الموسيقا > القوالب الموسيقية
القوالب الموسيقية الغربية: قالب السكرتزو
السكرتزو "Scherzo" وجمعها سكرتزي "Scherzi"؛ وهي كلمة إيطالية تعني "مزحة" أو "أنا أُداعب" وهي مرتبطة بجذر الفعل الإيطالي نفسه "scherzare"، والذي يعني (مزح-مداعبة) أو (لعب)، وتُستعمَلُ الكلمة المشتقة منه أيضًا "Scherzando" بمعنى (مزاح) في التَّنويط الموسيقى؛ إذ يضع المُؤلِّف هذه الكلمة عند مقطع معين يريد مِن العازف عزفه بطريقة مرحة، وتكون عادةً بإيقاع ثلاثي 3/ 4 او 3/8 .
وقد استُعمِلَ قالب السكرتزو في الموسيقا استعمالًا مُتكرِّرًا بداية في الأنماط الموسيقية مثل الرباعيات الوتريَّة ومن ثم في السوناتا والسيمفونية، في الحركة الثالثة أو التي قَبل الأخيرة في الأعمال ذات الأربع حركات. ولقد اختلَفَ تعريفُ السكرتزو في الأحقاب الموسيقية؛ إذ استُعمِلَت في موسيقا حُقبة الباروك وقد أُطلِقَ عليها في ذلك الوقت "النَّكات أو المزحات المُوسيقيَّة" scherzo musicali وكانت عبارة عن مقطوعات خفيفة وقصيرة، ومِن مُؤلِّفي حقبة الباروك الذين استخدَمُوا هذا النَّمط:
- كلاوديو مونتيفيردي: كان له مجموعتان من الأعمال بهذا الاسم؛ مجموعة كانت عام 1607، ومجموعة عام 1632.
- أنتونيو برونيلي.
- يوهان شينك.
وفي القرن التَّاسع عشر أُلِّفَتْ أعمالٌ أوركستراليَّة كاملة من هذا النَّمط وفي السمفونيات والسوناتات؛ إذ استُبدِلَت السكرتزو المنويت الحركة الثالثة في القرن الثَّامن عشر، فَقَد أضافَت السكرتزو بسرعتها ونشاطها عنصر المفاجئة والحيوية لهذه الأعمال.
واحتَوت السكرتزو كقالبٍ مُوسيقيٍّ على أجزاء متباينة؛ إذ كان لها الشكل الموسيقي المعروف بـ ABA؛ أي إنَّ لدينا لحنًا معيَّنًا وهو الجزء A، ثم يأتي لحن آخر وهو B، ثم يعود اللحن الأول A، ويُمكِن للمؤلِّف أن يُطيلَ هذا الشَّكل وتصبحَ بالشَّكل ABABA. وكانت السكرتزو عادة تحتوي داخلها ثلاثة مقاطع وهي تأتي بالتَّرتيب: سكرتزو، تريو، سكرتزو.
ولكنْ تعقَّد هذا الشكل بعض الشيء عند بعض المُؤلِّفينَ الكبار مثل بيتهوفن، كمثال على ذلك؛ لنلقِ نظرةً على السكرتزو في رباعيتِه الوتريَّة رقم واحد مصنف 18، يمكن ملاحظة أنَّ بيتهوفن تلاعب قليلًا بما نتوقَّعهُ من السكرتزو العادية؛ إذ غيّر النسب المتوقَّعة لهذا القالب، فنرى عند وصوله إلى القسم الخِتَامي "Coda" في المقطع الأوَّل يظهر لنا الشكل A مرة أُخرى عند الميزور 51 وكأنَّهُ يريد أن يعيد صياغته، ولكن شَكل الكودا يتفوَّق على الشَّكل A ويأخذُ التأليف منحى آخر، وتدخل التريّو ثم تعود السكرتزو مرة أخرى وتكون الذروة عند نهاية الكود؛ إذ تنتهي القطعة الموسيقية.
لم ترتبط السكرتزو في القرن التاسع عشر بالأعمال الكبيرة كالسمفونيات والسوناتات ولكنها بقيت على شكلها الموسيقي الرشيق والسريع والمرح؛ ولكن تطورت مع الوقت؛ إذ يمكن سماع مقطوعات السكرتزو لشوبان ذات الحس الدرامي والمزاجية بعض الشيء فتترواح من المرح إلى الكئيب السوداوي قليلًا مع مقاطع تريو لحنية أكثر.
وقد تطوَّرت السكرتزو مع مرور الوقت؛ إذ يمكننا سماع سكرتزو إيغور سترافينسكي في القرن العشرين الذي كتب سكرتزو روسية Scherzo a la Russe والتي وزعت لفرقة جاز ثم لأوركسترا كاملة.
يمكِن القول إنَّ قالب السكرتزو له روح مرحة، ومحرَّرٌ من القيود قليلًا مقارنةً بالقوالب الأخرى التي تكون مرتبة ومعقَّدةً أكثر، ويمكن الإحساس بروحه الرَّاقصة المرحة.
بعض الأمثلة:
Scherzo a la Russe:
Ludwig van Beethoven String Quartet In F Major،Op.18،No.1 III.Scherzo:Allegro molto
المصادر:
Spring، G. Hutcheson، J (2013). Musical Form and Analysis: Time، Pattern، Proportion. Long Grove، Illinois: Waveland Press. 111-114