الطب > متلازمات طبية
53- متلازمة انتقال الدم الجنيني-الجنيني
يواجه الحمل بأجنة متعدِّدة مخاطرَ كثيرة قد تكون مهددة لمحصول الحمل وربما للأم أيضاً ومن هذه المخاطر متلازمة انتقال الدم الجنيني-الجنيني وفيها يحصل أحد أجنة الحمل المتعدد على حصة الأجنة الأخرى من الوارد الدموي.
في هذا المقال نتعرف أكثر على هذه المتلازمة وأسبابها وطرق تدبيرها.
الآلية الامراضية:
مُتلازمةُ انتقال الدَّم بين التوائم (TTTS) أو ما يعرف بانتقال الدم الجنيني- الجنيني (FFTS) حالةٌ نادرة تحصلُ عندما يتحوَّلُ الوارِدُ الدَّمويُّ من أحدِ التَوءَمينِ نحو التوءم الآخر عبر المشيمة المشتركة بينهما، حيث يتطلب حدوث هذه الحالة كما هو واضح أن يشتركا بمشيمة واحدة، أي أن يكون التوءمان متطابقَين وأحاديي الزيغوت (من بويضة واحدة ) وتمثل حالة جدية في 10-20% من حالات الحمل أحادي الزيغوتِ.
يُدعى الجنينُ الذي يَخسرُ الواردَ الدَّمويَّ لِصالِح الجنينِ الآخر بالتوءمِ المُعطي والجنين الذي يتلقَّى الواردَ الدّمويَّ بالتوءمِ المتلقي.
تتفاوتُ شدَّة الاضطراباتِ تبعاً لكميَّةِ الدَّم التي تحوَّلت مِن أحدهما إلى الآخر. إذ يؤدَّي هذا التَّحولُ إلى نقصانِ كميَّةٍ كبيرةٍ من دمِ التوءمِ المُعطي وزيادةِ كميَّةٍ كبيرةٍ مِنَ الدّمِ لدى التوءمِ المُتلقي.
يوجد نمطانِ للمتلازمة:
• النَّمط الحاد (acute TTTS): يَحدث بِسرعَةٍ ولاسيَّما بَعد الأسبوع30 من الحَمل دونَ علاماتِ إنذارٍ مُسبَقَة كثيرةٍ. كَما يُمكن أن تظهر المتلازمةُ خلالَ المَخاض في الولادَةِ الطبيعيَّة أو بَعدَ ربطِ (إغلاق ) الحَبلِ السريِّ لأَحد التوءمين.
• النّمط المُزمن (chronic TTTS):هوَ النَّمط الأَكثر شيوعاً ويحدُث مع الزمن أثناءَ الحمل مُترافقاً بِعلامات مُميَّزةٍ تَظهرُعلى الفَحص بالأمواجِ فوق الصوتيَّة (الإيكوغرافي ) أو بأعراض قد تستطيع الحاملُ نفسُها الإحساسَ بها وغالباً ما تُشخَّصُ هذه الحَالاتُ في الفَترةِ مِنَ الأسبوعِ الخامسَ عشَرَ وحتَّى الأسبوعِ الحملي العشرين. تبقى الحُمولُ التوءميةُ وَحيدةُ المَشيمةِ (المشيمةُ المُشتركةُ بينَ التوءمينِ) في خَطرٍ دائم بِحدوثِ هذه المُتلازمة في أي وقت أثناء الحمل.
التظاهرات السريرية:
يُولَدُ التوءمُ المُعطي في مُعظمِ الحالاتِ أصغرَ مِنَ التوءمِ المُتلقي وغالباً مًا يُعاني مِن فقرِ دمٍ وتَجفافٍ وَيبدو بمظهرٍ شاحِب.
أَمَّا التَوءمُ المُتلقي فًيولًدُ بِحجمٍ أكبرَ ويتميَّزُ بِبشرةٍ مُحمرَّةٍ مع كميَّة كبيرةٍ من الدَّم وضغطٍ دمويٍّ مُرتفع. قَد يتطوَّر لدى التوءمِ المُتلقي قُصورٌ قلبيٌّ نَتيجة تحوُّل كميَّة كبيرةٍ من الدَّم إليه والارتفاعِ الكبيرِ في ضغطهِ الدموي، مما يتطلب معالجات خاصة في بعض الحالات لتقوية القلب.
عندما تتطوَّرُ المتلازمةُ أثناءَ الحملِ، قد تُعاني الأمُّ ممَّا يُعرفُ بمتلازمة المرآة الأموميَّة (maternal mirror syndrome) وهي متلازمةٌ قليلة الحدوث ولكنَّها خَطيرة وتتظاهَرُ بأعراضَ تُحاكي تلكَ الَّتي يُعاني منها الجنينُ المتلقي ضمنَ الرَّحم والَّذي يمتلكُ نشاطاً قلبيَّاً وعائيَّاً مُضطرباً وتَشمُل هذه الأعراض:
• الوذماتِ أو التورُّمَ الشديد.
• الإقياء.
• ارتفاعَ ضغط الدَّم.
• بيلةَ البروتين (وجود البروتين في البول).
• هنا لابد لنا من أن نشيرَ بأن هذه المتلازمة ليست حكراً على هذه الحالة الطبية بل إنها قد تكون مترافقةً مع التمنيعِ الإسوي بالريزوس والإنتاناتِ الفيروسية والتشوهاتِ الجنينية وكذلك الأورام المشيمية والجنينية.
يَخضعُ التوائمُ المولودونَ بِهذهِ المُتلازمةِ بَعدَ الولادةِ إلى فحوصاتٍ عديدة، وهي:
• اختباراتُ تخثُّر الدَّم وتتضمَّن زمنَ البروترومبين(PT) وزمَنَ الترومبوبلاستين الجزئي (PTT).
• فُحوصاتٌ استقلابيةٌ شاملةٌ لتقصِّي اضطراباتِ توازنِ الشَّوارد.
• تعدادُ دمٍ كامِل.
• صورةٌ شعاعيَّة للصدر.
العلاج:
قد يتطلَّب العِلاج أثناءَ الحمل بزلاً (سحباً) مُتكرِّراً للسُلى (السائل الأمنيوسي) وَيمكنُ أن تشملَ الإجراءاتُ جِراحَةً جنينيَّة ليزريَّةُ لإيقافِ تدفُّقِ الدَّمِ من توأم إلى آخر.
يَعتمدُ نوعُ العِلاجِ بعدَ الولادَةِ على شدَّة الأعراضِ لدى المولودَينِ. وربَّما يحتاجُ التوءمُ المُعطي إجراءَ نَقلِ دَمٍ لتدبيرِ فَقرِ الدَّمِ لديه.
أمَّا التوءمُ المتلقي قَد يحتاجُ إلى إنقاصِ كميَّة السَّوائل المَوجودَة في جِسمه ورُبَّما تظهرُ الحاجَةُ إلى إجراءِ نقلٍ تبديلي بالإضافَةِ إلى إعطائه أدويَةٍ لتقويَةِ الوَظيفَةِ القلبيَّة وحمايَتِه من الإصابَةِ بالقصورِ القلبيِّ.
تطوُّرُ المَرضِ وتأثيره على الحمل:
في الحالاتِ المُعتدلةِ مِنَ المُتلازِمةِ رُبَّما تَسيرُ الحالةُ نحوَ الشِّفاءِ التَّام لكلا التوءمين. أمَّا في الحالاتِ الشديدةِ فقد يموتُ أحدُهُما.
غالباً ما يقولُ الأطبَّاء أَنَّ فقدانَ أحدِ الأجنَّة سيقودُ إلى فقدانِ الآخر ولكنَّ هذا لا يحدثُ إلَّا في ما يقرب من ثلثِ الحالاتِ. إذ تُكمل الأجنَّةُ الباقيَةُ الحَملَ في الحالات الباقية ولاسيَّما إذا كانَ فقدانُ أحدها قَبلَ الأسبوع 30 من الحمل، ويمكن مراقبةُ وتقييم حالة الجنين الآخر الصحية داخلَ الرحم في هذه الحابة بعدة وسائل.
ويشير البعض إلى أنه مِنَ الأفضلِ إكمالُ الحمل عندَ فقدانِ أحدِ الأجنَّة لِتجنُّبِ مَشاكلِ الولادةِ المبكِّرة لدى الجنين الحي.
هل الوقاية من المتلازمة ممكنة؟
تَنشأُ الحَوادِثُ البدئيَّة المُتعلِّقة بِمتلازِمَةِ نَقلِ الدم الجنينيِّ قبلَ أن تُدركَ المرأة حُدوثَ الحملِ، وهذا يَعني استحالَةَ وجودِ وِقايَةٍ بدئيَّة للمتلازمة. كما أنَّها غيرُ موروثةٍ أو مُتعلِّقةٍ بالجينات.
هذا وأظهرَ بحثٌ في جامعةِ بيتسبورغ بإشرافِ الدكتور(De Lia) اعتمدَ دراسةَ أثَرِ سوءِ التغذيةِ لدى الحوامِل على معدَّلاتِ الإصابَةِ بالمتلازمةِ، فَوجدوا أنَّ إخضاعَ الحوامِلِ إلى نِظامٍ غذائيٍّ علاجي مشددٍ في المراحِلِ المبكرة من الحَملِ قلَّلَ مِن عَدَدِ وشِدَّة الإصاباتِ بالمتلازمةِ مُقارَنَةً مع نِسبِ الإصابَة لدى الحواملِ الغيرِ خاضعاتٍ للعلاج.
المصادر: