الطب > علوم عصبية وطب نفسي
استسقاء الدماغ (كبر حجم الرأس) Hydrocephalus
الاسْتِسْقَاءُ الدماغي Hydrocephalus
غالباً ما يحدث استسقاء الدماغ عند الأطفال أو المسنين ممن تجاوزوا الستين عاماً، إلا أنه قد يُشاهد في جميع الأعمار.
وتذكر إحصائياتُ المعهد الوطني للاضطراباتِ العصبيةِ والسكتاتِ الدماغية National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS) أن واحداً أو اثنين من كل ألفِ طفلٍ يولد مع استسقاء الدماغ.
ولكن كيف يحدث استسقاء الدماغ وما هي آليته؟
في الحالة الطبيعية، يحيط السائل الدماغي الشوكي بالدماغ والنخاع الشوكي ليؤمِّن لهما الحماية والدعم ولكن، وفي بعض الحالات المَرَضية، تزداد كمية هذا السائل بشكل كبير فيُسبب توسع البُطينات الدماغية والتي بدورها ستُمارِس ضغطاً قد ينتهي بتأذّي النسيجِ الدماغي.
ولكن أولاً ما هي فوائد السائل الدماغي الشوكي وكيف يتراكم؟
يقوم هذا السائل بعدّة وظائف هامّة منها حمايةُ الدماغِ ودعمه وتخليصه من الفضلات وتأمين التغذية له، ليتمكن من أداء وظائفه على أكمل وجه.
يقوم الدماغُ بإنتاج سائلٍ دماغيٍ شوكيٍ جديدٍ باستمرار ويتم التخلّص من السائل الدماغي الشوكي القديم عبر امتصاصه إلى الأوعية الدموية لذلك فإن أي خلل في هذه العملية المنتظمة ستؤدي إلى تراكم السائل الدماغي الشوكي وحدوث الاستسقاء كما هو الحال في الحالات التالية:
- الاستسقاء غير المُتّصل (الانسدادي): وجود عائقٍ أو انسدادٍ على مسار السائل الدماغي الشوكي، مما يعيق جريانه الطبيعي.
- الاستسقاء المتصل (غير الانسدادي): لايوجد عائق هنا أمام جريان السائل، وإنما نقصٌ في قدرة الأوعية الدموية على امتصاصه.
- إنتاج كمياتٍ فائضةٍ منه.
إذا ما هي أسباب حدوث استسقاء الدماغ؟
قد يكون استسقاء الدماغ خَلقياً يُلاحظ منذ الولادة، ومن أسبابه بعض الاضطرابات الوراثية أو الاضطرابات التي تحدث أثناء تطور الجنين كالشوك المشقوق spina bifida ( خلل في عملية انغلاق العمود الفقري مؤدياً إلى قِيْلاتٍ سحائية و/أو دماغية) أو الإنتاناتِ التي يتعرّض لها الجنين في الحياة الرحمية كالحصبة والنكاف.
وكما قد يظهر الاستسقاء بعد الولادة ويدعى بالاستسقاء المكتسب، وهنا يمكن أن يحدث في أي مرحلة عمرية. ومن أبرز أسبابه رضوضُ الرأس والسكتات الدماغية والإنتانات (كالتهابات السحايا) والأورام والنزوف الدماغية (التي تشاهد عند الخدج خاصةً).
وأخيراً يوجد شكل خاص من الاستسقاء يشاهد بشكل خاص لدى المسنين، يُعرَف بالاستسقاء الدماغ سَوِيِّ الضغط، حيث لايترافق هنا تركم السائل الدماغي الشوكي بارتفاع الضغط داخل القِحْف. يتظاهر سريرياً بثلاثية تتكون من بطءِ الحركة والعَتَه واضطراب التحكم بالمصرات.
وأما بالنسبة للأعراض التي يعاني منها المصابون باستسقاء الرأس، فتتنوع بشكل كبير حسب فئاتهم العمرية.
- من أبرز الأعراض التي تظهر عند الأطفال الرضع:
انتباج اليوافيخ* وزيادة سريعة في محيط الرأس (والتي يساهم بها بشكل طبيعي، كون اليوافيخ ما تزال مفتوحة).
