المنتجات العضوية الأكثر شهرة.. الخضار والفاكهة والحبوب

استمع على ساوندكلاود 🎧

شهِد قطَّاع إنتاجِ الأغذية العضوية organic food نموَّاً مضطرداً منذ العام 1990 سواءً في الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعدّ واحدةً من الأسواق الرائدةِ في هذا المجال أو في العالم أجمع. ولا يخفَ على أحدٍ دورُ الزراعةِ العضوية في الحفاظ على البيئة من جهةِ تقليلِ التلوّث بالمبيدات، والمحافظةِ على التنوع الحيوي، وحمايةِ التربة من التعرية نتيجةَ الحتّ الريحي والمائي، وتقليلِ انبعاثات الغازات الضّارة.

أما من ناحية الاستهلاك البشري، فيُلاحظ أيضاً ازديادٌ كبيرٌ في طلب المستهلكين على البضائع الُمنتَجة بطرائقَ عضوية، خاصّةً وأنَّ الكثيرين مقتنعون بأنها صحيّةٌ أكثرَ من المنتجات التقليدية conventional food، وأطيبُ طعماً، فضْلاً عن دورها في المحافظة على البيئة.

وبعد أن قامَ العلماءُ حول العالم بإجراءِ عدّة دراسات لتقصّي الحقيقة وراء الفروقات الموجودة بين الأغذية النباتية المُنْتَجة بالطرائق التقليدية والعضوية، انقسمت الآراء حولها، فمنهم مَن وجد اختلافاتٍ معنويةً في تراكيزِ بعض المغذيّات الأساسية، ومنهم من لم يجدْ تأثيراً يُذكر على المنتج النهائي. وفيما يلي تلخيصٌ لبعضِ ما توصّل إليه الباحثون في هذا المجال من حيثُ المحتوى الغذائي للمحاصيل والمنتجات النباتية العضوية، ومواصفاتها الحسيّة، وسلامتها على الجسم.

في تحليل تلّويّ Meta-analysis لـ343 دراسةٍ محكّمةٍ وجد الباحثون اختلافاتٍ جوهريّةً في تركيب المحاصيل العضوية والتقليدية، وتجلّت هذه الاختلافات بشكل خاص في تراكيز المواد المضادة للأكسدة، وأهمها البوليفينولات، إذ وجد أن تراكيزَ الأحماضِ الفينولية Phenolic acids، والفلافانون Flavanones، والفلافون Flavones، والفلافونول Flavonols، والأنثوسيانينات Anthocyanins كانت أعلى في المحاصيل العضوية بنسبة 19 و69 و26 و50 و51% مقارنةً بطرائق الإنتاج التقليدية، وهي نتائجٌ واعدةٌ خاصةً وأنَّ هذه المركبات شديدةَ الأهمية في تقليل مخاطر الأمراض المزمنة، بما في ذلك صحة القلب والأوعية الدموية والأمراض التدهورية العصبية وبعض السرطانات. كما لُوحظ وجود اختلافات معنويةٍ في نسب العناصر المعدنية والفيتامينات.

من جهةٍ أخرى، وُجد أنَّ بقايا المبيدات الحشرية كانت أعلى في المحاصيل التقليدية منها في المحاصيل العضوية بأربعة أضعاف، والتي تمتلك تأثيراتٍ سلبيةً على الصحة نظراً لاحتوائها على مركّباتٍ سامةٍ وعناصرَ ثقيلةٍ أهمُّها عنصر الكادميوم Cadmium. وقد ارتبطت هذه النتائجُ بالممارسات الجيدة التي تترافق بأساليب الزراعة العضوية وخاصّةً من حيث منع استعمال الأسمدة النتروجينية والفوسفورية، حيث أنَّ ارتفاع تركيز النتروجين في التربة يحفّز إنتاج المركّبات الحاوية على النتروجين على حساب المواد الحاوية على الكربون والتي تعتبر البوليفينولات أهمَّها على الإطلاق.

كما أشارت أدلةُ قليلةٌ أخرى إلى وجود اختلافات في تراكيز حمض الأسكوربيك (الفيتامين C) في الخضار الورقية والبطاطا المزروعة بالطرائق العضوية. كما لُوحظ وجود ميلٍ لانخفاض تراكيز البروتين مع المحافظة على القيمة الحيوية المرتفعة في بعض محاصيل الخضار والحبوب.

وفي دراسةٍ أخرى تمكن العلماءُ من إحصاء أكثرَ من 900 مقارنةً بين المُغذِّيات الصغرى من خلال مراجعة 33 بحثاً علمياً منشوراً، وقد تطابقت نتائجها مع ما ذكرناه سابقاً حول ارتفاعِ تراكيز هذه المغذّيات الصغرى في المحاصيل العضوية بنسبة تقارب الـ 6% عن نظيراتها في المحاصيل التقليدية. ولكنَّ الأبحاثَ التي أجريت لم تبدِ اهتماماً واضحاً بالمغذيات الأخرى ومدى توافرها الحيوي للجسم.

وعن أسباب ارتفاعِ تراكيز المواد المضادة للأكسدة في المحاصيل العضوية، فهنالك نظريةٌ تقول بأنَّ النباتَ يزيد إنتاجَه من هذه المركبات كآليةٍ دفاعية ضد مهاجمة الحشرات والفطريات. وبما أن الزراعة العضوية تحظّر استخدام المبيدات الكيميائية الصناعية فإن ذلك يعمل على تحفيز النبات ودفعِه نحو إنتاج مزيدٍ من هذه المركبات.

أمَّا عن مقارنةِ الطعم بين المحاصيل العضوية والتقليدية، فقد لُوحظَ أن النتائج لم تكنْ كافيةً أو حاسمة. كما لوحظَ أن المحاصيلَ المزروعةَ بالطرائق العضوية والتقليدية لم تختلف عن بعضهما في احتمال الإصابة بالممرضات والأحياء الدقيقة التي تصيب المزروعات قبل الاستهلاك البشريّ.

أخيراً، فإنه وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأنَّ هذه المنتجاتِ أكثرُ ملائمةً للصحة، إلا أن الأبحاثَ لم تتمكن من حسمِ الموضوع بشكلٍ نهائي، وقد يعود السبب في ذلك إلى غياب الاهتمام بإجراء تجاربَ حيويةٍ على الحيوانات المخبرية والذي من شأنه أن يلقيَ الضوءَ على الدور الحقيقي لهذه المركبات في الجسم، ومن ثمّ الانتقال إلى مرحلة إجراء التجارب على الإنسان والتحقق من تأثيرات هذه المنتجات على الصحة على المدى الطويل، فضلاً عن ضرورة التطرّق إلى دراسةِ المغذيّات الأخرى ومعرفة تأثير أساليب الزراعة العضوية عليها وانعكاساتها على الصحة.

وبشكلٍ عام، وبحسب ما توصّلت إليه الأبحاث حتى اليوم، يمكننا القول بأنَّ أيَّ نظامٍ غذائيّ صحيّ هو الحلّ لحياةٍ سليمة، والطريق الوحيد للوقاية من الأمراض المزمنة، سواءً كان ما نتناوله منتجاً بطرائقَ عضوية أم تقليدية.

................................

للمزيد حول الأغذية العضوية يمكنكم قراءة مقالاتنا التالية:

مقدمة عن الأغذية العضوية.. ماذا يقول مؤيّدوها؟: هنا

الحليب العضويِّ أم الحليب التقليدي؟ بين الحقيقة والشَّائعات: هنا

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا

5. هنا

6. هنا

7. هنا