الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
قياس الروائح بات أمراً ممكناً
عادةً ما يتم الاعتماد على الأنف البشري لشم الروائح وتمييزها، لكن للمرة الأولى وفي تعاونٍ بين قسم الهندسة في جامعة آرهوس الدنماركية وشركةSEGES للأعمال الزراعية والصناعات الغذائية؛ تَمكن العلماءُ من تطوير نموذجٍ جيد قادرٍ على قياس الروائح المنبعثة من مزارع الخنازير، وذلك عن طريقِ قياساتٍ دقيقةٍ لمكونات تلك الروائح المنبعثة في الجو باستخدام تقنية PTR-MS التحليلية*.
تُسبب رائحةُ حظائر الخنازير إزعاجاً كبيراً للجوار، وغالباً ما تقف تلك الرائحة الكريهة عائقاً أمام توسيع المربين لقطعانهم وزيادة عددها. يمكن إنشاء مزارع الخنازير في مناطقَ بعيدةٍ عن العمران أو استخدامَ تقنياتٍ تُخفف من الروائح، مثلَ بناءِ تلك المزارع وِفقَ تصاميمَ خاصة أو استخدامَ فلاترً لتنقية الهواء، ومع هذا وذاك، تبقى الحاجة لطريقةِ قياسٍ موثوقةٍ للروائح ضرورية، من أجل معرفةِ ما إذا كان الحلّ الذي سيتم اعتماده لمعالجة مشكلة الرائحة مجدياً أم لا.
المقارنة بين الأنف البشري والقياساتِ التحليلية فيما يتعلق بالإحساس بالروائح:
يتمّ قياس الروائح باستخدام الأنف البشري بجَعْلِ الناس يشمون الهواءَ في بيئةٍ مُتَحَكَّمٍ بها، بينما تعتمد الطريقة التحليلية في قياس الروائح على تحليل الهواء لتحديد المكونات الموجودة فيه والمسؤولةِ عن الروائح المزعجة. لكلٍّ من هاتين الطريقتين سلبياتٌ وإيجابيات، لكنَّ الطريقةَ الأمثلَ للاستخدام يجب أنْ تكونَ قادرةً على تحديد العلاقة بين الرائحة كما يُحِسُّها الأنف البشري والواقع، وذلك بقياس مقاديرِ مكوناتٍ محددةٍ في الهواء. وسيكون من الأفضل لو تَمكنّا من إجراء التحاليلِ المطلوبة في الموقع (أي قرب مصدر الرائحة)؛ وبذلك سنتجنبُ عناءَ حملِ أكياس الهواء إلى المختبر والمخاطرةَ بفقدان بعض مكونات الهواء مما سيؤدي بنا إلى الحصول على نتائجَ خاطئة. تتيح التقنية الجديدة المزمع استخدامها محاكاة الحساسية العالية لاستجابة الأنف البشري للروائح المختلفة بالاعتماد على التحليل الكيميائي عالي الدقة للروائح.
هل ستمكن التقنيةٌ من استبدالِ الأنف البشري:
هدفت هذه الدراسة إلى تطوير نموذجٍ حقلي قادرٍ على قياس تراكيز الروائح في الموقع، كما تَطَلَّع العلماء إلى تحديدِ الكثيرِ من مكوناتِ الهواء لتقييم انبعاثِ الرائحة من حظائر الخنازير، بالإضافة إلى تأثير التقنيات المختلفة المستخدَمة لتخفيف مشاكلِ الروائح المزعجة. قام الباحثون بقياس الروائح في 4 مزارعِ خنازير مختلفة، مرةً باستخدام حلول تخفيف الروائح ومرةً بدون استخدامها. لتحقيق هذا الغرض؛ طوّر الباحثون مختبراً جديداً متنقلاً مجهزاً بتقنية PTR-MS سابقة الذكر لقياس الروائح وأولفاكتوميتر (Olfactometer) وهي أداةٌ تُستَخدم لقياس شدة الروائح أو الحساسيةِ للروائح.
تمّ إجراء ما مجموعه 115 قياساً متزامناً للروائح بنوعيه الحسي والمُعتمِد على الكيمياء التحليلية باستخدام المختبر المتنقل، وتم جمع عينات الهواء في أكياس وتحليلها في المخابر المُعتَمَدة بعد 24 ساعة. ثم قُسّمت بيانات الدراسة إلى مجموعة بيانات معايرة تحوي على 94 عينة، ومجموعة أخرى للتحقق تحوي على 21 عينة.
كانت النتائج مشجعةً جداً، حيث كان نموذج التنبؤ المعتمد على القياسات الحقلية باستخدام المختبر المتنقل قادراً على تفسير 74% من التباين في تركيز الرائحة بالاعتماد على محتوى الهواء من المواد، في حين فسرت قياسات الرائحة الناتجة عن تحليل أكياس الهواء نسبةً تتراوح ما بين (46-57)% فقط. أظهر النموذج توافقاً كبيراً بين تراكيز الرائحة المُقاسة والنتيجةِ التي تنبّأ بها النموذج. مع الانتباه إلى ضرورة إضافة الفينولات والإندولات إلى نموذج التنبؤ بالرائحة باعتبارها مكوناتٍ على درجةٍ كبيرةٍ من الأهمية في تكوين الرائحة. يمكن تطبيق النموذج الجديد في قياس الرائحة المنبعثة من حظائر الخنازير وتقييمِ تأثيرات تقنيات تخفيف الروائح المختلفة التي يتم استخدامها عادةً. وعلى عكس الدراسات السابقة؛ فقد تم الدمج ما بين طريقة قياسٍ مُحَسّنَة وقياساتٍ حقليةٍ في الموقع في هذه الدراسة.
هوامش:
(*) تقنية PTR-MS التحليلية: أو /بروتون- نقل- رد فعل الطيف الكتلي/، وهي إحدى طرق الكيمياء التحليلية، تعتمد على شوارد الهيدرونيوم في حالتها الغازية ككواشف لمصدر شوارد المواد المسببة للروائح، تُستخدم لرصد المركبات العضوية الطيارة VOCs في الهواء المحيط. تم تطوير هذه الطريقة عام 1995، وتتكون من مصدر أيوني مرتبط بشكل مباشر مع أنبوب تحويل ونظام تحليل. تُستخدم هذه التقنية في العديد من المجالات مثل الأبحاث البيئية والغذاء والأبحاث البيولوجية والطب... إلخ.
المصدر:
الدراسة الكاملة
Michael J. Hansen, Kristoffer E.N. Jonassen, Mette Marie Løkke, Anders Peter S. Adamsen, Anders Feilberg, Multivariate prediction of odor from pig production based on in-situ measurement of odorants, Atmospheric Environment, Volume 135, June 2016, Pages 50-58, ISSN 1352-2310 هنا