*اليوافيخ: ربما لمست في أحد الأيام رأس طفل رضيع ولاحظت وجود مكان طري لين في مقدمة رأسه، هذه هي اليوافيخ!، حيث يوجد في جمجمة الطفل يافوخان وهما عبارة عن فراغات غشائية ليّنة تتحول إلى عظام صلبة في المراحل اللاحقة من الحياة، وهما يافوخ أمامي (ينغلق ما بين الشهر 9 والشهر 18 ما بعد الولادة) واليافوخ الخلفي (ينغلق ما بين الشهر الأول والثاني من الحياة وقد يكون مغلقاً من الولادة).
انحراف العينين نحو الأسفل أو مايعرف أيضاً بعلامة غروب الشمس.
إقياءٌ وضعفُ رضاعة.
ضعف المقوية والقوة العضلية.
النوم الزائد والنعاس المستمر.
اختلاجات.
- أما بالنسبة للأطفال الأكبر فستظهر لديهم الأعراض التالية:
بكاء قصير وذو لحن عالٍ.
تغيرات في الشخصية.
صداع.
تشنجات عضلية.
تأخر نمو.
مشاكل في التغذية.
الهيوجية.
الغثيان والإقياء.
اضطراب التحكم بالمثانة.
اختلاجات وضعف القدرة على التركيز.
- وبالنسبة للكهول والبالغين فتلاحظ لديهم الأعراض التالية:
الصداع والغثيان والإقياء وتشوش الرؤيا واضطراب الذاكرة واضطراب التوازن واضطراب السيطرة على المثانة والمعصرة الشرجية.
هذا وقد يؤدي استسقاء الدماغ غير المعالج إلى أذية عصبية دائمة، كما قد يقود إلى مشاكل جسدية وعقلية، وقد يؤدي إلى الموت. أما في حال علاجه فهو ذو إنذار جيد عموماً.
كيف يتم تشخيص استسقاء الرأس؟
عندما يشك الطبيب باستسقاء الرأس يقوم بإجراء فحص سريريّ كامل باحثاً عن العلامات الموجهة للاستسقاء كبطء المنعكسات الوترية وزيادة محيط الرأس عن القيم الطبيعية وانتباج اليوافيخ.
وقد يطلب الطبيب إجراء فحص بالأمواج فوق الصوتية أو إجراء صورة رنين مغناطيسي MRI أو صورة طبقي محوري CT Scan.
لنتعرف الآن على أبرز أساليب وأهداف علاجه :
يهدف العلاج إلى الوقاية من تفاقم حدوث الأذية الدماغية ولكن، للأسف لا يمكن لعلاج استسقاء الرأس أن يسبب تراجعاً في الأذية الدماغية الحاصلة مسبقاً.
تعمل العلاجات المتبعة على إعادة الجريان الطبيعي للسائل الدماغي الشوكي وبكمياته الطبيعية وذلك باستخدام إحدى الوسائل التالية:
- إجراء تحويلة shunt: والتحويلة هي عبارة عن أنبوب طويل مزوّد بصمام تعمل كنظام تصريف للسوائل المتراكمة في الدماغ حيث يقوم الطبيب وعبر عمليّة جراحية بوصل إحدى نهايتي التحويلة حول الدماغ وتوصل النهاية الأخرى إلى التجويف البطني مثلاً ليتم تصريف الكميات الفائضة من السائل الدماغي الشوكي من حول الدماغ لتخرج إلى التجويف البطني حيث يتم امتصاصها والتخلص منها.
- فغر البُطينات: تجرى هذه العملية كخيار بديل لوضع التحويلة، حيث يقوم الطبيب بإجراء فتحة في قاع البطينات الدماغية لتصريف السائل الدماغي الشوكي خارج الدماغ.
ملخص المقال: ينجم استسقاء الدماغ عن تراكم السائل الدماغي الشوكي وله عدة أسباب كبعض الأمراض الوراثية والرضوض والإنتانات والسكتات الدماغية. وللأسف، فإن الاستسقاء يفضي إلى الموت ما لم يعالج. من أبرز أعراضه الصداع وتشوش الرؤيا وانتباج اليوافيخ عند الرضع واضطرابات التوازن واضطراب التحكم بالمثانة، وعادة يتم علاجه بوضع تحويلة جراحية لتصريف السائل الدماغي الشوكي خارج القحف وتخفيف الضغط عن الدماغ.
المصادر: