الفيزياء والفلك > علم الفلك
ما الّذي تَعرِفُهُ عن المُستعرات Nova والمُستعراتِ العُظمى Supernova؟
كثيراً ما نجد ونقرأ المصطلح "مستعرٌ أعظم" أو باللغة اللاتينية Supernova وفي أحيانٍ أُخرى المصطلح "مستعر" أو باللغة اللاتينية Nova، فماذا يعني " المستعر" ؟ وماذا يعني " المُستعرٌ الأعظم " ؟ وما الفرق بينهما؟
مهما كانت طبيعة النجم أو نوعه فإن حياته تنتهي بشكلٍ أو بآخر مع انتهاء الوقود الّذي يُغذيه. وفي حال كانت كتلة النجم نحو 8 أضعاف كتلة الشمس أو أقل (يُدعى صغير، إلى متوسط الكتلة) فإنهُ يصبِحُ في نهايةِ حياتهِ قزمًا أبيض، كما هو الحال مع شمسنا. القزم الأبيض هو النواة الكربونية المتبقية من النجم يحيطُ بها بعض الغاز. لماذا نتحدث عن الأقزام البيضاء عوضًا عن المستعرات؟ حسنًا، لأن الأقزام البيضاء تلعَبُ دورًا أساسيًا في حدوث المُستعرات، إذ يحصُلُ الاستعار في الانظمة النجمية الثنائية الّتي يدور فيها قزمٌ أبيض و نجمٌ آخر حول بعضهما البعض. فما هو الاستعارNova؟
الاستعار هو انفجارٌ يحصلُ على سطح القزم الأبيض في هذه المنظومة الثنائية. يحُدثُ هذا الانفجار عندما يقوم القزم الأبيض بسرقة الغاز من النجمِ المُرافق له. وعندما يجمعُ القزمُ الأبيض ما يكفي من الغازات على سطحه، يحدثُ اشتعالٌ بسيطٌ بين ذرّات الغاز ممّا يسبّبُ حدوث انفجارٍ على سطح النّجم فيزدادُ لمعان النّجم حتّى ملايين المرّات عن المعتاد لفترةٍ قصيرةٍ من الزمن. ويستمرُّ اللمعان مع استمرار سرقة ذرّات الغاز من النّجم المرافق فتنشأ توهّجاتٌ (مستعرات) عبر فتراتٍ زمنيّة مُنتظمة.
أما المُستَعِرُ الأعظم Supernova، فيُمكنك أن تتخيّل أنهُ مُستعِرٌ Nova تحت تأثير المُنشِطات. إنهُ انفجارٌ نجميٌّ عنيف، يمكن أن يُضيء بشدّةٍ تفوق شدّة بلايين النّجوم في المجرّة بكاملها.
ويحدُث الاستعارُ الأعظم بإحدى طريقتين، أولاهما تدعى: المستعر الأعظم من النّوع الأوّل Supernova Type I وذلك في المنظومات الثّنائيّة عندما يقوم القزم الأبيض "بسرقةِ" كميةٍ كبيرةٍ جدًا من غازاتٍ النّجم المرافق، الامر الّذي يؤدي إلى سلسلةٌ من الانفجارات النوويّة الحراريّة الّتي تُدَمِرُ النّجم بِأكمله دون أن تترك أي شيء.
أما الطّريقة الثّانية وتدعى: المستعرَ الأعظمَ من النّوع الثّاني Supernova Type II؛ ويحصلُ عندما يصل نجمٌ كبيرُ الكتلة (8 اضعاف كتلة الشمس أو اكثر) إلى نهاية حياته؛ أي عند نفاد الوقود النّوويّ من نواة النّجم ممّا يُسبّبُ تغلّب قوّة الجاذبيّة على القوّة الدّافعة النّاتجة عن الانفجارات النوويّة فيتهاوى النّجم على نفسه وتنتهي حياته باستعارٍ أعظم.
ولكن، هل للمستعرات العظمى أنواعٌ أخرى؟
إنّ مصطلحي المستعر الأعظم من النّوع الأوّل ومن النّوع الثّاني هما مصطلحان عامّان، فأنواع المستعرات العُظمى الأخرى تندرجُ تحت المصطلحين آنفي الذّكرِ ولكن بتفاصيلَ أدقّ عمّا يحصل. فعلى سبيل المثال، المستعرُ الأعظم من النّوع الأوّل ينقسمُ إلى ثلاثة أقسامٍ هي Ia و Ib و Ic.
فالنّوع Ia أُعطي للمستعرات العُظمى الّتي أظهرت عنصر السّيليكون (ذا الطّول الموجيّ 6355Å للطّيف)*. أمّا تلك التي لم تُظهر عنصر السيليكون ولكنّها أظهرت عنصر الهيليوم (ذا الطّول الموجيّ 5876Å للطّيف) فهي من النمط Ib ، أمّا الّتي لم تُظهر أيّا من العنصرين السّابقين فهي من النّمط Ic.
إنّ المستعرات العُظمى من النّمط الثّاني متنوّعةٌ أيضاً؛ فهي تُصنّف حسب دقّة خطوط الطّيف النّاتجة عنها. ففي حال كانت خطوطاً دقيقة فإنّها تُدعى (SNII-n) ، وفي حال أظهر الانفجار تقوّساً فيُدعى(SNII-P) و إذا ما أظهر الانفجار تراجعاً خطيّاً فيُسمّى(SNII-L).
دورُ المُستعراتِ العُظمى في قياس المسافات في الفضاء:
لِحسابِ المَسافاتِ في الفضاء، يَستَخدِمُ الفَلكيون " الشموع القياسية ". الشموع القياسية هي أجرامٌ فضائية تُعطي قَدرًا مُعينًا ومُحدَدًا من الضوء. ولأن عُلماءَ الفَلك يَعرفون مقدار سطوع هذه الأجرام الحقيقي، فإنهم يستطيعون قياس المسافة بيننا وبين هذه الأجرام من خلال دراسة الفرق بين كمية الضوء الّتي تصلُنا منها وكمية الضوء الحقيقية الّتي تُصدرها هذه الشموع القياسية.
على سبيل المثال ،لنفترض بأنك كنت واقفًا في الشارِع بجانب عامودِ الإنارة. فإنهُ وفقًا للصيغة المعروفة باسم قانون التربيع العكسي، فإن عامود الإنارةِ التالي سيبدو رُبع مُشرقٍ مقارنةً مع عامود الإنارة الّذي تقفُ أنت بمحاذاته، وسوف يبدو عامود الإنارةِ الثالث مُشرِقًا بمقدارِ التُسعِ نسبةً للعامود الأول، وهلُمَ جَرا. وبتقدير مدى بُهتان أو خفوت الضوء، يُمكِنُكَ بسهولةٍ تَخمينُ مدى بُعدِ مصابيح الإنارة عنك.
لحساب المسافاتِ القصيرة في الفضاء - داخل مجرتنا أو في مجرةٍ قريبة - يَعتمدُ عُلماءُ الفَلكِ على نوع من النجوم يُدعى النجوم القيافية المتغيرة Cepheid variable لاستخدامها كشموعٍ قياسيّة. تستطعُ هذه النجوم بشكلٍ نبضات يَفصِلها وقتٌ محدد. ومن خلال مُراقبة نبضِ هذه النجوم، يُمكِنُ للفلكيين حِسابُ السطوع الفعلي لهذهِ النجوم وبالتالي معرفة المسافةِ الّتي تفصلنا عنها من خلال مقارنة السطوع الفعلي بالسطوع الظاهري الّذي نراه من كوكبنا.
أما بالنسبة للنجوم القيافية الّتي تقعُ خارجَ مجموعتنا المحليّة فلا يُمكنُ للتلسكوبات أن تراها بشكلٍ واضحٍ منفصل عن النجوم الأخرى. وبالتالي فإنه لقياسَ المَسافاتِ إلى المجرات البعيدة، يحتاجُ الفلكييون إلى أجسامٍ لامِعةٍ بشكلٍ لا يُصدّق حتى نستطيعَ رؤيتها ودراسة لمعانها الحقيقي والظاهري. لذلك يلجأُ عُلماءُ الفَلَك إلى المُستعراتِ العُظمى Supernovae التي تصّنفُ من بينِ ألمعِ الأحداثِ في السماء. وفي الواقع، يُمكننا أن نرى في بعض الأحيان مُستعِرًا أعظمًا يحُدثُ حتى لو كنا لا نستطيع أن نرى المَجرةَ المُضيفة له.
ولتحديد المسافات البعيدة يعتمِدُ الفلكيون على المُستعرات العُظمى من النمط الأول Ia supernovae. ولأنَ سِلسِلةَ التفاعلات النووية الّتي تؤدي لحدوث المُستعر الأعظمي تَحدُثُ دائما بِنفسِ الطريقة، وتُطبق على نفس الكتلة (كتلة القزم الابيض)، فإن سطوعَ هذهِ المُستعرات العُظمى من النمط الأول هو أيضًا نَفسُهُ دائمًا. لذلك، لإيجاد المسافة إلى المجرة الذي تحتوي مُستعرًا أعظميًا، يقوم العُلماءُ فقط بمُقارنةِ مَدى السطوعِ الفعليّ لهذا المُستعِر مع السطوعِ الظاهريّ الّذي نراه. وباستخدام قانون التربيع العكسي، فإنهُ يُمكن حِسابُ المَسافةِ إلى هذا المُستعر الأعظمي، وبالتالي المسافة إلى المجرة المُضيفةِ لهُ.
المصادر: