الهندسة والآليات > التكنولوجيا
شحن الهاتف المحمول لاسلكياً أصبح حقيقة مع تقنية Wi-Charge
لا تزال عمليةُ شحنِ الهواتفِ المحمولةِ مشكلة حقيقية في عالم الأجهزة اللاسلكية، فالكثير منا يعاني من بطء عمليةِ الشحنِ لجهازه المحمول، أو غياب وسيلة الشحن في الكثير من الحالات، أو الحاجة لنوع أكثر استقلالية من سلك الشحن أثناء العمل على الهاتف المحمول خلال شحنه. لذا تتطلعُ شركةُ اليوم شركة "Wi-Charge" لتزويدنا بتقنية جديدة تسمحُ لنا بشحنِ هواتفنا المحمولة لاسلكياً بشكل مستمرٍ وثابتٍ، فما هي هذه التقنية؟
تنقسمُ تقنيات النقل بالطاقة اللاسلكية اليوم إلى فئتين رئيسيتين هما:
- تقنية الحقل القريب (عدة سنتمترات أو يمكن أن تتطلب تلامساً فيزيائياً).
- تقنية الحقل البعيد (عدة أمتار أو أكثر).
يوجدُ العديدُ من الشركاتِ التي تدعمُ تقنية الحقل القريب من أجل النقل اللاسلكي للطاقة ضمن المجال القريب، ومنها Qi، PMA/Rezence و Open Dots، لكنّ جميع تقنيات نقل الطاقة اللاسلكية التجارية المعروفة عن طريق الحقل القريب تستخدم إمّا الاقتران المتطابق (اتصال فيزيائي مباشر وقريب جداً) بين المرسل والمستقبل، أو الاقتران المتباعد (دوائر طنين) الّذي يُمكنه تأمين اتصال بين المرسل والمستقبل لمسافة تصل لعدة سنتمترات. وفي كلا الحالتين يجب أن يكون كل من المرسل والمستقبل قريبين من بعضهما قدر المستطاع.
على الجانب الآخر، لا تزال تقنية الحقل البعيد في مراحلها الأولى على الرغم من محاولة بعض الشركات الناشئة مثل uBeam، Energous خطو خطوات مهمة في هذا المجال، وفي معظم الحالات فإن جميع المقاربات الخاصة بتقنية الحقل البعيد لا تزال محدودة في كل من الطاقة المنقولة والمسافة اللازمة لنقلها.
تَعتَبِرُ شركة Wi-Charge أنّ حلّها الخاص-المتمثل بتكنولوجيا نقل الطاقة لاسلكياً باستخدام ليزر الأشعة ما دون الحمراء-هو حلّ كافٍ للتغلب على منافسيها في سوق نقل الطاقة لاسلكياً اليوم. أمّا عن أصل الفكرة الخاصة بهذه التقنية فيجيبنا عن هذا السؤال أورتال ألبيرت، وهو مؤسس شركة Wi-Charge والّذي عمل لسنوات كمهندس بصريات لتطوير حلول تخزين بصرية لشركته، فخلال تنقلاته الكثيرة كان بحاجة دوماً لشحن هاتفه المحمول، وبناءً على خبرته الطويلة في مجال البصريات، قام بتطوير تقنية جديدة للشحن اللاسلكي تستخدم ليزر الأشعة ما دون الحمراء، وتعتمد على فكرتين فريدتين من نوعهما مكنتاه من الحصول على براءة اختراع.
قبل التكلم عن هاتين الفكرتين المميزتين، علينا أولاً أن نفهم آلية عمل الليزر. فالليزر يوصف عادة على أنه جهاز يقوم بعكس الضوء بين زوج من المرايا على حدٍ سواء، حيث تقوم كل مرآة بتضخيم الأشعة الواردة، وعكسها حسب زاوية الورود إلى مرآة أخرى وهكذا، وتكون إحدى هاتين المرآتين شفافية جزئياً بحيث تسمح بتسرّب بعض الأشعة الضوئية الواردة على شكل أشعة ليزر.
إن فكرة Wi-Charge الرائعة اعتمدت على هذه الآلية-الّتي تُطَبّقُ غالباً بين مرآتين في جهاز مغلق-وحولته إلى جهاز مفتوح حيث توضع إحدى المرايا على سبيل المثال في موقع ضوئي ثابت في سقف الغرفة، بينما تكون المرآة الأخرى موجودة في الجهاز المحمول.
يمكن لبعض أنواع الليزر القويّة أن تكون خطرة، إلا أن Wi-Charge يستخدم الصنف الأول من ليزر الأشعة ما دون الحمراء (ليزر آمن تماماً وفق شروط الاستخدام الطبيعي). والأكثر أهمية من ذلك أنّ أي جسم يقطع شعاع الليزر سيؤدي إلى تشتيت الشعاع وتوقف نقل الطاقة.
إن الفكرة الثانية الفريدة من نوعها تتضمن ما يجب فعله للحفاظ على جودة الاتصال بين المرسل والمستقبل. ولذا قامت شركة Wi-Charge باستخدام تصميم مرايا عاكسة رجعية بدلاً من المرايا التقليدية. وهذه المرايا تقوم بعكس الضوء بشكل شبه كامل بمقدار ضئيل جداً من الضياع في الحزمة الضوئية.
إحدى العيوب الرئيسية التي تواجه الشحن باستخدام ليزر الأشعة ما دون الحمراء، هو حتمية وجود خط نظر بين المرسل والمستقبل. وهذا يعني أنك لن تكون قادراً على شحن هاتفك المحمول في جيبك، بل تحتاج لوضعه على الطاولة بشكل يواجه مصدر الشحن الليزري. ووفقاً لمؤسس الشركة ألبرت فإننا نستخدم هواتفنا المحمولة كل 15 دقيقة كمعدل وسطي؛ لتفقد حسابات التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني الخاصة بنا. وهذا يعني أنه في الأوقات الأخرى يمكن وضع الهاتف على الطاولة ليكون جاهزاً لبدء عملية الشحن اللاسلكية.
إحدى أهم مزايا تقنية Wi-Charge هو قدرتها على تقديم مجال واسع من الطاقة، يبدأ من عدة ميللي واط لتزويد الحساسات بالطاقة، وتصل إلى مئات الواطات لتستخدم في التطبيقات الصناعية والعسكرية. أما بخصوص التطبيقات التجارية وسوق الهواتف المحمولة فمن المتوقع أن تبدأ الشركة العمل بنظام ذو استطاعة تصل لـ 10 واط.
يوجد أيضاً ميزة أخرى لتقنية Wi-Charge فالمستقبل الخاص باستقبال الحزمة الليزرية الحاملة للطاقة صغير جداً (بحجم كاميرا الهاتف المحمول)، ومع ذلك بإمكانه استقبال طاقة الشحن على مسافة تصل لـ 10 أمتار.
إن مفهوم أشعة الطاقة الليزرية ليس مفهوماً جديداً. فالباحثون في مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لناسا، وبالتعاون مع جامعة ألاباما قاموا بتشغيل طائرة صغيرة استطاعت التحليق باستخدام قوة الدفع من الأرض، وبمصدر أشعة ليزر تحت الحمراء بقدرة 1 كيلوواط، واستطاعت العودة بسلام للأرض في العام 2003.
في حالة الاستخدام النموذجية للتقنية الجديدة، فإنه يجب على مرسل وحيد مثبت ضمن موقع محدد ضمن الغرفة أن يكون قادراً على شحن أربعة أجهزة هاتف محمول سوية داخل الغرفة. وفي المعرض الخاص بهذه التقنية الذي افتتحته الشركة، فإن النموذج الموضوع كان يتضمن مرسل مثبت وهاتفاً محمولاً مع صندوق خاص يتضمن مرآة وخلية فوتوفولطية. وكان الجهاز قادراً على الشحن من مسافة تصل لثلاثة أمتار. ولكن الهاتف المُطوَّر كان أبطَأ في عملية الشحن من الهاتف المتصل بشاحن كهربائي سلكي. وفقاً لشركة Wi-Charge فإن المنتج النهائي سيكون قادراً على شحن هاتف ذكي أو مشغل موسيقى أو مكبر صوت بدون بطاريات.
من المتوقع أن يُرى أول منتج مزود بهذه التقنية الجديدة النور في أواخر هذا عام 2016، ومن المتوقع أن يكون جزءاً من إنترنت الأشياء "Internet of Things". وفيما بعد تخطط الشركة لإطلاق حل جديد لشحن الهواتف المحمولة، وسيتضمن جهاز إرسال يمكن شراؤه من المحال التجارية بسعر يصل لـ 200 دولار أمريكي.
تُعدّ هذه التقنية إحدى أهم التقنيات الّتي لطالما انتظرناها، وتمتد تطبيقاتها إلى مجالات واسعة يمكن أن تصل مستقبلاً إلى تزويد المكوك الفضائي بالطاقة اللازمة؛ لتشغيله دون الحاجة إلى إرسال مركبات فضائية لتزويدها بالوقود.
للتعرف أكثر على التقنية يمكن زيارة الموقع التالي: هنا
وللتعرف أكثر على تقنية الشحن اللاسلكي يمكن قراءة المقال التالي: هنا
المصدر: