الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
تتبع شوارد الألمنيوم في المياه المعالجة بسرعة، وفاعلية
حتى تصل المياه الخام نقيّة صحيّة وآمنة إلى المنازل، يجب أن تخضع لمعالجة في محطات خاصة بتنقية المياه، وإذا احتوت هذه المياه الخام على جزيئات غير منحلة صغيرة جداً أقطارها بين النانومتر والميكرومتر أو ما يسمى بالمواد الغروية colloids، فلا بدّ من إزالتها قبل أن تصل إلى صنابير المياه في المنازل. تتم إزالة المواد الغروية والتي تكون في حالة معلقة ضمن المياه، باستخدام موادٍّ كيميائية تقوم بتجميعها وتكتيلها على شكل ندفٍ كبيرةٍ لها كثافة أكبر من كثافة المياه مما يسهّل عمليّة ترسيبها لاحقاً للتخلص منها.
تدعى هذه المواد الكيميائية بالمخثّرات coagulants، ومن أبرز المخثرات استخداماً في مجال معالجة مياه الشرب؛ الألمنيوم متعدد الكلور Polychlorinated aluminum، والذي يستخدم على نطاق واسع في أنحاء العالم، إلا أن شوارد الألمنيوم التي تبقى في المياه بعد استخدام هذا المخثر قد تكون سامّة للأسماك، ومعيقة لنموّ النباتات، لذلك تنصّ المعايير القياسية اليابانية في قانون الأعمال المائية على ألا يزيد تركيز الألمنيوم في المياه عن 0.1 جزءاً في المليون (أي جزءاً من الألمنيوم مقابل 10 مليون جزء من المياه مساوٍ له في الحجم).
بعد إضافة المخثر إلى المياه المراد معالجتها، تنتشر في هذه المياه أنواع مختلفة لشاردة الألمنيوم، وتُستخدم طريقة فيرون ferron لقياس تركيز هذه المركبات، والتي تعتمد على استخدام أصباغ وأجهزة للامتصاص، ورغم أنها واسعة الانتشار في أنحاء العالم، إلا أن لديها عيوباً أبرزها الزمن الطويل اللازم لقياس التراكيز والذي يستغرق ساعات عدة، إضافة إلى النتائج التي غالباً ما تحتوي على أخطاء.
أما الآن، فقد تمكن فريق بحثي من جامعة كوبي اليابانية من تطوير طريقة تحليلية جديدة تعتمد على الحقول المغناطيسية للقيام بقياسات سريعة ودقيقة لتركيز الألمنيوم المستخدم في تنقية مياه الشرب، ويمكن أن تستخدم نتائج عملهم لتطوير مخثرات فعّالة وصديقة للبيئة قابلة للاستخدام في معالجة المياه.
قام فريق البحث بتحسين المعدات المستخدمة في الرنين المغناطيسي النووي NMR، لتطوير الطريقة التحليلية الجديدة التي أسموها "مطيافية الرنين المغناطيسي النووي الكمي 27 Al qNMR، والتي ستستخدم لقياس تركيز كل مركب من مركبات الألمنيوم ضمن المياه.
في طريقة الرنين المغناطيسي النووي، تتحلّل المركبات الجزيئية عند المستوى الذري عبر وضع النوى في حقل مغناطيسي ثم تسجيل تواتر رنينها. وتستخدم أغلب عمليات التحليل نوى ثنائية الأقطاب تشمل الكربونات والبروتونات، إلا أن الطريقة الجديدة تستخدم نوى رباعية الأقطاب من الألمنيوم، وهي أول مثال مسجّل في العالم لاستخدام مطيافية رنين مغناطيسي نووي ثابتة الكمية، وقائمة على نوى رباعية الأقطاب. تتميز الطريقة الجديدة بدقة كبيرة في القياسات، حيث يمكن حساب تركيز الأصناف المختلفة لشوارد الألمنيوم ضمن هامش صغير جداً من الخطأ في جميع مجالات درجة الحموضة pH، والأهم من ذلك سرعة القياس فيها، فهي لا تستغرق أكثر من ثلاثة دقائق فقط.
استخدم الفريق الطريقة الجديدة لإجراء تحاليل على الحمأة المتكتلة بما فيها شوارد الألمنيوم بعد أن تمت إضافة مخثر الألمنيوم متعدد الكلور إلى المياه المراد معالجتها، وتبيّن للباحثين أنه لدى وجود تراكيز عالية لشوارد الألمنيوم في المياه، تتشكل بعد 100 دقيقة تقريباً كتلة من مركب K-Al13 السام جداً للكائنات الحية، فيما تحدث البلمرة بعد مضي بضعة أشهر، وفق ما يظهر المخطط التالي.
يؤكد الباحثون أهمية هذه الطريقة التحليلية الجديدة، فمن جهة جعلت قياس تراكيز شوارد الألمنيوم في المياه أكثر سهولة، ومن ناحية أخرى مكّنت الفريق من توضيح التغيرات البنيوية التي تحدث في شوارد الألمنيوم مع الزمن.
وبتمكن الباحثين من المراقبة السريعة لتغير شوارد الألمنيوم مع الزمن، سيكون بمقدورهم حماية البيئة من التأثير السام لشوارد الألمنيوم بخلاف الطريقة القديمة التي تستهلك ساعات لقياس هذه التراكيز، وستقود هذه النتائج بلا أدنى شكّ لإنتاج مخثرات أكثر فعالية على المواد الغروية، وعالية الأداء، وصديقة للبيئة.
المصادر: