الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
دور المكملات الغذائية في تخفيف نوبات الشقيقة – الريبوفلافين وكوإنزيم Q10
تعرّفنا في مقالٍ سابقٍ على دورِ مكمّلاتِ المغنيزيوم في التخفيفِ من أعراضِ نوباتِ الشّقيقة، وفي ضوءِ انخفاضِ فعاليةِ الكثيرِ من أدويةِ الشقيقةِ في التخفيفِ من هذه الأعراضِ والآلام، فقد كان لا بُدّ من البحثِ عن مزيدٍ من البدائلِ لتحقيقِ هذا الهدف، وهو ما سنتعرّف عليه في مقالِ اليوم حيث نستعرُض معاً دورَ الريبوفلافين أو فيتامين B2، والكوإنزيم Q10 (CoQ10).
أولاً – الريبوفلافين (فيتامين B2):
يلعبُ الفيتامين B2 أو الريبوفلافين دوراً هامّاً في النّمو، وهو عنصرٌ أساسيٌّ في الاستقلابِ الخلويّ. وقد أثبتَت الدراساتُ أنّ مرضى الشقيقةِ يعانون من خللٍ وظيفيّ في الاستقلابِ الخلويّ للطاقةِ في المتقدّرات أو الميتوكوندريا Mitochondria، ممّا يؤدّي إلى انخفاضِ عمليةِ الفسفرة التي يتم فيها تحويل الأدينوزين ثنائي الفوسفاتADP إلى أدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP (وهو يشكّل مصدر الطاقة الأساسي للخلية) فضلاً عمّا ينتج من انخفاض في الأوكسجين في الدماغ. ونظراً لأن الريبوفلافين يزيد من كفاءة إنتاجِ الطاقة في الميتوكوندريا، فقد تبيّن أنّ إعطاء جرعات منه لمرضى الشقيقةِ يمكن أن متلك أثراً واضحاً في الوقاية من النوبات وأعراضِها.
وعلى الرّغم من أن سبب انخفاض مستويات الريبوفلافين لدى مرضى الشقيقة غير واضحٍ حتى الآن، ولكنّ بعض الدراسات أشارت إلى أنّ عقار الأميتريبتيلين Amitriptyline المضاد للاكتئاب، والذي يُوصف عادةً لمرضى الشقيقة، يُسبّب زيادةً في الإطراح الكلوي للريبوفلافين ممّا قد يُفسّر انخفاض مستوياتِه لديهم، وبالتالي فإنّ تزويدَهم به كمكمّل دوائي كفيلٌ بتعويضِ هذا النقص، خاصّةً وأن الآثار الجانبية للريبوفلافين محدودةٌ جداً بسبب طبيعتِه المنحلّة بالماء والتي تسهّل إطراح الفائض منه عبر الكلى، فضلاً عن سعرِه المقبول نسبياً، ممّا يجعلُه خياراً ممتازاً وآمناً للوقاية من نوبات الشقيقة.
أما عن الجرعات، فقد أعطيت مجموعةٌ من المشاركين المصابين بالشقيقة كمية 400 ملغ/اليوم لمدة ثلاثة أشهر للتعرف على مدى تأثر نوبات الشقيقة بالريبوفلافين، وتمت مقارنةُ نتائج هذه المجموعة بمجموعةِ شاهد أعطيت علاجاً وهمياً، وقد وُجد أن تواتر وشدّة ومدّة نوبات الشقيقة قد انخفضت بحدود النصف في مجموعة الريبوفلافين لدى 59% من المشاركين. كما اقتصرت الآثار الجانبية على أعراضٍ طفيفةٍ من الإسهال والبوال لدى شخصين فقط من مجموعةِ الريبوفلافين. كما توصّلت دراسةٌ أخرى أجرتها المجلة الأوروبية لعلم الأعصاب إلى انخفاضٍ في مدّة نوبات الشقيقة من أربعة أيام باشهر إلى يومين فقط، كما انخفض تعاطي المرضى للأدوية بنسبة 33%.
وبشكلٍ عام، يمكن تناول مكمّلات الريبوفلافين إما بجرعاتٍ منخفضةٍ بحدود 15 ملغ وثلاثَ مراتٍ يومياً، أو بجرعات عالية 400 ملغ/يوم ولمرّة واحدة، ونظراً لتجاوز هذه الجرعة الحدَّ المنصوحَ به للبالغين، فينصح بتناولِها منفردةً وليس على شكل مكمّلاتٍ متعددة الفيتامينات، بغيةَ تجنّب خطر زيادةِ الجرعة من الفيتامينات الأخرى وما يظهر عنها من آثارَ جانبيةٍ خطيرة، علماً أن هذه الجرعة تسبب تحول لون البول إلى الأصفر المائل للبرتقالي. ولا توجد خطورةٌ على المرأة الحامل من تناول هذه الجرعات ولكن يُنصح مع ذلك باستشارةِ الطبيب قبل البدء بتناولها.
تجدرُ الإشارة إلى أنَّ التحسّن يتطلّب تناول جرعات الريبوفلافين لمدة 3 أشهرٍ على الأقل باستمرار حتى تبدأ النتائج بالظهور. كما يمكنكم زيادة مدخولكم من الفيتامين B2 عبر تناول الأغذية الغنية بهذا الفيتامين وخاصّةً اللحوم والبيض والبقوليات. ويمكنك التعرّف على وظائف هذا الفيتامين وجميع مصادرِه الغذائية من خلال مقالنا السابق هنا.
ثانياً - المرافق الإنزيمي Q10 ((Coenzyme Q10:
وهو مرافقٌ إنزيمي داخلي تصنعُه جميعُ خلايا الجسم، ويعمل على تحسين عملية استقلاب الطاقة في الدماغ والعضلات بشكلٍ مشابهٍ للفيتامين B2، فضلاً عن دخول الفيتامين B2 في تركيب هذا المرافق الإنزيمي، مما شجّع على اختبارِ فعاليّته في علاج الشقيقة، خاصّةً بعد أن توصّل العلماء بنتيجةِ دراسةٍ أجروها على أكثر من 1500 شخصٍ مصابٍ بالشقيقة متوسّط أعمارهم 13.3 أعوام، إذ لاحظوا أن مستويات الكوإنزيم Q10 كانت أقل من الحدود الطبيعية لدى حوالي 33% من المشاركين.
وفي تجربةٍ أخرى، أُعطي 31 مصاباً بالشقيقة كمية 150 ملغ/اليوم من الكوإنزيم Q10 لمدة 3 أشهر، لوحظَ بعدها أن التحسّن بلغ 50% في مدة النوبات الشقيقة لدى ما يقارب ثلثي المرضى دون أيّ أعراضٍ جانبيةٍ.
وبشكلٍ عام تتراوحُ الجرعة التي يمكن تناولها بين 150 ملغ/اليوم، وصولاً إلى 300 ملغ يمكن توزيعها على شكل 100 ملغ/3 مراتٍ باليوم، كما يمكنُ استخدامُه من قِبل الأطفال دون سنّ الثانية وبشكل آمن كلياً.
ملاحظات:
♦ ينبغي على النساءِ الحوامل والمرضعات عدم تناول هذا المرافق الإنزيمي.
♦ كما يُمنعُ استخدامه مع أدويةِ القلبِ، ومضاداتِ الحموضة، والمسهّلاتِ، وأدويةِ الرّشح وغيرها إلّا بعد استشارةِ الطبيب المختص.
وبدلاً عن المكملات الغذائية للكوإنزيم Q10، يمكن زيادةُ المدخول اليومي منه عن طريق تناول اللحوم (وخاصّةً لحم البقر)، وأسماك المياه الباردة مثل الطون والسلمون، والفول السوداني، وفول الصويا، والخضروات ذات اللون الأخضر الداكن.
أخيراً، لا بدّ من الانتباه في حال كانَ أحد المصادرِ الغذائية عاملاً محرّضاً لنوبات الشقيقة لدى المريض، خاصّةً في حال رغبتِه بالحصول على هذين العنصرين من مصادرِهما الغذائية.
المصدر: