليٌ لنموّ الجراثيم النافعةِ وغيرُ ملائمٍ لنموّ الجراثيم الضارّة. أمّا خلالَ فترة الطمث، ونظراً لوجود الدم ذي درجة الحموضة pH التي تساوي 7.4، فإنَّ درجةَ حموضة المهبل سترتفع سانحةً الفرصة أمامَ الجراثيمِ الضارّة والخمائرِ بالتكاثرِ والنموِ على حساب الجراثيم النافعة وهو ما يزيد خطرَ انتقال الأمراض المُعدية. بناءً على ذلك، لايزالُ من الضروري ممارسةَ الجنس الآمن – باستخدام الواقي الذكري مثلاً - أثناءَ فترة الطمث كغيرِها من الأوقات.
من الجديرِ بالذكر أيضاً أن دمَ الطمث قد يكون ملوثاً - بحدّ ذاته - بنوعٍ ما من الجراثيم أو الفيروسات التي قد تكون المرأة مصابةً بها (كفيروس الإيدز HIV) مؤهّباً الفرصة لانتقال العدوى للرجلِ أثناء الجماع.
تظلُّ ممارسةُ الجنس جزءاً طبيعياً من حياة الإنسان، لذلك من الضرورة والواجب الإحاطة بكلّ ما يتعلّق بهذه الممارسة من فوائدَ وأخطار. ويبقى الأهمّ في الحياة الجنسية بين أي زوجين رضا الزوجين بها واتّباعهما وسائل الوقاية الملائمة سواءً خلالَ فترة الطمث أو خارجها.
اعداد: ابراهيم واكيم
المصادر: